• Monday 20 May 2024
  • 2024/05/20 03:07:01
{بغداد: الفرات نيوز} تتجه الأنظار اليوم الخميس صوب الحوار الثنائي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، وما سيظهر من مخرجات هذا الحوار في الساعات المقبلة.

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دعا في السابع من نيسان/أبريل الماضي إلى "حوار استراتيجي" بين الولايات المتحدة والعراق للبحث في مستقبل العلاقة بين البلدين.
ويرمي الحوار، الذي سيكون عبارة عن سلسلة من الاجتماعات بين كبار المسؤولين الأمريكيين والعراقيين ويرجح ان تكون عبر تقنية الفيديو بسب جائحة كورونا، إلى وضع كافة جوانب العلاقة الأمريكية-العراقية على طاولة الحوار. 
وعزّز تحديد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمس "السيادة وتحديد مصلحة العراق" عنوانين رئيسيين للحوار، النقاش الدائر بين القوى السياسية حول الأولويات المتباينة لهذا الحوار.
ولم تتوقف الكتل والأحزاب منذ أيام عن طرح مواقفها ورؤيتها للشروط والثوابت التي يجب أن تأخذها بغداد بعين الاعتبار في حوارها مع واشنطن المقرر انطلاقه اليوم، وسط تكهنات بأن تكون ملفات الإرهاب والفصائل المسلحة والدعم المالي الأميركي وعمل التحالف الدولي على رأس أولويات المحاور العراقي، باعتبار أن داعش ما زال يمثل تهديداً جدياً للأمن.
وأكد مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن جميع تفاصيل الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الذي ينطلق اليوم الخميس "واضحة ولا خفايا فيها".
وقال هشام داود في تصريح صحفي إنّ "الحوار المرتقب بين العراق والولايات المتحدة ليس فيه شيء مخفي، لاسيما وأن العراق يمتلك علاقات وديّة مع الولايات المتحدة".
وأشار داوود الى أن "العراق لديه أيضا علاقات عسكرية مع الولايات المتحدة، وأن الحكومات المتعاقبة في العراق كانت قد طلبت من واشنطن مساعدة العراق عسكريا في الحرب ضد عصابات داعش الإرهابية، واليوم فإن حكومة الكاظمي تؤكد أنّ العراق بات يمتلك إمكانيات وقدرات عسكرية وأمنية لمواجهة المخاطر والتحديات داخل البلد ومواجهة الإرهاب، وأن العراق ربما ليس بحاجة الى هذا العدد من القوات الاميركية" يشار الى وجود قرابة 5000 عسكري أميركي في العراق.
وأضاف مستشار رئيس الوزراء، "أن الحكومة العراقية تفكّر مع الولايات المتحدة على أنه آن الأوان لجدولة تواجد هذه القوات العسكرية على الأراضي العراقية، والتي جاءت بطلب من الحكومة العراقية العام 2014 ، على أن تبقى علاقات ودية ويستمر التعاون بين البلدين في مجالات التدريب والمعلومات الاستخبارية ومواجهة الإرهاب ومكافحة عمليات التهريب والتي تضر بالعراق"، مؤكدا "على ضرورة استمرار هذه العلاقات في جوانب عديدة أخرى وليست بالضرورة أن تقتصر حصرا على الجانب العسكري
وتشهد الساحة العراقية تبايناً كبيرا بين القوى السياسية في شأن الحوار ويعود هذا التباين إلى أن غالبيتها تنطلق في مواقفها من واقع مصالحها ورؤيتها وتحالفاتها الخاصة، وليس من واقع معرفتها الدقيقة بتفاصيل الحوار.
فرغم الكلام الكثير عن طبيعة الحوار والخطوط العامة التي يفترض أن تحكم أجندته، فإن الغموض ما زال يلفّ كثيراً من تفاصيله وحدوده، نظراً إلى حالة التكتم شبه المتعمد التي اتبعتها الدوائر الرسمية في واشنطن وبغداد بشأن التفاصيل الدقيقة للحوار، الثنائي بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية، وما سيظهر من مخرجات هذا الحوار في الساعات المقبلة.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية دانا الكاتب في حديث صحفي، إن "الحوار الستراتيجي بين بغداد وواشنطن لايمثل قضية من هو الأضعف او الأقوى ومن هو الغالب او المغلوب، بل هي قضية مصالح مشتركة، وهي خطة ستراتيجية لبناء علاقة جديدة مبنية على أساس تلك المصالح"، مبيّنا أنّ "هناك اتفاق الإطار الستراتيجي وقع بين البلدين سابقا، ومايجري اليوم هو وضع آلية تطبيق هذا الاتفاق وتفعيلها وفق إطار بناء علاقات صداقة وتعاون في مجالات عدة".
أما المحلل السياسي والخبير الأمني هشام الهاشمي، فيرى في مقال له أن الفصائل العراقية المسلحة وأحزابها "لم تعترض على الحوار من حيث أنه حوار"، مضيفا أنه رغم تهديدات هذه الفصائل "فإنها قد تكون غير جادة خاصة بعد زيارة اسماعيل قاآني الأخيرة إلى بغداد، التي أشعرت بغداد برغبة إيران في التهدئة وفي نفس الوقت لم تحمل تلك الزيارة أي رسائل معلنة أو سرية عن انتقاد إيران لمبدأ الحوار أو حتى انتقاد أسماء المحاورين العراقيين".
واسماعيل قاآني هو القائد الجديد لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويرى الكاتب أن فريق الكاظمي "يـتفهم شـكوكية الأحزاب السياسية الشيعية والفصائل المسلحة تجـاه النوايا الأمريكية"، وأنه كذلك يدرك "مدى قلق وحساسية الأحزاب والفصائل مـن الاتفاقيـة، لذا تتواصل الحكومة مع قادة الكتل لإحاطتهم بمجريات الحوار وتقدير الموقف بغية تهدئة قلقهم".
ويقول الهاشمي: "كل ما أستطيع قوله الآن هو أن هذه الحوارات التمهيدية سوف تكون جيدة، والعراق يمتلك خبراء ومحاورين قادرين على الخروج بمكاسب عديدة. لدي طمأنينة عالية حيال مهارة الفريق العراقي".
وبين إن "هذه الحوارات، ومن ثم الاتفاقية، تحسن الوضع من ناحية الهدف الذي نبتغيه كمصلحة عراقية خالصة".
ويرى محللون ان "للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية في العراق من أجل مواجهة مساعي روسيا والصين الرامية إلى بسط نفوذهما الاقتصادي والسياسي في البلاد. فالحكومتان الروسية والصينية تبذلان أساسًا جهودًا حثيثة من أجل تعزيز نفوذهما في العراق على حساب الولايات المتحدة".
وقالوا: "يمكن أن تفشل الاستثمارات المالية الأمريكية في العراق في حال حلّت الشركات الصينية أو الروسية محلّ الأمريكية، كذلك، ستترتب عن صورة تخلّي الولايات المتحدة عن العراق لصالح الروس والصينيين تداعياتٌ تتخطى الحدود العراقية، وسيكون ذلك إشارة لدول أخرى في المنطقة على أن الولايات المتحدة هي صديق لا يمكن التعويل عليه".
"أما النتيجة المحتملة الأسوأ بالنسبة لكل من العراق والمنطقة فهي حوار استراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق يعجز عن إنشاء علاقة مستقرة بين البلدين، ويمكن لنتيجة مماثلة أن تؤدي إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق ووقف كافة المساعدات الأمريكية أو حتى فرض عقوبات أمريكية على العراق" كما يرى محللون.
وأكد أستاذ الأمن الوطني حسين علاوي، رئيس "مركز الرؤى للدراسات الاستراتيجية المستقبلية"، في تصريح صحفي أن "الحوار الاستراتيجي مهم جداً للحكومة العراقية الجديدة بقيادة الكاظمي والولايات المتحدة التي تسعى إلى الحوار من أجل تثبيت قناعات وتغيير قناعات وتوسعة الفهم المشترك تجاه خارطة عمل تبدأ بحوار تكتيكي بعدة مراحل وينتهي باتفاق لتفعيل اللجان المشتركة الستة في الاتفاقية الاستراتيجية".
وأضاف علاوي أن "التركيز في هذه المرحلة للحوار العراقي - الأميركي على الملفات الاستراتيجية التي تمثل الأولوية {المالية، والتعليم العالي، والدفاع، والداخلية، والبنك المركزي، والصحة، والنفط} هو ما ينبغي أن يكون".
وقال أن: "الكاظمي سوف يكون دقيقاً جداً في التعامل مع هذا الحوار من حيث منظور القوى المؤيدة وقوى الممانعة له".
ورغم هذه التحديات، لا بدّ من الإشارة إلى أنه للعراق والولايات المتحدة إطار عمل قابلًا للتطبيق يمكنهما إجراء حوار استراتيجي من خلاله استنادًا إلى الاتفاقات القائمة بين الطرفين. فـ"اتفاقية وضع القوات" و"اتفاق الإطار الاستراتيجي" المشتركان بين الولايات المتحدة والعراق والموقّعان في كانون الأول/ديسمبر 2008 والمطبّقان في كانون الثاني/يناير 2009 يغطيان تقريبًا كافة مجالات التعاون المحتمل بين البلدين ويعالجان العديد من هذه المسائل.
ويشكل هذان الاتفاقان نقطة انطلاق جيدة لاستئناف الحوار بينهما بشأن التوقعات والالتزامات المتبادلة، فالعراق بحاجة إلى ولايات متحدة ملتزمة بأمنه، والولايات المتحدة بحاجة إلى عراق يعتبرها شريكًا وصديقًا في آن واحد.
وفي كافة الأحوال، يُعتبر الحوار الاستراتيجي نقطة الانطلاق المثلى، ولدى الطرفين كل الأسباب الوجيهة لرسم معالم علاقة جديدة يمكنها أن تؤدي إلى شراكة استراتيجية دائمة.انتهى
عمار المسعودي

اخبار ذات الصلة