• Friday 22 November 2024
  • 2024/11/22 03:51:25
{منوعات: الفرات نيوز} تعد الجالية العراقية ثاني أكبر جالية في مملكة السويد، حيث بدأت هجرة العراقيين منذ ستينيات القرن الماضي بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية، وباتوا يشكلون نسبة 2% من عدد السكان البالغ نحو 10 ملايين نسمة.

المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام  .. للاشتراك اضغط هنا

ويفضل العراقيون السويد لكونها توفر فرص العمل وتحتضن اللاجئين، واستطاعوا الاندماج في المجتمع السويدي من خلال التفاعل مع المجتمع وتعلم العادات والتقاليد، وكذلك تعريف المجتمع السويدي بالتقاليد العراقية.

موجات هجرة

يقول طبيب الأسنان الدكتور ماهر المعتصم إن هجرة العراقيين إلى السويد مرت بموجات، الأولى خلال فترة الثمانينيات وأكثرهم من المعارضين السياسيين، أما الموجة الثانية فهي في فترة الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي، والموجة الكبرى كانت بين عامي 2006 و2008 بعد الغزو الأميركي واندلاع موجة العنف الطائفي، وفي هذه السنوات فتحت السويد أبوابها للعراقيين.

ويبين المعتصم أن ما يدفع العراقيين للاستقرار في السويد ومعظم الدول الإسكندنافية كونها من دول الرفاهية وتحترم الإنسان وتوفر كل الخدمات العامة، إضافة إلى الدعم الاقتصادي للاجئين.

ويضيف أن السويد توفر للاجئين عند وصولهم المسكن والغذاء والمعيشة، وبعد ذلك يبدأ من يحصل على الإقامة رحلة الاندماج في المجتمع السويدي بتعلم اللغة ومعادلة الشهادة، ثم يبحث عن عمل وتساعده في ذلك دائرة التوظيف التي تعمل على تطوير قدرات اللاجئين للحصول على حرفة معينة للعمل بها والعيش بكرامة.

وحول أماكن وجود الجالية العراقية، يوضح المعتصم أن العراقيين موجودون في معظم مدن السويد، ومندمجون بشكل جيد داخل المجتمع، ومن أبرز المدن التي تضم أكبر عدد من العراقيين ستوكهولم ويوتوبوري وغوتنبرغ ومالمو وغيرها، وعمد العراقيون إلى خلق أجواء مناسبة، فتجد مطاعم بأسماء وأطباق عراقية.

ويلفت المعتصم إلى أن السويديين يقرؤون التاريخ، ويعرفون الكثير عن تاريخ العراقيين من البابليين والسومريين، ويتكلمون عن قصص ألف ليلة وليلة وعلي بابا وغيرها.

ثاني أكبر الجاليات

ويقدر الشاعر والمترجم المقيم في السويد ناظم رشيد الساعدي عدد العراقيين اللاجئين هناك بأكثر من 100 ألف، إضافة إلى نحو 20 ألفا آخرين موجودين في المملكة قبل عام 2003، واستمر عدد المهاجرين العراقيين بالتزايد بسبب التسهيلات التي قدمتها السلطات السويدية لهم في البداية، لكن الأوضاع اختلفت اليوم، وباتت نسبة قليلة منهم يحصلون على الإقامة.

ويضيف الساعدي أنه رغم حجم الجالية العراقية في السويد فإنها لا تمتلك رابطة موحدة، بل توجد عدة تشكيلات ومنتديات وتجمعات، سواء للمثقفين والأدباء والشعراء، وكذلك جمعيات مختصة بجانب معين مثل المصورين والأكاديميين والمثقفين والمندائيين وغيرها، وتتركز خصوصا في مدن مالمو وستوكهولم ويوتوبوري.

ويشير إلى أن هناك بعض المنظمات والتجمعات التي تجمع كل النسيج العراقي بشكل جميل وإنساني ولديها أنشطة ثقافية ورؤى اجتماعية تعكس واقع العراق بشكل صحيح، ومنها فرقة "طيور دجلة"، وهي مجموعة من العراقيات بعيدات عن المجال الفني لكن اجتمعن وبرعاية الفنان علاء مجيد وقدمن إنتاجات وأغاني تراثية وثقافية عراقية، ويحظين باحترام وتقدير الجالية العراقية والشعب السويدي والجاليات الأخرى، لأنهن يعكسن وجه العراق المشرق.

ويشدد الساعدي على أن أفراد الجالية العراقية حريصون على تواصل أبنائهم مع الوطن وعدم الانسلاخ من العراق، وكذلك يحرصون على تثقيف أبنائهم بالانتماء لوطنهم وتاريخهم وحضارتهم، ومعظم الآباء يحرصون على تعليم أبنائهم الصغار المولودين في السويد اللغة العربية، وهذا يسهم في ديمومة التواصل مع الوطن، إضافة إلى دور النشاطات الاجتماعية في إحياء روح الوطن وتاريخه وذكراه.

روابط

من جانبه، يؤكد رجل الأعمال العراقي المقيم في السويد عادل جنجون وجود روابط ثقافية ودينية تجمع العراقيين مع بعضهم حسب انتمائهم العرقي والديني والثقافي كالكنائس والمعابد والجوامع والحسينيات، وكذلك المنتديات الثقافية، وهناك روابط أخرى كرابطة اتحاد رجال الأعمال وغرفة التجارة العراقية وغيرها.

وأشاد جنجون بما قدمه اللاجئون العراقيون القدماء من النصائح والإرشادات إلى اللاجئين الجدد، ومد يد العون لهم من خلال خبراتهم ومعرفتهم بطبيعة البلد، حيث قاموا بتوفير المأوى لمن لم يحصل على مسكن، وشجعوا الشباب على الدراسة والعمل.

ويكشف جنجون عن وجود تواصل بين العراقيين والجاليات الأخرى من خلال الدراسة والعمل الجماعي والمناسبات، حيث تنتشر روح الإخاء والصداقة بينهم، وكذلك يحرص العراقيون على إبقاء التواصل مع بلدهم الأم، وذلك من خلال تعريف الآباء أبناءهم ثقافة بلدهم الأم والزيارات المستمرة إلى العراق لمن يستطيع السفر.

اندماج وتأثير

بدوره، يتحدث اللاجئ حسن الربيعي عن تجربته في السويد بقوله "في البداية سكنت شمال هذا البلد، ثم انتقلت إلى الوسط وتعايشت مع السويديين، لكن سكان شمال السويد ودودون أكثر من الجنوب، حيث يكون الاندماج في هذا الجزء من البلد أصعب".

ويشير الربيعي -الذي يقيم في السويد منذ عام 2015- إلى دهشة السويديين من عادات وتقاليد العراقيين، حتى من ناحية كثرة الطعام والنكهات وغير ذلك.

وتنقسم الجالية العراقية -بحسب الربيعي- إلى قسمين، فالقسم الجديد غير مرحب بهم من الجالية العراقية القديمة، لأنهم يخشون من أنهم قد يسببون ضررا لامتيازات اللاجئين القدماء ولا ينظرون إلى أنهم هربوا من حرب ودمار عاثا بالعراق.

وعن الحوادث العنصرية، يؤكد الربيعي أنه سمع عن تعرض العديد من اللاجئين لاعتداءات عنصرية وهي حوادث فردية، لكن أغلب الشعب السويدي غير عنصري ويتمتع بإنسانية عالية.

ويشير إلى أن المطاعم العراقية تنتشر في جميع أنحاء السويد، وتشتهر بتقديم الفلافل، والكباب العراقي الذي يحظى بإقبال كبير من العراقيين والسويديين وغيرهم من الجنسيات.

ويشدد الربيعي على أن السلطات السويدية تحرص على الحريات، حيث لا تلزم الفتيات مثلا بخلع الحجاب، ويستطيع اللاجئ التعايش مع السويدي من دون أكل لحم خنزير أو شرب الخمر، لافتا إلى أن القانون السويدي يعاقب من يقدم لحم الخنزير للمسلم من دون أن يعلم.

قصص نجاح

من جانبه، تحدث الناشط جودت عبد الإله جواد عن قصص نجاح ملهمة للجالية العراقية في السويد شملت المجالات السياسية والعلمية والاقتصادية والفنية وغيرها.

ويروي جواد أمثلة عديدة لتلك النجاحات، ومنها الناشطة السياسية من أصل عراقي عبير السهلاني الحاصلة على شهادة بكالوريوس تحليل أنظمة الحاسوب، والتي أصبحت أحد أعضاء البرلمان السويدي لدورتين، وكذلك عملت في البرلمان الأوروبي، ولديها مواقف مساندة للجالية العراقية في السويد.

ويضيف أن الكثير من اللاجئين أسسوا شركات ناجحة، وهناك طلبة حققوا مستويات عالية ودخلوا الجامعات وصنعوا مستقبلهم رغم صعوبة الحياة وغربتهم عن بلدهم الأم، لكنهم استطاعوا إثبات وجودهم.

ويتابع جواد أن صديقه اللاجئ ذو الفقار استطاع استثمار خبرته في مجال الميكانيك للحصول على عمل في شركة فولفو (Volvo) للسيارات، وحقق نجاحا كبيرا في مجال عمله، ثم طور نفسه بعد ذلك وافتتح ورشة لصيانة السيارات وكذلك معرضا لبيع السيارات، لافتا إلى أن هناك نجاحات مرموقة حققها العراقيون في السويد، سواء بالقطاع الخاص أو القطاع الحكومي.

اخبار ذات الصلة