وبعيداً عن العتاب الدائم بين المواطن ومسؤوله والذي يتضمن السؤال المتكرر {أين الصناعة؟ واين الزراعة؟ واين تعظيم الموارد وتعددها؟} فخلال الاشهر الماضية باتت رواتب الموظفين تشكل أزمة دائمة في البلاد كونهم اصحاب الدخل الثابت ورتبوا حياتهم على نظام معين تبعثر فجأة بعد ان صارت الرواتب تصرف كل 50 يوماً مما دخلوا صراعات جديدة مع {طالب الايجار} و {مالك المولد الكهربائي} و {صاحب الاسواق} وحتى مع عوائلهم التي تعتاش على ما يستلمه هذا الموظف شهرياً والتزاماته العديدة الاخرى كالاقساط والسلف وما شابه ذلك.
لا يخفى ان عدد موظفي العراق ارتفع بعد عام 2003 الى 700 % وهذا ما اعلن عنه في نيسان الماضي بنكين ريكاني عندما كان وزيراً للاعمار حيث قال في حوار متلفز، أن "عدد الموظفين في العراق كان يبلغ 850 الف موظف في عام 2003 ومع دخولنا 2020 اصبح العدد يقارب 6 ملايين ونصف المليون موظف".
وفي خضم الحقائق التي ذكرناها اعلاه اقتحم صراع المالية والبرلمان ساحة الموظف الذي بات يتابع التلفاز والوكالات الاخبارية في الاونة الاخيرة بعد ان كان يقضي اوقات فراغه بمواقع {السوشيل ميديا} ليشاهد مقطع مضحك تارة ويلعب {البوب جي} تارة اخرى، محاولاً اكتشاف حقيقة تأخر استحقاقه المالي.
حيث أكد وزير المالية علي عبد الامير علاوي في حديث لقناة {الفرات الفضائية} إن "ما حدث هو تراجع في صادرات النفط بسبب اتفاق تصدير النفط وبالتالي تراجعت الاموال الداخلة للموازنة ووفرنا الرواتب من خلال ما يسمى الهندسة المالية او برمجة الاموال ونجحنا في ذلك حتى بذلنا كل جهدنا لتوفير الاموال من جيوب مالية ونقصد بها ايرادات متوفرة لدى بعض المؤسسات جمعناها بهندسة مالية جديدة لتوفير الاموال ووزعنا الرواتب ولكن هذه تحصل لمرة واحدة فقط".
واضاف "اننا نحاول ان نوفر الرواتب من زيادات ايرادات المنافذ او الضرائب ولكن هذه تتطلب وقتا طويله لزيادتها مشيرا الى ان " الاحتياطي النقدي في البنك المركزي هي ٥٣ مليار دولار وموجودة في بنك الاتحاد الامريكي واذا ما نزل الاحتياطي النقدي الى ما دون ٢٠ مليار دولار يصبح العراق في وضع خطر".
واستدرك قائلاً: "اذا لم يصوت مجلس النواب على الاقتراض قد نذهب الى خيارات اخرى صعبة جدا لتوفير الرواتب وان اليوم الرواتب والتقاعدات اعلى من حجم ايردات المبيعات النفطية وان مالية الدولة غير مرتبة بطريقة الاتمتة وهذا تخلف وان كل دائرة لديها معلومات عن موظفيها ولكنها غير مترابطة بالاخرى".
وقبل حديث الوزير بسويعات قليلة برأ رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في جلسة الامس ساحة البرلمان من "التقصير" الذي تشير اليه وزارة المالية.
وقال الحلبوسي انه" لم يصل الى مجلس النواب اي طلب حكومي بتشريع قانون يعزز من موازنة الحكومة لتأدية التزاماتها امام المواطنين".
واضاف انه" لم يرد الى مجلس النواب كتاب تعديل قانون إقتراض"، مشيرا الى انه" ورد الى المجلس قانون الموازنة تم سحبه في نفس اليوم لاجراء التعديلات عليه".
واشار الحلبوسي، الى" اننا ننتظر من الحكومة ان ترسل الى مجلس النواب مشروع قانون يعزز من إيرادات الحكومة لتمكينها التزاماتها امام المواطنين"، مؤكداً" لا يوجد اي تقصير على مجلس النواب بما يتعلق بقضية الرواتب او غيرها من النفقات، والمسؤول عنها الحكومة بشكل مباشر".
ومطلع الشهر الحالي أعتبرت اللجنة المالية النيابية، أن العراق سيتعرض للإفلاس خلال 6 أشهر في حال إقرار قانون الاقتراض الجديد.
وقالت اللجنة في بيان إن الحكومة تحاول رمي الكرة أمام مجلس النواب وتخيره بين الموافقة على اقتراض يؤدي للهلكة قريبا المتمثلة بإفلاس البلاد.
وأشارت إلى أن الحكومة تحاول الضغط علينا بتصريحات، لتحرج مجلس النواب وتخلط الاوراق.
وأكدت اللجنة أن مسألة الرواتب ليس من مسؤولية السلطة التشريعية وهي من واجبات الحكومة البحتة ومن صلب التزاماتها أمام شعبها.
وفي ذات الصدد لم تخلوا هذه الأزمة من احتمالية {المؤامرة}" بعد ان اكدت اللجنة المالية ايضاً ان لا وجود لأي ازمة وما يحصل بموضوع الرواتب "أزمة مفتعلة"!.
حيث قال عضو اللجنة ماجد عذاب في حديث لوكالة {الفرات نيوز} انه "بحسب مراقبتنا للوضع وايرادات الاموال للعراق الشهرية نرى بأنها كافية لسد الرواتب".
وأضاف عذاب أن "هذه الازمة مفتعلة وهي ازمة سياسية بامتياز، ونحن نزود الاعلام بمعلومات عن حقيقة ما يجري من خلال اعضاء مجلس النواب، ونعتقد انه لا توجد ازمة في الرواتب اساساً".
ومع استمرار تبادل رمي الكرة بين المالية والبرلمان، وانتظار ان يبدأ العراق خطوته الاولى في تعظيم موارده، وبين {المؤامرة} المحتملة التي اشارت اليها مالية مجلس النواب، يبقى المواطن ينتظر حلول الحكومة التي عليها ان تعجل في حل هذه الازمة الكبيرة وان لا تمتحن صبر المواطن الذي بات قليل الصبر نتيجة الخذلان على مدى 17 عاماً من التعثر المستمر حتى تناسى انه كان "أيوباً" بالصبر خلال فترة النظام السابق وما مارسه من قمع ليصدم بفساد وواقع مزري كان يحلم بغيره.
Mohameed