• Thursday 21 November 2024
  • 2024/11/21 20:57:17
{تقارير: الفرات نيوز} تقرير: عمار المسعودي

2023 لم يكن عاماً عادياً للعراقيين كغيره من السنوات الماضية، فبدأ ببشرى عراقية في فوز رياضي بلمسة سياسية غاب عن البلاد 40 عاماً وانقضى بانتخابات محلية تجمدت لعقد كامل.

بطولة كروية بنكهة سياسية
وخلال هذا العام الذي يشارف على نهايته، عاش العراقيون أوقاتا سعيدة مع الفوز بكأس الخليج للمرة الـ4 في تاريخ البلاد، وأوقاتا صعبة للغاية مع أحداث مدينة كركوك الدامية ومأساة حريق الحمدانية، لكن في الوقت ذاته ظلت التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية المتأرجحة، هي الأكثر تأثيرا على مزاج الشارع والمواطن العراقي والذي يأمل أن يحمل له عام 2024 استقرارا سياسيا واقتصاديا.
وبدأ مطلع عام 2023 واعداً بالنسبة إلى العراق الدولة التي عانت الأمرّين خلال العقدين الأخيرين من أعمال العنف والإرهاب والانقسامات السياسية والقومية والطائفية الحادة، وتوقع كثيرون أن سبل النجاح سالكة أمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بعد اختياره رئيساً للوزراء في نهاية تشرين الأول 2022.
ولأول مرة منذ سنوات يصادق البرلمان على رئيس وزراء بأغلبية القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، التي كانت مؤتلفة في إطار ما عرف بـ"تحالف إدارة الدولة"، إلى جانب الدعم غير المحدود الذي قدمته له قوى الإطار التنسيقي، وفوق ذلك؛ كان السوداني قد ورث من سلفه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خزينة مالية عامرة قدرت بنحو 85 مليار دولار، وأكثر من 100 طن من الذهب، إلى جانب فضاء الأمن النسبي الذي عاشته البلاد بعد سنوات مريرة من الاضطرابات والعنف.

خفض الدولار
وفي شباط/فبراير، قرر البنك المركزي العراقي وبالتنسيق مع الحكومة، رفع قيمة الدينار العراقي امام الدولار من 1460 الى 1320 دينارا للدولار الواحد، وذلك ضمن محاولات لتخفيف أزمة ارتفاع اسعار صرف الدولار في السوق الموازي وتأثيرها على التضخم والاسعار في الاسواق على المواطنين.
حكم قضائي دولي.. وتنفيذ معطل
ومع أن الحكومة كسبت في مارس آذار حكماً قضائياً دولياً ضد تركيا بشأن ارتكابها مخالفات في قضية نفط إقليم كردستان الذي يعبر إلى ميناء جيهان، إلا إن التداعيات اللاحقة لهذا الحكم تسببت في خسارة العراق أكثر من 5 مليارات دولار بعد إيقاف ضخ النفط المتواصل منذ ذلك التاريخ.
الموازنة الأضخم في العراق

وفي منتصف شهر آيار مايو، تم إقرار الموازنة السنوية الأضخم في العراق منذ عام 2003، وتم خلال الموازنة تعديل بعض مواد الدستور، ومنها المادة 14 التي أثارت حفيظة إقليم كردستان، ودفعت رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني إلى وصفها بالتجاوزات على حقوق الإقليم وشرعيته قائلا: "إقليم كردستان ليس فقط خطا أحمر بل خط الموت".
وأعطت المادة 14 بعد التعديل الشرعية للحكومة الاتحادية في بغداد باقتطاع المستحقات المالية لأي محافظة من محافظات إقليم كردستان وتمويلها بشكل مباشر، أي توزيع رواتب موظفي الإقليم عن طريق بغداد وليس أربيل وذلك في حال لم تقم حكومة الإقليم بصرف المستحقات المالية للمحافظات، وفقًا للمعايير المتبعة في القانون.
وفي نهاية نفس الشهر، قضت المحكمة الاتحادية، بعدم دستورية برلمان إقليم كردستان، واعتبار كل القرارات الصادرة عن برلمان الإقليم من تاريخ أكتوبر تشرين الأول 2022 ملغاة وباطلة.


حرق المصحف الشريف وتداعياته
وفي حزيران  تفجرت قضية حرق المصحف الشريف بالسويد على يد مهاجر مسيحي من أصل عراقي، مما تسبب في إحداث غضب شعبي شديد وأزمة سياسية مع السويد، خصوصاً بعد اقتحام أشخاص السفارة السويدية في بغداد وإحراقها، ومن ثم استدعاء الحكومة السفير السويدي، وكذلك استدعاء سفيرها في استوكهولم وقطع علاقات البلدين.

وعلى خلفية الأحداث وجهت المرجعية الدينية العليا رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الاعتداء على نسخة من القرآن الكريم بترخيص من الشرطة السويدية أبدت فيها إدانتها واستنكارها لما وقع وطالبت الأمم المتحدة باتخاذ خطوات فاعلة بمنع تكرار أمثاله ودفع الدول الى إعادة النظر في التشريعات التي تسمح بوقوعها.
إزاحة ساكو 
ومع بداية الأسبوع الأول من شهر تموز يوليو، أصدر رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، قرارًا المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين البطريرك لويس سايكو، في منصب بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، ومتوليا لأوقافها، ما دفع البطريركية الكلدانية في العراق إلى إعلانها رفض القرار.
حشود أمريكية ونفي رسمي
وفي آب، تناقلت وسائل الإعلام المختلفة والأوساط السياسية، أخباراً حول زيادة أعداد الجنود الأميركيين في العراق، إلى جانب الكلام عن حشود عسكرية أميركية على الحدود العراقية - السورية، وكانت التكهنات تدور حول إمكانية شن واشنطن هجمات عسكرية ضد بعض الفصائل المسلحة، قبل أن تبادر بغداد وواشنطن إلى نفي تلك الأقاويل.

كارثة نينوى
وفي بداية شهر أيلول شهدت محافظة كركوك ليلة دامية بعدما حاول الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تسيطر عليه القوات الأمنية منذ عام 2017، المطالبة باسترجاعه، لكن الاعتراضات العربية والتركمانية حالت دون ذلك، وانتهت الأزمة بمصرع 4 عناصر من انصار الحزب خلال مواجهة مع القوات الأمنية أمام المقر، وانتهت الأزمة لاحقاً بعد قيام الحزب الديمقراطي بإهداء مقره إلى جامعة كركوك.
ومع نهاية أيلول شهد حادث مأساوي هز مشاعر البلاد بعد أن نشب حريق هائل في قاعة {الهيثم} للمناسبات بقضاء الحمدانية بمحافظة نينوى، أودى بحياة ما لا يقل عن 120 شخصاً، وأدى إلى إصابة العشرات بحروق وجروح خطرة.
تداعيات غزة وعودة القصف
وفي شهر تشرين الأول، بدا أن كل شيء في العراق قابل للتصاعد الأمني مع دخول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مرحلة جديدة من الصراع في غزة، ومع حالة البعد الجغرافي العراقي بالنسبة إلى منطقة الصراع هناك؛ مع عودة الهجمات الصاروخية لفصائل مسلحة على المناطق والمعسكرات التي توجد فيها القوات الأميركية في العراق وسوريا ردا على إعلان الجانب الأميركي مساندته لإسرائيل في عدوانها على غزة وقتل المدنيين.

عزل الحلبوسي
وفي تشرين الثاني الماضي، قررت المحكمة الاتحادية العليا إنهاء عضوية رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي من مجلس النواب، على خلفية دعوى تقدم بها النائب السابق ليث الدليمي متهما الحلبوسي بتزوير استقالة للدليمي ودفعه للتوقيع على ورقة بيضاء، إضافة إلى اتهام الحلبوسي بالتعاون مع جهات إسرائيلية لتمهد تطبيع العراق مع إسرائيل وهو ما نفاه الحلبوسي.
وبقي منصب رئاسة مجلس النواب شاغراً حتى الآن لغياب التوافق السياسي على المرشحين.
وفي 16 من الشهر ردت المحكمة الاتحادية العليا دعوى المدعي الكاردينال مار لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم وأكدت قانونية المرسوم الجمهوري ببطلان تعينيه.

انتخابات المحافظات 
ولعل الانتخابات المحلية الحدث الأبرز الذي يختتم به عام 2023 بعدما أدلى العراقيون بأصواتهم في 18 من كانون الأول الجاري في انتخابات محلية توقفت منذ عام 2013 ولأول مرة في محافظة كركوك منذ عام 2005 واستثنيت فيها محافظات إقليم كردستان المقرر اجرائها في الربع الأول من العام الجديد 2024.
وحققت قوى الإطار التنسيقي متفرقة في هذه الانتخابات -التي شهدت مشاركة بنسبة 41% وفق مفوضية الانتخابات- فوزاً عريضاً بحصولها على 101 مقعد في عموم المحافظات من أصل 285 مقعداً.
وحول مستقبل العراق في عام 2024 ، يرى محللون بأنه سيكون عام الاستقرار الاقتصادي والسياسي، خصوصا بعد تمرير الموازنة وانطلاقها، والتي تنضوي على مليارات الدولارات، وبالتالي سينعكس ذلك إيجابًا على الاستقرار السياسي والأمني، كما أن انطلاق الانتخابات المحلية، وانتخاب محافظين ومجالس المحافظات، يعطي لربما قوة وتوسّعًا في المشاريع داخل المحافظات.
وعن الناحية الأمنية، يرون إنّ الوضع الأمني سيكون أكثر استقرارًا، خصوصًا بعد إلقاء القبض على مهاجمي القواعد الأميركية، وهذه كلها مؤشرات إيجابية أن الحكومة العراقية لا تجامل، بل تشخص وتظهر جدية في الحفاظ على الأمن والاستقرار".
وفي ما يخص أمن إقليم كردستان، يعتقد المحللون أنّ الإقليم سيشهد استقرارًا نوعيًا، لأن استقرار بغداد يدعم استقرار أربيل والسليمانية، خصوصًا بعد انطلاق الانتخابات في كركوك، مما سيساهم في حل الصراع الكردي - الكردي، والشيعي - الكردي، والعربي - الكردي، وان كل المؤشرات تؤكد أن عام 2024 سيشهد استقرارًا أكثر من السنوات الماضية.

اخبار ذات الصلة