• Sunday 19 May 2024
  • 2024/05/19 13:24:29
{بغداد: الفرات نيوز} تستغرق عملية استخراج الأوراق الثبوتية لمجهولي النسب رحلة غير قصيرة في أروقة المحاكم، وربما يتعذر عليهم إنجاز الكثير من المعاملات بسبب عدم امتلاكهم مستمسكا رسميا، صحيفة "القضاء" أعدت تقريرا يتضمن القوانين والإجراءات باستيضاح الرأي القضائي والقانوني في ما يخص خطوات هذه المعاملة.

يقول القاضي احمد الصفار في حديثه الى "القضاء" أن " مجهول النسب هو الشخص الذي لم يلحق بابيه وأمه أو بأحدهم أو هو الذي لا يعرف أبويه أو احدهم، ولم يرد تعريف له في المنظومة القانونية العراقية".
ويضيف القاضي أن "تنظيم أحوال الشخص مجهول النسب في هذه الحالة له اتجاهان، الأول قضائي المتمثل بالإجراءات التي تقوم بها المحكمة، والآخر الإجراءات الإدارية التي تقوم بها دائرة الأحوال المدنية وبعض الجهات التنفيذية مثل دور الدولة المودع فيها الحدث مجهول النسب وتختلف تلك الإجراءات تبعاً لعمره".
ويستعرض القاضي الإجراءات حسب العمر بأنه "إذا كان الطفل صغيراً لم يتم التاسعة من العمر أو حدثاً أتم التاسعة من العمر ولم يتم الثامنة عشر من العمر وعلى وفق حكم المادة (3) من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل، وكان احدهم قد ثبت فقده للرعاية الأسرية فعلى قسم الرعاية الأسرية في دور الرعاية الاجتماعية التي ينظم أحكامها قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 المعدل أن تصدر هوية له، وأن يطلب من محكمة الأحداث استصدار قرار لإيداعه في إحدى دور الدولة".
وأضاف انه "إذا كان هؤلاء الصغار والأحداث لا يملكون وثائق تعريفية ولم يثبت وجود وثائق لهم تتولى دائرة الإصلاح ذلك الأمر وفق حكم المادة (32/أولا) من قانون الأحوال المدنية التي جاء فيها الآتي (على محكمة الأحداث أن ترسل بصورة سرية نسخة من القرار اللازم بتعيين اسم اللقيط أو مجهول النسب وتاريخ ومحل ولادته والمؤسسة التي آوته وتاريخ العثور عليه إلى المديرية العامة)".
وبين أن "المادة (20/أولا) من قانون البطاقة الوطنية نصت على أن (تقوم محكمة الأحداث وبصورة سرية بإرسال نسخة مـــن القرار الخاص باختيار اسم اللقيط أو مجهول النسب وتاريخ ومحل ولادته والمؤسسة التي آوته وتاريخ العثور عليه إلى المديرية وفقاً لنموذج يعد لهذا الغرض".
ويكمل الصفار بالقول انه "إذا أكمل السابعة من العمر ولم يبلغ الخامسة عشر عام تصدر المحكمة المختصة حجة بناءً على طلب يقدمه وصي مؤقت تنصبه المحكمة لهذا الغرض فقط وعلى وفق حكم المادة (32/2) مكررة من قانون الأحوال المدنية والمادة (20/سادساً) من قانون البطاقة الوطنية".
‌ويعرج القاضي "إذا بلغ الخامسة عشر من العمر له الحق شخصيا في طلب إصدار حجة مجهول النسب ويقدم الطلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة بقضايا المسلمين او المواد الشخصية لغير المسلمين وتتم المباشرة بعد ذلك بعملية استصدار بطاقة له".
ويوضح إن "إجراءات المحكمة لإصدار حجة مجهول النسب تكون بعد تقديم الطلب أو ورود كتاب من دائرة رعاية الأحداث أو دور الدولة إلى محكمة الأحوال الشخصية أو المواد الشخصية لإصدار الحجة يتولى قاضي المحكمة التأشير عليها ومفاتحة الجهات ذات العلاقة للتحقق والتحري عن الشخص طالب الحجة أو المطلوب إصدار الحجة له , مثل دائرة الأحوال المدنية و الدوائر الأمنية".
ويؤكد انه "إذا توصلت المحكمة إلى قناعة بان المطلوب إصدار الحجة له غير معلوم النسب لأبويه أو احدهم فتختار له المحكمة الاسم الثلاثي وتعتبره مسلما وجنسيته عراقي وتحدد عمره بناء على تقرير اللجنة الطبية المختصة بتقدير العمر ثم تصدر المحكمة حجة مجهول النسب على وفق اختصاصها المشار إليه في المواد (300 ـ 301) من قانون المرافعات المدنية".
وأشار القاضي إلى أن "سبب اختيار الدين الإسلامي والجنسية العراقية لمجهول النسب فان ذلك يرجع إلى الإلزام القانوني بحكم المادة (32/2) من قانون الأحوال المدنية والمادة (45) من قانون رعاية الأحداث والمادة (20/ثانياً) من قانون البطاقة الوطنية فضلا عن ذلك فان السبب يكمن في البيئة التي وجد فيها ذلك الشخص".
وأكمل ان "المجتمع في العراق ذو أغلبية إسلامية باستثناء إذا كان الشخص معلوم الأب ومجهول الأم فان ديانته تكون تبعاً لأبيه أما إذا كانت الأم معلومة والأب مجهول فان ديانته تكون الإسلام وان كانت الأم غير مسلمة وفي حالات يكون ذلك الشخص مولود في بيئة ومجتمع غير مسلم ودلت القرائن على أن أبويه غير مسلمين ولكن غير معروفي الاسم بسبب الغياب أو الفقدان أو أي سبب آخر فان للمحكمة أن تثبت ديانته التي ثبتت عبر القرينة حتى وان كانت غير الإسلام".
ويلفت إلى أن "المحكمة تصدر وثيقة بعنوان (حجة مجهول النسب) تكون بمثابة شهادة ميلاده مدون فيها كافة المعلومات المدنية (الاسم واسم الأبوين والجد ومكان الولادة وتاريخها والديانة والجنسية أو أية معلومات أخرى كالعلامة الفارقة وبعد تأشيرها في سجل الحجج ترسل نسخ منها إلى دائرة الأحوال المدنية".
ومن ناحية الأحوال المدنيةـ، تقول المحامية رجاء المعموري ان "إجراءات دائرة الأحوال المدنية تكون بعد ورود الحجة إلى دائرة الأحوال المدنية التي يوجد فيها سجل يسمى على وفق ما ورد في المادة (28) من نظام الأحوال المدنية رقم 32 لسنة 1974 المعدل اولا يسجل الوليد غير الشرعي المعروف احد والديه في سجل واقعات الولادة بعد إبراز قرار من المحكمة الشرعية أو محكمة المواد الشخصية الذي يتضمن إثبات البنوة واسم الوليد وتاريخ الولادة ومحلها والاسم الذي تختاره المحكمة للمجهول من الأبوين والجدين ويرحل قيد الوليد بعدئذ من سجل الواقعات إلى السجل المدني تبعا لذلك".
وأكملت "ثانيا : يعتبر أصحاب الأسماء المختارة وفق الفقرة (1) من هذه المادة بحكم الأشخاص المتوفين و تؤشر حالة اليتم في السجل المدني تبعا لذلك) ولا تدون أي علامة أو إشارة تدل على كونه مجهول النسب وتكون هذه المعلومات سرية وفي حال كونه مجهول الأبوين يسجل هؤلاء مع الجد بأنهم متوفون اما إذا كان مجهول النسب من جهة الام او الأب فقط فيدون ذلك متوفى".
وتضيف المحامية  "أما اذا ظهر له أقارب او أهل فان القانون ونظام الأحوال المدنية عالج ذلك الأمر بإلحاق سجله بسجل طالب الإلحاق وعلى وفق حكم المواد (24 ، 25) من نظام الأحوال المدنية ثم يذهب ذلك الشخص إلى الاندماج في المجتمع بوصفه شخصاً عراقيا له جميع الحقوق المقررة في الدستور والقانون".
ويطلق وصف مجهولي النسب على الأولاد غير الشرعيين من علاقات جنسية محرمة خارج إطار الزواج، أو نتيجة اغتصاب، أو من نسب صحيح لكن استغنى عنهم آباؤهم فلم يُعرف نسبهم.
وفي خطوة إيجابية، قررت هيئة رعاية الطفولة التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية عام 2014 إطلاق صفة "كريم النسب" على هؤلاء بدلا من "مجهول النسب"، للتخفيف من قساوة الوضع بفقدان هوية الوالدين.
وازداد وجود كرماء النسب في الآونة الأخيرة ممن يتم تركهم قرب مكبات النفايات أو في الشوارع أو المساجد أو في دور الإيواء، ولا يتم احتواؤهم كضحايا إلا ما ندر، وذلك يعود إلى العلاقات غير الشرعية خارج إطار الزواج وشيوع ظاهرة التفكك الأسري والطلاق وغياب الوازع الديني والاستعمال الخاطئ للإنترنت في مجتمع محافظ لا يتسامح مع الأمهات، فتقتل النساء وتُحسب جريمة شرف إذا اكتُشف أمرها، بينما لا يحاسب الرجل على خطئه كجزء من ثقافة اجتماعية، وتبقى النظرة الدونية والوصمة الاجتماعية تلاحقهم.
وتبيّن الباحثة النفسية الدكتورة نهى عبد الله، أن "كريم النسب يعاني من أزمة هوية مضاعفة، لأن الهوية الشخصية والعائلية مفقودة لديه، فهو لا يعرف شيئا عن والديه، وبالتالي لا يعرف الانتماء، في وقت نجد فيه أقرانه ينتمون إلى آبائهم ويفخرون بانتسابهم لعائلاتهم، أما هو فيشعر بأنه يقف على أرض رخوة وهشة. فهوية الإنسان تشكل مطلبا أساسيا للفرد، وحين تكون غامضة أو مشوهة أو مجهولة فإنها تجعل البناء النفسي كذلك".
وتشير الباحثة العراقية إلى أن "الأبحاث النفسية لمجهولي النسب تبين أن لديهم اضطرابات انفعالية وسلوكيات عنف مثل السرقة والسلوك العدواني وعدم تقدير العواقب، وهذه الاضطرابات تكون لها أسباب وراثية وفطرية وبيئية مكتسبة، كما أن الجو النفسي الذي ينشأ فيه مجهول النسب منذ بداية الحمل مرورا بظروف الولادة وحياة الطفولة والمراهقة، ووصولا إلى تعامله مع الحياة، يعطي في الغالب تأثيرات سلبية على سلوكه".

عمار المسعودي
 

اخبار ذات الصلة