• Thursday 28 November 2024
  • 2024/11/28 13:39:39
{محلية: الفرات نيوز} لتحقيق غايات مادية أو مصالح خاصة، يلجأ الكثير من المجرمين لانتحال صفات حكومية ورسمية، ومثلما يفعل الممثلون في الأعمال الدرامية والسينمائية، يجيد هؤلاء تأدية أدوار أصحاب المهن والوظائف العليا لكن في الحياة الواقعية، حيث تنطلي هذه التمثيليات على الكثير من المواطنين بحسب إجادة الدور من قبل المجرم.

وفي هذا الإطار تحدث رئيس محكمة جنايات النجف القاضي احمد عبد الامير عن جريمة انتحال الصفة والإجراءات القانونية التي تواجه مرتكبيها، مشيرين إلى أن أبرز الوظائف التي استهدفها هؤلاء مؤخرا هي منصب القاضي والطبيب ومستشار رئيس الوزراء وغيرها من الدرجات الأمنية والعسكرية.

ويقول قاضي محكمة جنايات النجف، خلال حديث لـصحيفة "القضاء"، إن "انتحال الصفة سلوك إجرامي يسعى من خلاله الجاني الحصول على منافع ذاتية خاصة, وجريمة الانتحال تدخل ضمن إطار تأدية وظيفة أو خدمة عامة مدنية أو عسكرية أو أن يجري المتهم عملا من أعمالها أو مقتضياتها بغير حق ومن دون صفة رسمية أو إذن من جهة مختصة".

ويضيف عبد الأمير، أن "أبرز الدوافع التي تقف خلف جريمة انتحال الصفة، إما أن تكون الرغبة بالحصول على الأموال والمنافع المادية بطريقة سهلة وسريعة أو تتعلق بالحالة الصحية والنفسية للمنتحل".

ويتابع أن "الأسباب التي أدت إلى انتشارها متعددة منها أسباب أخلاقية من خلال انتحال صفة شخصية مشهورة والتواصل مع الجمهور, وكذلك أسباب مادية بحتة من خلال قيام الجاني بانتحال صفة طبيب أو فتح عيادة أو الترويج لمستحضرات طبية لكسب المال من خلالها, وأسباب سياسية وأمنية عندما يقوم الجاني بإيهام ضحايا بالحصول على درجات وظيفية والحصول على المنافع المادية من خلالها, وأسباب نفسية عندما يشعر الجاني بالنقص فيلجأ إلى انتحال شخصية معروفة للحصول على المدح والإطراء والمكاسب المادية".

وبشأن أكثر الوظائف التي يستهدفها المجرمون في الآونة الأخيرة، ذكر قاضي محكمة جنايات النجف أن "هؤلاء يستهدفون الوظائف العامة التي تمثل واجهات اجتماعية تحظى باحترام وتقدير كالقاضي والطبيب والضابط ومستشار مجلس الوزراء والتي تخلق لدى المقابل طمأنينة بصحة ادعائهم كونها من الوظائف التي ليس من السهل انتحالها".

وشدد القاضي على "ضرورة التمييز بين عملية انتحال الصفة والاحتيال والتزوير, فالانتحال هو اخذ دور أو شخصية غير حقيقية لخداع الآخرين بغية الحصول على منافع مادية, أما الاحتيال فهو استعمال الجاني طرقا احتيالية باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة  أو تقرير امر كاذب عن واقعة معينة من شأنه خداع الآخرين, والتزوير هو تغيير الحقيقة بقصد الغش في سند أو وثيقة بإحدى الطرق المادية أو المعنوية والذي من شأنه إحداث ضرر في المصلحة العامة".

وعن الإجراءات القانونية التي تعالج هذه الجريمة، أشار إلى أن "المشرع العراقي تناول جريمة انتحال الصفة في المواد 260 و261 و262 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وقد جرى تعديلها بالقرار رقم 160 لسنة 1983 حيث عاقبت بالسجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات على كل من انتحل وظيفة من الوظائف العامة أو وظائف القوات المسلحة أو قوى الأمن الداخلي أو الأجهزة الأمنية أو الاستخبارية أو تدخل أو أجرى عملا من أعمالها أو مقتضياتها بغير حق وذلك من دون صفة رسمية أو إذن من جهة مختصة ويعتبر حصول الفاعل على مكاسب مادية ظرفا مشددا".

وحذر القاضي عبد الأمير من أن "مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت وبشكل كبير في تفاقم هذه الجريمة إذ يستخدمها الكثير من الأشخاص في ارتكاب الجرائم حيث أصبح بالإمكان إنشاء حساب وهمي باسم اي شخص وسرقة بياناته الشخصية كما يتم إخفاء هوية المجرمين الحقيقيين لأجل تحقيق أهداف مالية وكسب تعاطف الآخرين بطرق خادعة".

وعن أساليب مكافحة هذه الجريمة، حث القاضي، "الجهات الأمنية على إشاعة الشفافية القانونية وإشعار المواطنين للتبليغ عن الحالات المشبوهة وتوعية الأفراد على المحافظة بحسب معلوماتهم الشخصية وأوراقهم الرسمية بغية عدم انتحالها واستخدام كلمات مرور يصعب اختراقها وعدم إرسال المعلومات الشخصية التي من شأنها جعل هوية الأفراد أكثر عرضة للانتحال لأي شخص, وتدريب الموظفين على أساسيات الأمن السيبراني وتجنب كشف البريد الرسمي للدوائر الحكومية والإشعار بالروابط المشبوهة".

وعن اغرب الحالات التي عرضت عليه، يستذكر القاضي، "جريمة لانتحال صفة احد السادة القضاة حيث قام المتهم بانتحال شخصية قاض وقام بمراجعة الدوائر الرسمية وتمشية المعاملات الرسمية وكذلك تعريف نفسه للمواطنين بالصفة المذكورة بغية الاحتيال عليهم, ناهيك عن احتيال صفة أطباء تجميل واجراء عمليات تجميل داخل مراكز غير مرخصة بغية الاستفادة المادية".

ويرى أنه "مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وازدياد معدل ارتكاب هذه الجرائم هناك ضرورة ملحة من اجل تعديل النصوص القانونية التي جرمت مثل تلك الممارسات حتى تكون أكثر شمولية وتحقق الردع والزجر للجاني"، مشددا على ضرورة "التعاون مع الأجهزة الأمنية للحد من هذه الجرائم ونشر التوعية لمخاطر هذه الجرائم وعدم الوقوع فيها".

وخلص القاضي إلى أن "انتحال الصفة يؤدي إلى فقدان الثقة بين الأفراد، مما يضر بالعلاقات الاجتماعية, ويتسبب في تدمير سمعة الأشخاص أو المؤسسات، مما يؤثر سلبًا على حياتهم الشخصية والمهنية, كما يسبب خسائر مادية للأفراد والشركات"، داعيا في الوقت نفسه المواطنين إلى "التعاون مع الأجهزة الأمنية والتبليغ على الحالات المشبوهة من اجل الحد من هذه الجريمة".


 

اخبار ذات الصلة