• Sunday 19 May 2024
  • 2024/05/19 16:44:47
{بغداد: الفرات نيوز} انحراف الأحداث وتشردهم من الظواهر المنتشرة والتي تعاني منها الكثير من دول العالم ‏لاسيما العراق، وهي ظاهرة خطيرة وملازمة لنمو المدن والتوسع الحضاري.‏

ويرجع مختصون انتشارها إلى أسباب اقتصادية وثقافية واسرية ونفسية محيطة بالأطفال الذين ‏يتخذون الاماكن العامة كالحدائق أو أماكن مهجورة مأوى لهم ما يشكل خطرا كبيرا على ‏المجتمع كونهم يخالطون المشبوهين والمنحرفين.‏
وتقول قاضي محكمة تحقيق الاحداث في محكمة استئناف بغداد - الكرخ هناء عباس إن ‏‏"المشرع العراقي عالج ظاهرة التشرد في قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 في ‏المواد (24و 25 و 26 و 27 و 28) منه حيث يعتبر الصغير أو الحدث مشردا اذا وجد ‏متسولا في الاماكن العامة أو تصنع الاصابة بجروح أو عاهات أو استعمل الغش كوسيلة ‏لكسب عواطف الجمهور بقصد التسول، واذا مارس متجولا صبغ الاحذية أو بيع السكائر أو ‏اية مهنة اخرى تعرضه للجنوح وكان عمره اقل من خمس عشرة سنة".‏
وتضيف عباس في مقابلة مع "القضاء" أن "كل شخص لم يكن له محل إقامة معين أو اتخذ ‏الأماكن العامة مأوى له، ولم تكن له وسيلة مشروعة للتعيش وليس له ولي امر أو مرب، ‏وترك منزل وليه أو المكان الذي وضع فيه بدون عذر مشروع، كما يعتبر الصغير مشردا اذا ‏مارس أية مهنة أو عمل مع غير ذويه".‏
وبينت أن "المادة (25) اعتبرت الصغير أو الحدث منحرف السلوك إذا قام بأعمال في اماكن ‏الدعارة أو القمار أو شرب الخمور ومخالطة المشردين أو الذين اشتهر عنهم سوء السلوك"، ‏مبينة أن "المادة (26) اشارت إلى أنه اذا وجد الصغير أو الحدث في الحالات المبينة للمادتين ‏‏(24و25) من هذا القانون فان قاضي التحقيق يحيله لمحكمة الأحداث التي تصدر قرارها ‏النهائي بعد تسلم تقرير مكتب دراسة الشخصية والذي نص على تسليم الصغير أو الحدث الى ‏وليه ليقوم بتنفيذ ما تقرره المحكمة من توصيات في ضوء تقرير مكتب دراسة الشخصية ‏لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب، وكذلك تسليم الصغير او الحدث عند ‏عدم وجود ولي له الى قريب صالح بناء على طلبه، إضافة إلى انه يجوز للمحكمة ان تقرر ‏متابعة تنفيذ التعهد من قبل مراقب السلوك".‏
ولفتت قاضي محكمة تحقيق الأحداث إلى أنه "في حال أخل الولي أو القريب بشروط التعهد ‏الذي تم بموجبه تسليم الحدث أو الصغير اليه فعلى المحكمة الزام المتعهد بدفع مبلغ الضمان ‏كلا او جزءاً، وايداع الصغير أو الحدث في دور الدولة المخصصة لكل منهما المنصوص ‏عليها في قانون الرعاية الاجتماعية أو اية دار اجتماعية اخرى حددت لهذا الغرض، مؤكدة أنه ‏‏"اذا كان الصغير أو الحدث المشرد مصابا بتخلف عقلي فعلى محكمة الاحداث أن تقرر إيداعه ‏في أحد المعاهد الصحية أو الاجتماعية المعدة لهذا الغرض".‏
وتابعت القاضي هناء عباس أن "المادة (27) أشارت إلى أنه اذا ظهر للصغير او للحدث ‏المودع وفقا لاحكام المادة (26) من هذا القانون قريب له وطلب تسليمه اليه فعلى محكمة ‏الاحداث بعد مراعاة مصلحة الحدث ان تسلمه اليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد ‏مالي مناسب، كما يجوز للمحكمة أن تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك أو باحث ‏اجتماعي لمدة تنسبها، واذا لم يظهر للصغير او الحدث قريب وطلب شخص مليء (غني ‏مقتدر) متحد في الجنسية والدين مع الصغير أو الحدث تسليمه اليه لتربيته وتهذيبه، فلمحكمة ‏الاحداث ان تسلمه اليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب وعلى ‏المحكمة ان تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك او باحث اجتماعي لمدة تنسبها".‏
فيما يقول القاضي كاظم الزيدي إن "الأطفال هم الضحية الاكبر للتشرد بعدما ازدادت هذه ‏الظاهرة في الكثير من المدن مستغلين ذلك (الطفل) لعوامل اجتماعية ونفسية، الامر الذي ‏يؤدي الى انحراف السلوك، فيما يعتبر الصغير أو الحدث منحرف السلوك عند قيامه بالعمل ‏في اماكن الدعارة أو القمار أو شرب الخمور ومخالطة المشردين أو الذين اشتهر عنهم سوء ‏السلوك وكان مارقا على سلطة وليه والاخطر من ذلك استغلال هؤلاء الأطفال جنسيا وهذا ما ‏يدفع إلى القلق ويتوجب على الجهات المختصة للبحث عن الحلول المناسبة للقضاء أو الحد من ‏هذه الظاهرة ".‏
وأضاف الزيدي أنه "من اجل اتخاذ التدابير التأديبية والجزائية لاعادة تكييف الحدث مع ‏مجتمعه ومن اجل اصدار قرار سليم و ملائم لخطورة المتهم المنحرف فيحتاج ذلك الى دراسة ‏شخصيته الشاملة منها الاجتماعية والنفسية والطبية والبدنية كي تسهل مهمة القاضي"، مبينا ‏أن "شرطة الأحداث تتولى البحث عن الصغار الضالين والهاربين من أسرهم في اماكن جذب ‏الاحداث كالمقاهي ودور السينما وتقوم بإبعادهم عن المناطق الخطرة وإيصال الحدث إلى ذويه ‏ويتم فور القبض عليهم إحضارهم أمام قاضي تحقيق الأحداث وتسليمهم الى ذويهم كونها ‏ظاهرة مؤسفة وتمثل خطورة اجتماعية تنذر بوقوع الجريمة".‏
وتابع أن "هناك وسائل وقائية يجب القيام بها لحماية الحدث من التشرد وهذه الوسائل لابد من ‏اتباعها جهات ذات علاقة تبدأ من الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية وإتباع أساليب ‏وقائية حديثة للحفاظ على الحدث والمتشرد من خلال الرعاية الصحية والرعاية التربوية ‏والاقتصادية وتوفير العيش السليم بعيدا عن التفكك والتصدع العائلي واستقرار الوضع ‏الاقتصادي للاسرة وحسن سيرة وسلوك الوالدين وترسيخ هذه الخلق في ابنائهم كون الاسرة ‏الخالية من الانحرافات هي الوسيلة الوقائية لحماية الحدث من التشرد، كما يجب الاهتمام ‏بالمؤسسات التي تعنى بالاحداث والتمييز بين الانحراف والجريمة".‏
كما يؤكد القاضي كاظم الزيدي أن "للبحث الاجتماعي دورا كبيرا من خلال التقرير المفصل ‏لمعرفة ظروف معيشة الحدث والتي ادت الى تشرده، كما يجب الاهتمام بالبحث الاجتماعي ‏المتواجد في المدارس وتفعيل دوره وزيادة اعداد الباحثين الاجتماعيين والاهتمام بالكوادر ‏العاملة بالمؤسسات الاجتماعية والمؤسسات الاصلاحية الخاصة بالاحداث خاصة ان الحالات ‏التي اوردها قانون رعاية الاحداث العراقي بشان الحدث المشرد ومنحرف السلوك لم يكن ‏طرح تلك الحالات جزافا وانما هي وليدة البيئة بحيث اوجد معالجة لتلك الحالات وفقا للقانون ‏ولم يقتصر على المعالجة وانما سعى الى الوقاية وحماية الحدث من الجنوح".‏
بدورها تتحدث الباحثة الاجتماعية في محكمة الاحوال الشخصية في الكرخ السيدة وئام حاتم ‏عن ان "بعض الجهات الحكومية تتحمل مسؤولية زيادة حالات المشردين في البلد لعدم ‏احتضانهم وتقديم كل ماهو مطلوب لهم من خدمات ومأوى وغيرها من التفاصيل ليتماشى مع ‏الحياة اليومية ، الامر الذي يؤدي الى استغلالهم من قبل الجماعات الارهابية والمتطرفة ‏والعصابات المنظمة ما يؤثر بشكل واضح على شرائح كبيرة من المجتمع لوجود قسم  كبير ‏منهم دون راتب وعدم شمولهم باجراءات شبكة الحماية الاجتماعية فضلا عن انتشار الجهل ‏والتخلف كون اغلب المشردين تاركين للدراسة ولا يجيدون القراءة والكتابة ، فضلا عن هناك ‏اسباب اخرى تتمثل بفقدان الاب نتيجة الوفاة أو الحروب أو الحوادث الارهابية"، مبينة أن " ‏للحد منها أو التخفيف يتطلب تضافر الجهود من خلال الخطط المعدة والكفيلة من الجهات ‏المسؤولة لانتشال هؤلاء وتوفير بيئة مناسبة لهم".‏

عمار المسعودي
 

اخبار ذات الصلة