• Friday 22 November 2024
  • 2024/11/22 22:56:10
{بغداد: الفرات نيوز} عاد مشروع قانون "جرائم المعلوماتية" إلى الواجهة في العراق، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مثيرًا عاصفة من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية والجهات المعنية بحرية التعبير.

فبعين الريبة الشديدة، ينظر قانونيون وناشطون ومدونون على منصات مواقع التواصل الاجتماعي إلى مشروع القانون، خصوصا وأنه يتضمن نصوصا عامة "فضفاضة تحتمل التأويل"، ما قد يسهل استخدامها من جانب السلطة لتصبح بمثابة سيف مسلط على الرقاب.
للمرة الأولى، تم طرح مسودة مشروع القانون عام 2007، ثم ظهر في 2010، إلا أن الانتقادات والرفض الواسعين حالا دون تمريره داخل البرلمان في المرتين.
"يعاقب على النوايا"
بعد إجراء تعديلات، تم طرح أحدث نسخة لمشروع القانون، لكن تلك التعديلات لم تخفف حدة المخاوف من استخدامه لإسكات الأصوات المعارضة.
وقال علي التميمي، محامٍ وخبير قانوني، إن "مشروع القانون يتكون من ٢٢ مادة مع الأسباب الموجبة له، إلا أن التعريفات الواردة فيه مقتضبة وتحتاج أن تُعرف.. مواد القانون قليلة لا تتناسب مع أهميته".
وأضاف في تصريح صحفي ، الذي اطلع على المسودة، أن "العقوبات الواردة في المشروع تصل إلى السجن ١٠ أعوام، والغرامات إلى ١٥ مليون دينار {أكثر من ١٢ ألف دولار أمريكي}".
لكن الأخطر، وفق التميمي، يتمثل في نقطتين، وهما أن "المشروع يعاقب المحرّض حتى وإن لم تتم الجريمة، وهذا يخالف مبدأ العقوبة لانتفاء الركن المادي، فلا عقوبة على النوايا".
أما النقطة الثانية، فهي أن "المشروع جاء بمواد غير مفهومة، منها عقوبة المساس بالقيم الدينية والأسرية والاجتماعية أو الأمن الوطني"، بحسب التميمي.
"تطمين برلماني"
وبمقابل ذلك طمأنت رئاسة مجلس النواب على ان التعديت في القانون ستكون بصالح المواطن وحفظ بياناته.
وقال النائب الأول لرئيس المجلس حسن الكعبي في ندوة حول مشروع القانون عقدت بمبنى البرلمان الثلاثاء الماضي بحضور خبراء قانون ولجان مختصة ان "مشروع قانون جرائم المعلوماتية بتعديله النيابي المقترح بعنوان (قانون مكافحة الجريمة الالكترونية) سيشّرع لحماية أمن المواطن وحفظ خصوصيته وتأمين معلوماته الالكترونية بعيدا عن المخاطر من اية جهة كانت".
وشدد على ان "مجلس النواب لن يمضي بتشريع قانون لا يحمي الفرد العراقي والمجتمع من التهديدات الالكترونية". 
وأكد الكعبي، ان "تشريع هذا القانون بات ضرورة ملحة لحماية المواطن والدولة في آن واحد".
وتحدث عن دور فريقه الاستشاري في إعادة صياغة مشروع القانون الحكومي، فضلا عن التعديلات النيابية التي اجريت على النص الحكومي ومدى موائمتها مع الدستور والمعايير الدولية والحقوق والحريات".
"يخدم العراقيين"
أما النائب عن كتلة تحالف الفتح حسن شاكر الكعبي فقال، إن "البرلمان سيناقش مشروع القانون بعد استشارة قانونيين من كل الجوانب، وبعدها يقوم بإقراره".
وأضاف أن "هناك تصورا لدى الشارع العراقي بأن القانون يحاسب كل من يتشاجر بين الأصدقاء والأقارب على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الرأي غير صحيح".
واعتبر الكعبي أن "القانون جاء لخدمة العراقيين، ويعمل على محاسبة كل من يضر بسمعة وخصوصية المواطنين ويستفز العراقيين، وبالتالي فإن هذا القانون يعتبر السند الضامن لهم".
"يضمن الحريات"
متفقا مع الكعبي، رأى كاطع الركابي، عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، وهي المعنية بإعداد مسودة القانون، أن "قانون جرائم المعلوماتية يضمن الحقوق لجميع العراقيين".
وشدد على أن "لجنة الأمن والدفاع بحثت القانون بشكل مفصل لكي يضمن الحقوق والخصوصيات الإلكترونية للعراقيين".
وتابع: "البرلمان استضاف العديد من الجهات الحكومية، مثل وزارات التعليم والدفاع والداخلية ومجلس القضاء الأعلى ومنظمات حقوق الإنسان، لضمان الحصول على قانون عادل".
وأردف الركابي: "كل ما يُقال في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذا القانون غير صحيح ومجانب للحقيقة".
ورأى أن "القانون سيعالج قضايا عديدة تهم المواطن العراقي، كالقضايا الاجتماعية، وعلى رأسها الابتزاز الإلكتروني".
وشدد الركابي على أن "البرلمان مُصر على تمرير القانون لحماية العراقيين، وهو لا يحد من حرية التعبير التي يضمنها الدستور".
"مُشجع للفساد"
وكان لنقابة الصحفيين العراقيين رأي في القانون ووصفته بانه "سيء الصياغة".
وقال نقيب الصحفيين، مؤيد اللامي، ان الصيغة الحالية ستوقف العمل الصحفي وستوقف متابعة المواطنين للفساد، حيث يطول هذا القانون المواطنين العاديين أيضا ولا يقتصر على الصحفيين، وسيخاف الجميع من متابعة الفساد.
ونأت وزارة الداخلية بنفسها على لسان مدير علاقات واعلام الوزار اللواء سعد معن عن صياغة القانون.
وقال معن، {للفرات نيوز} في 26 من الشهر الماضي، ان "توجه الوزارة مع التشريعات الجديدة التي تعالج الجرائم ومشكلات لم تكن موجودة في التشريعات القديمة وعلى سبيل المثال الجريمة الالكترونية". 
واضاف" لم ندخل في حيثيات صياغة قانون الجرائم المعلوماتية، والعراق هو بلد الحريات والدستور كفل هذا الموضوع" لكنه شدد على" ضرورة الحفاظ على النظام العام والأمن والمجتمع من افة الجريمة الالكترونية".
"تعديلات واسعة"
فيما كشفت لجنة الامن والدفاع النيابية، عن تعديلات كثيرة طرأت في مشروع قانون مكافحة الجرائم الالكترونية.
وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تمت قراءة مشروع القانون في البرلمان، وواجهته ملاحظات عديدة من النواب.
وقال البرلمان، في بيان، إن النواب طالبوا "بمراعاة التوازن بين صيانة الحريات وبين حفظ الأمن الاجتماعي العام، وضرورة التناسب بين الجريمة والعقوبة المحددة لها".
كما طالب النواب بـ"عدم استخدام القانون بشكل خطر يمس بالحريات العامة، مع وجود عقوبات مبالغ فيها، والدعوة لتشريع قانون يحافظ على هيبة الدولة، مع المحافظة على خصوصيات الحريات العامة".
وورد في مداخلات النواب أيضا "عدم القبول بالعبثية التي تجري حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي، والاستعانة بخبراء الجرائم الجنائية ومجلس القضاء الأعلى للاستشارة بمسألة العقوبات المنصوصة بالقانون، والمطالبة بتوضيح أكثر في بنود القانون، وأن لا تكون صياغته فضفاضة تؤدي إلى تكميم الأفواه".
وإثر المداخلات، قرر البرلمان "إجراء تعديلات واسعة في بنود مشروع القانون تتناسب مع المقترحات المقدمة وما ينسجم مع حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور".
كما دعا رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، خلال الجلسة، إلى "عدم المساس بالحريات التي كفلها الدستور، خاصة حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، والإعلان والتمييز بين من يقدح ويشتم ويسب وبين من يدلي بنقد بناء، وأن يكون قانونا لحفظ الحريات"، وفق البيان.
"وسيلة للقمع"
بينما اعتبر زياد العجيلي، مدير مرصد الحريات الصحفية (مؤسسة غير حكومية)، أن "مشروع القانون مجرد وسيلة لقمع وإسكات الأصوات المخالفة للسلطة".
وتابع العجيلي، في حديث للأناضول، أن "المشروع يجرم الآراء، وهو ما يناقض الدستور العراقي، الذي يضمن حرية التعبير".
وأضاف أن "المسودة تحتوي على بنود غامضة، وأخرى تجرم الآراء التي تُضر بالمصلحة السياسية بالدرجة الأساس".
ورأى العجيلي أن إعادة طرح المشروع مرتبطة بالاحتجاجات الشعبية الواسعة التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وأعرب المرصد، في بيان مؤخرا، عن رفضه لمشروع القانون، محذرا من أنه يهدد "بسجن نصف الشعب العراقي" وفقاً للبيان.
عمار المسعودي
 

اخبار ذات الصلة