• Thursday 26 December 2024
  • 2024/12/26 08:11:24
{تقارير: الفرات نيوز} عمار المسعودي

شهد العراق خلال عام 2024 العديد من التطورات السياسية التي عكست إرادة البلاد في مواجهة التحديات والعمل نحو تحقيق الاستقرار والتنمية.

ورغم الصعوبات التي واجهتها الحكومة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلا أن العام تميز بخطوات إيجابية نحو تعزيز الإصلاحات الاقتصادية، وتحسين العلاقات الإقليمية والدولية، وإطلاق مشاريع تنموية كبرى تهدف إلى بناء مستقبل أفضل للشعب العراقي.
كما شهد العام جهوداً متواصلة لتعزيز الحوار السياسي بين مختلف الأطراف، والعمل على حل الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، مما يعكس رغبة حقيقية في تحقيق التوافق الوطني. 
ويهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز الأحداث السياسية التي شهدها العراق خلال عام 2024، مع تحليل تأثيرها على الوضع العام في البلاد، واستعراض التحديات والفرص التي تواجه الحكومة والشعب العراقي في ظل هذه التطورات.

شهر كانون الثاني 2024
كان هذا الشهر مليئاً بالتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية في الع . ورغم الجهود الحكومية لتحقيق الاستقرار ومعالجة الأزمات، إلا أن التوترات الداخلية والخارجية استمرت في التأثير على المشهد العام، وعكس هذا الشهر الحاجة إلى توافق سياسي أوسع وإصلاحات جذرية لمواجهة التحديات المتزايدة وتحقيق تطلعات الشعب العراقي.
1. التوترات بين الحكومة العراقية والقوات الأمريكية
في بداية الشهر، تصاعدت التوترات بين العراق والولايات المتحدة بعد تنفيذ القوات الأمريكية ضربة جوية استهدفت عناصر من الفصائل المسلحة داخل الأراضي العراقية، أثارت هذه الضربة غضباً سياسياً واسعاً، حيث اعتبرتها الحكومة العراقية انتهاكاً للسيادة الوطنية.
ردت الحكومة العراقية بإعلان نيتها مراجعة الاتفاقيات الأمنية مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وسط دعوات من بعض القوى السياسية لإخراج القوات الأجنبية من البلاد.
2. الخلافات بين بغداد وإقليم كردستان
استمرت الخلافات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان حول قضايا تقاسم الإيرادات النفطية والموازنة العامة. أثرت هذه الخلافات على صرف رواتب موظفي الإقليم، مما أدى إلى احتجاجات في بعض مدن كردستان.
جرت محاولات لعقد اجتماعات بين الطرفين لحل القضايا العالقة، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الشهر.
وعلى الصعيد الإقليمي، شهد العراق زيارات دبلوماسية من مسؤولين إيرانيين وأتراك لبحث القضايا الأمنية والاقتصادية، في محاولة لتعزيز التعاون الإقليمي.
4. الإصلاحات الحكومية
أعلنت حكومة محمد شياع السوداني عن خطط جديدة لتحسين الخدمات العامة ومكافحة الفساد، مع التركيز على مشاريع تنموية كبرى مثل ميناء الفاو الكبير ومشاريع الغاز الطبيعي.
5. الاستعدادات لانتخابات مجالس المحافظات
بدأت التحضيرات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات المقررة في شهر تشرين الأول 2024، وكانت هذه الانتخابات الأولى منذ عام 2013، وتهدف إلى تعزيز اللامركزية.

شباط 
وكانت مباحثات انسحاب القوات الأمريكيةـ الخجث السياسي الأبرز لهذا الشهر حيث عقدت اللجنة العسكرية العليا العراقية-الأمريكية جولة جديدة من المحادثات بشأن تقليص مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق.

آذار
وشهد الشهر استمرار التوترات السياسية والأمنية في العراق، مع محاولات الحكومة العراقية معالجة القضايا الداخلية والخارجية، بما في ذلك العلاقات مع تركيا، والتواجد الأمريكي، والخلافات مع إقليم كردستان. 
ففي 14 آذار/مارس 2024، قام وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بزيارة إلى العراق على رأس وفد رفيع المستوى ضم وزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات، وتناولت الزيارة ملفات أمنية تتعلق بوجود المعارضين الأتراك الأكراد في العراق، بالإضافة إلى مناقشة اتفاقيات تجارية واقتصادية بين البلدين.

نيسان
وتميز شهر نيسان/أبريل 2024 في العراق بحراك سياسي ودبلوماسي مكثف، شمل زيارات رفيعة المستوى.
وقام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بزيارة إلى واشنطن في منتصف نيسان/أبريل، حيث التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن ومسؤولين آخرين، وركزت الزيارة على تعزيز العلاقات الثنائية، مناقشة مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، والتعاون الاقتصادي. 
في المقابل زار الرئيس التركي العراق في 22 نيسان/أبريل، وهي أول زيارة له منذ 13 عاماً، ناقش خلالها مع المسؤولين العراقيين قضايا المياه، ومكافحة حزب العمال الكردستاني، ومشروع "طريق التنمية" الستراتيجي.
وشهدت زيارة أردوغان توقيع العراق مذكرة تفاهم مع تركيا، قطر، والإمارات لتعزيز التعاون الاقتصادي وتنفيذ مشروع "طريق التنمية"، الذي يهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز التجارة الإقليمية.

أيار
شهد شهر أيار/مايو 2024 تطورات سياسية وأمنية مهمة في العراق، أبرزها إنهاء مهام بعثة الأمم المتحدة، واستمرار أزمة رئاسة البرلمان، وتصاعد التوترات مع الولايات المتحدة. 
وفي نهاية أيار ، صوّت مجلس الأمن الدولي على إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بعد 20 عامًا من عملها، وجاء القرار بناءً على طلب الحكومة العراقية، التي أكدت أن العراق يشهد استقرارًا سياسيًا وأمنيًا ملحوظًا. 
كما استمرت أزمة اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي بعد شغور المنصب، حيث أخفقت القوى السياسية السنية في التوصل إلى توافق حول مرشح، مما أدى إلى تأجيل الجلسات البرلمانية، وكان التنافس بين مرشحين من تحالفات مختلفة، وسط انقسامات داخل القوى السنية والشيعية. 

حزيران
وأقر مجلس النواب في 3 حزيران/ يونيو 2024، جداول الموازنة الثلاثية (2023-2025)، وهي الأكبر في تاريخ العراق.
وجاء هذا القرار بعد نقاشات طويلة، حيث تهدف الموازنة إلى معالجة التحديات الاقتصادية، لكنها أثارت جدلاً حول توزيع الموارد بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان. 
وشهد البرلمان العراقي انشقاق 11 نائباً عن كتلة "تقدم" التي يرأسها محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، وأعلن النواب المنشقون تشكيل جبهة سياسية جديدة باسم "كتلة المبادرة".

تموز
وتميز شهر تموز/يوليو 2024 في العراق بتصاعد التوترات السياسية، سواء على مستوى العلاقة مع الولايات المتحدة أو في الداخل مع استمرار الخلافات بين بغداد وأربيل، كما برزت جهود الحكومة لتطوير الصناعة الحربية وتعزيز السيادة الوطنية وسط تحديات إقليمية ودولية.
وشهد هذا الشهر توطين الصناعة الحربية لأول مرة منذ 2003، وافتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في 20 تموز/يوليو مصانع لإنتاج قنابر الهاون والعتاد الخفيف جنوب بغداد، وهذه الخطوة تأتي ضمن جهود الحكومة لتطوير منظومة التسليح الحربي وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي.
وفي واشنطن عقدت محادثات بين وفد عراقي ومسؤولين أمريكيين يومي 22 و23 تموز/يوليو، و أكدت المفاوضات على تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، خاصة في مواجهة داعش الارهابي.
وزار رئيس الوزراء السوداني طهران والتقى بقائد الثورة الاسلامية في ايران آية الله السيد علي الخامنئي، وناقش اللقاء تعزيز العلاقات الثنائية ومتابعة الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، كما أكد الطرفان على ضرورة وقف العدوان على غزة ومنع تصعيد الصراع إقليميًا.

آب
وشهد الشهر حراكا دبلوماسيا لرئيس الوزراء، حيث قام بجولة إقليمية شملت لقاءات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التونسي قيس سعيد، كما التقى بوزير الخارجية السعودي، حيث ناقش قضايا التعاون الإقليمي وتعزيز العلاقات الثنائية. 
إرجاء إعلان إنهاء مهمة التحالف الدولي
في 15 آب/ أغسطس، أعلن العراق تأجيل إعلان إنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، جاء هذا القرار بسبب "التطورات الأخيرة" في ظل وضع إقليمي متوتر والخشية من التصعيد. 
التوترات الإقليمية وتأثيرها على العراق:
استمرت التوترات الإقليمية، خاصة مع الحرب في غزة، مما أثر على الوضع السياسي في العراق، وأكدت الحكومة العراقية دعمها للقضية الفلسطينية، بينما حاولت تجنب الانجرار إلى صراعات إقليمية أوسع.
وفي هذا الشهر أدان المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني المجازر الوحشية للاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، ودعا العالم إلى الوقوف في وجه هذا "التوحش الفظيع" ومنع الاحتلال من تنفيذ مخططاته ضد الشعب الفلسطيني، وعبّر عن أسفه لعجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن فرض حلول ناجعة لإيقاف المأساة في غزة.

أيلول
شهد شهر أيلول/سبتمبر 2024 استمرار التوترات السياسية والأمنية في العراق، مع محاولات الحكومة العراقية معالجة القضايا الداخلية والخارجية، بما في ذلك العلاقات مع تركيا، التواجد الأمريكي، والخلافات مع إقليم كردستان.
وعادت قضية انسحاب القوات الأجنبية إلى الواجهة بعد تصريحات رئيس الوزراء، الذي أكد أن العراق لم يعد بحاجة إلى وجود القوات الأمريكية، و تم الاتفاق على خطة انسحاب تدريجية بحلول سبتمبر أيلول 2025، مع استمرار النقاش حول تأثير هذا الانسحاب على الأمن والاستقرار. 
وفي 28 أيلول سبتمبر 2024، أصدر مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني بيانًا يعزي فيه باستشهاد السيد حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله، الذي استشهد في قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت، ووصف بيان مكتب المرجع السيد حسن نصر الله بأنه "أنموذج قيادي قلّ نظيره في العقود الأخيرة"، معربا عن حزنه العميق لهذه الخسارة الكبيرة".
وعا السيد السيستاني المؤمنين إلى المساهمة في تخفيف معاناة الشعب اللبناني وتأمين احتياجاتهم الإنسانية الأساسية.

تشرين الأول
كان شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024 مليئًا بالتطورات السياسية في العراق، بدءًا من الانتخابات في إقليم كردستان، وصولًا إلى الجهود الإقليمية والدولية لمعالجة القضايا الإنسانية والبيئية.
وجرت انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2024، وبنسبة مشاركة بلغت 72%، مع تصويت خاص للقوات الأمنية بنسبة 97%.
وحقق الحزب الديمقراطي الكردستاني 39 مقعداً من أصل 100 مقعد وتلاه الاتحاد الوطني الكردستاني 23 مقعداً، وحراك الجيل الجديد على 15 مقعداً، وتوزعت باقي المقاعد على كتل وقوى سياسية كردستانية مختلفة.
قوانين جدلية
واستمر مجلس النواب العراقي في مناقشة قوانين مهمة مثل قانون الأحوال الشخصية والعفو العام وإعادة العقارات، ورغم الخلافات السياسية، تم إدراج هذه القوانين على جدول الأعمال دون اقرارها.
التطورات الإقليمية وتأثيرها على العراق
وتأثرت السياسة العراقية بالأحداث الإقليمية، خاصة الحرب في غزة، ودعا العراق دعا إلى عقد قمة إسلامية بالتعاون مع السعودية لمناقشة تداعيات الحرب، كما استمرت الحكومة العراقية في دعم القضية الفلسطينية دبلوماسيًا وإنسانيًا.

تشرين الثاني- المرجعية العليا
وكان عام 2024 عامًا حافلًا بالنشاطات والتوجيهات من قبل المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني، حيث استمر في لعب دور محوري في توجيه العراق نحو الاستقرار والإصلاح، وشكلت بياناته وتوجيهاته خارطة طريق للقوى السياسية، مع التركيز على مكافحة الفساد، تعزيز سيادة القانون، ومنع التدخلات الخارجية.
1. لقاءات مع ممثلي الأمم المتحدة:
في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، استقبل الإمام السيستاني ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، في النجف الأشرف، و خلال اللقاء، أكد السيد السيستاني على أهمية منع التدخلات الخارجية، حصر السلاح بيد الدولة، وتحكيم سلطة القانون، كما شدد على ضرورة مكافحة الفساد واعتماد الكفاءة والنزاهة في إدارة الدولة.
توجيهات وإرشادات سياسية:
أصدر الإمام السيستاني بيانات تضمنت "خارطة طريق" لإصلاح النظام السياسي في العراق، وركزت هذه التوجيهات على تعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد على جميع المستويات ومنع التدخلات الخارجية وحصر السلاح بيد الدولة، وتحسين إدارة الدولة من خلال الكفاءة والنزاهة.
مواقف إنسانية وإقليمية:
عبّر السيد السيستاني عن قلقه العميق تجاه الأوضاع الإنسانية في المنطقة، بما في ذلك المأساة المستمرة في غزة ولبنان، وانتقد عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حلول ناجعة لهذه الأزمات. 
 استمرار تأثير المرجعية:
رغم امتناع السيد السيستاني عن استقبال المسؤولين العراقيين منذ عام 2015، إلا أن بياناته وتوجيهاته لا تزال تمثل مرجعية أساسية للقوى السياسية في العراق، و العديد من الأحزاب والقوى السياسية أعلنت دعمها الكامل لتوجيهاته، واعتبرتها "وثيقة مبادئ" لإصلاح النظام السياسي.

كانون الأول 2024
شهد شهر كانون الأول 2024 في العراق استمرار التوترات السياسية والأمنية، مع تصاعد تأثيرات التطورات الإقليمية، خاصة في سوريا، كما برزت تحديات داخلية تتعلق بالخدمات، البطالة، والعلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.
وأثرت التطورات في سوريا، بما في ذلك سقوط نظام بشار الأسد، على المشهد السياسي العراقي، حيث أكدت الحكومة العراقية رفضها لأي تدخل عسكري في سوريا، لكنها شددت على أهمية حماية الحدود ومنع تسلل الجماعات المسلحة.
كما أشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أن العراق لن يسمح بتكرار سيناريو سيطرة التنظيمات المتطرفة على المناطق الحدودية مع العراق.
وأعلنت الحكومة العراقية عن خطط لإدخال تطبيقات "المدن الذكية" في البلديات لتحسين الخدمات.

السيد عمار الحكيم في 2024
وشهد عام 2024 نشاطات مكثفة للسيد عمار الحكيم، رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، على الصعيدين السياسي والاجتماعي في العراق، و ركزت جهوده على تعزيز الاستقرار السياسي، دعم الإصلاحات، وتقوية العلاقات الإقليمية والدولية، فيما يلي أبرز نشاطاته خلال العام:
1 – دعم الاستقرار السياسي 
2- زيارات المحافظات ودعم اللامركزية
3 – دعم العلاقات الإقليمية والدولية 
4- دعم القضايا الاجتماعية والإنسانية وإطلاق المبادرات التي تخصها.
5- تشديده على مكافحة الفساد وإجراء الاصلاحات
مواقف سياسية بارزة للسيد الحكيم بيتها:
الأزمة السورية.. التأكيد على ضرورة تمكين الشعب السوري من اتخاذ قراره السياسي وإدارة بلده، مشددًا على أهمية استقرار سوريا وتأثيره على العراق. 
القضية الفلسطينية: جدد دعمه للقضية الفلسطينية، داعيًا إلى نصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني. 
ختامًا، يمكن القول إن عام 2024 كان عامًا مفصليًا للعراق، حيث واجهت البلاد تحديات كبيرة، لكنها أظهرت أيضًا بوادر أمل من خلال الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والإصلاح، ويبقى المستقبل مرهونًا بقدرة القوى السياسية على تجاوز الخلافات والعمل المشترك لتحقيق تطلعات الشعب العراقي في الأمن والازدهار.

اخبار ذات الصلة