قاومت الجزيرة كل محاولات التواصل مع الغرباء على مدار عشرات الآلاف من السنين، حتى أن المغامرين الذين حاولوا تجاوز القانون الذي يمنع التواصل واقتربوا من أهالي القبيلة لقوا حتفهم رميا بالسهام فور وصولهم إلى مشارف الجزيرة، ومن أشهر تلك الحوادث المبشر جون ألين تشاو، وهو أميركي لقي حتفه على يد مجموعة من الأفراد من قبيلة سنتينليز.
اتجه ألين تشاو إلى الجزيرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، آملا في تبشير سكان القبيلة ونشر المسيحية عن طريق قارب صيد، ذهب خلسة وبصورة مخالفة للقانون، لكنه قوبل بوابل من السهام بمجرد اقترابه من الجزيرة حتى عجزت السلطات عن انتشال الجثمان، لما في ذلك من خطورة على أفراد القبيلة وفريق الإنقاذ.
كل ما يعرف عن الجزيرة وأفراد القبيلة قد تم تجميعه من خلال القوارب الراسية على مسافة أبعد من مرمى سهامهم، فسكان الجزيرة يعيشون على الصيد في الغابات والمياه الساحلية، ويعتقد أن لديهم نوعين مختلفين من المنازل تقسم بين أكواخ كبيرة وملاجئ صغيرة تبدو للسكن المؤقت، وترتدي النساء سلاسل ألياف مربوطة حول خصرهن وأعناقهن ورؤوسهن، كما يرتدي الرجال قلادات وعصابات الرأس لكن بحزام خصر أكثر سمكا، وغالبا ما يحملون الرماح والأقواس والسهام.
في أواخر القرن الـ18 وصل فريق بحثي إلى الجزيرة واختطف مجموعة من الأفراد لغرض الأبحاث العلمية، لكن سرعان ما مرضوا ومات البالغون فأعادوا نقل الأطفال إلى الجزيرة مع بعض الهدايا، ولكن لا أحد يعرف حتى اليوم ما إذا كان الأطفال قد نقلوا أي أمراض للجزيرة أم لا.
ويقول العلماء إن أمراضا مثل الحصبة والإنفلونزا قد تكون وبائية ومدمرة للجزيرة، كما أن مناعة سكانها لن تتحملها رغم أنهم على ما يبدو يتمتعون بصحة جيدة، لكن لم تكن لدى أجسادهم مناعة ضد الفيروسات التي تعاني منها البشرية في الوقت الحالي، ولا تسمح القبيلة بالتواصل مع البشر مطلقا، مما يجعلها في حصن منيع من الفيروسات مثل كورونا، وحتى إن كانت فيروسات أكثر ضعفا من كورونا فإنها قد تفتك بهم.
ولا تعتبر قبيلة سنتينليز هي الوحيدة المعزولة عن العالم، بل هناك العديد من القبائل التي تسكن الغابات والتي تنعزل عن العالم لأسباب مختلفة، لكن يغلب عليها الخوف من العالم الخارجي، وهناك العديد من السكان الأصليين في البرازيل يسكنون غابات الأمازون في فقاعة برية بعيدة عن البشر.
ويعتقد كل من يتواصل مع أولئك السكان أنهم تعرضوا للقتل والعنف من قبل تجار المخدرات وغيرهم، فيحاول أفراد تلك القبائل الحفاظ على حياتهم من العنف أو حتى الفيروسات التي لا تحمل أجسامهم مناعة طبيعية منها، والتي يصاب بها البشر بشكل دوري.
وتحمي تلك القبائل أفرادها عن طريق العزلة التي حصنتهم من وصول الإنفلونزا والحصبة سابقا، وحاليا تحميهم من "كوفيد-19″، وهو ما تحاول مؤسسة بقاء الدولية أن تساعدهم فيه، وهي منظمة غير ربحية معنية بالحفاظ على ما تبقى من القبائل المعزولة في العالم.
رغد دحام