{بغداد:الفرات نيوز} تقرير: رانيا المكصوصي .. مع حلول عيد الفطر المبارك، يقف العراقيون هذا العام في وادٍ يعلوه من جانبين مرتفعان متفاوتان هما ارتفاع الأسعار وتوتر الأمن، ورغم شدة وقع الأخير على نفوس المواطنين إلا أنهم يصرون على مواصلة مسيرة الحياة وعيشها بطبيعتها رغم المنغصات فهم يحاولون ان يعطوا عيدهم حقه من خلال الاستعداد له في التبضع وما إلى ذلك من التحضيرات والطقوس التي تعارفت عليها العوائل العراقية .
الا ان ارتفاع الأسعار خلال هذا العيد ليس كما يبرر بكل مرة، أنها ناتجة عن زيادة مرتبات الموظفين، أو المتقاعدين، وما إلى ذلك من الأسباب التي اعتاد المواطن على سماعها عند ارتفاع الأسعار، اليوم غلاء الأسعار يُعزى إلى الوضع الأمني وانعكاساته، فراح أصحاب المحلات والتجار يحمّلون الأمن جريرة الغلاء بغض النظر عن نوع المواد المعروضة للبيع فجميعها شُملت بتأثير الوضع الأمني خصوصا وان اغلب احتياجات العائلة العراقية المطروحة في الأسواق سواء الملابس أو الأجهزة الكهربائية وحتى الأمور الكمالية مستوردة من الخارج الأمر الذي أصبح ذريعة معقولة لتبرير ارتفاع الأسعار .
ولم تغفل المرجعية الدينية العليا عمّا يشهده السوق العراقي من غلاء، إذ كانت لها كلمتها حيال ذلك، إذ دعت في الـ{20} من حزيران الماضي، تجار المواد وغيرها مما يحتاج إليها عامة الشعب ان يراعوا الانصاف ولا يرفعوا الاسعار ولا يحتكروا الاطعمة التي تشكل قوت الناس لأن الاحتكار بالاضافة الى كونه غير جائر شرعا فإنه مما لا ينسجم مع مكارم اخلاق العراقيين .
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار السابق عامر الفائز، عزا ارتفاع الاسعار الى " اعتماد سياسة السوق اقتصاديا، فإن سعر المنافسة سيكون الرقيب على التجار فعنصر المنافسة هو المقياس الذي يعمل على خفض الأسعار ".
واكد " بما ان البلد اليوم يمر في وضع خاص والخلل الأمني في السوق فهذا يفسح المجال للدولة ان تتدخل بقضايا السوق "، مشيرا إلى أن " الدولة لا تستطيع التدخل بحال اعتماد سياسة السوق، ولكن الوضع الأمني وعدم الاستقرار التي يستغلها الكثير من التجار فهذا يفسح المجال للدولة بأن تتدخل ".
وأشار الفائز إلى أن " على الدولة أن تتدخل بمثل هذه الظروف لأن المواطن اُثقل كاهله بأمور كثيرة منها أسعار "، لافتا إلى انه " في ظل الوضع الأمني الراهن لا يمكن تنشيط الوضع الاقتصادي للبلد، وإنما يبقى مجرد تمشية للأمور بالسوق لأن اغلب المستثمرين ورؤوس الأموال لا سيطرة عليهم ولا إمكانية لإجبارهم في الاستثمار في بلد الحالة الأمنية مضطرة به ".
من جانبها، أوضحت النائبة عن كتلة بدر المنضوية في ائتلاف دولة القانون، أمل عطية، أن " نداء المرجعية الدينية واضح، من اجل أن يلتزم الجميع بهذا النداء ونأمل من الجهات المسؤولة أن تتخذ الإجراءات اللازمة وفرض العقوبات والغرامات والحد من ظاهرة الجشع التي تنتاب السوق العراقية ".
ولفت الى أن " لا شيء جديداً في العراق اليوم، والوضع كما عليه ، الحدود مفتوحة والتجار يعملون ، إلا أن الدواعش بكل مكان وليسوا فقط الذين يسفكون الدماء، فالدواعش موجودون ضمن التجار والقادة السياسيين وبكل الحياة التي يعيشها الشعب العراقي ".
بينما عبرت إحدى المواطنات وهي أم لثلاثة أطفال عمّا يدور في خلجها وهي تحاول تجهيز أطفالها للعيد قائلة إن " الأسعار مرتفعة جدا ولا يستطيع الفقير، بل من الأفضل أن لا نتكلم عن الفقير إذ انه نسيَ العيد منذ زمن بعيد، فاليوم حتى الطبقة المتوسطة لا تستطيع التجهيز له "، مضيفة " فإذا افترضنا أن اصغر عائلة عراقية تتكون من خمسة أفراد وملابس الطفل بـ{50} ألف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مرتب والده {400} ألف فما الذي سيبقى من الراتب لسد حاجات المعيشة طيلة شهر وما الذي يُصرف لشراء الملابس؟ ".
فيما نوهت أخرى إلى أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على الملابس وغيرها، بل تجاوزها ليشمل المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية، قائلة إن " أسعار المواد الغذائية ارتفعت كثيرا بسبب ما يمر به البلد من وضع متأزم، وحتى الأجهزة الكهربائية وكل شيء مستورد على اعتبار أن المنافذ مغلقة، لا نعلم ما الذي يجري فحسب توقعي من المفترض أن تتناسب أسعار السلع عكسيا مع تأزم الوضع ، فكما نعلم ان بتأزم الوضع سيقل الطلب والإقدام على الشراء والذي من المفترض ان يؤدي إلى خفض الأسعار، خصوصا اننا نلاحظ اليوم قلة الطلب على الاجهزة لارتباك المواطن نتيجة لما يراه في النازحين حيث هُجروا وتركوا كل شيء فالمواطن غير مستقر اليوم ".
من جهته عزا احد اصحاب محال بيع الملابس، ارتفاع الاسعار لأمور عدة قائلا ان " الاسعار حقا قد ارتفعت نسبيا وذلك لتأزم وضع بعض البلدان التي كُنا نعتمدها كمورد أساسي لبعض الملابس ، الامر الذي ادى الى الاقتصار على بلدان اخرى تكلفة نقل المنتج منها مرتفعة، علاوة على ان اسعار منتجاتها تكون مرتفعة اساسا على اعتبار الجودة وغيرها ".
واضاف " كما ان الوضع الامني واغلاق المنافذ بين الحين والاخر وتعرض اصحاب شاحنات نقل البضائع لاستهداف الإرهاب زاد من خطورة النقل الامر الذي انعكس على الأسعار وأمور أخرى لها تأثيرها ".
ومع مد وجزر الظروف يبقى المواطن هو المحور الأساسي الذي يتأثر بارتطام أمواج ارتفاع الأسعار بمبررات المسوقين، وهو ينظر بعين آملة بالسيطرة على السوق بشكل عام عبر تشريع قوانين تكون لها السيادة على الوضع العام للحيلولة دون تأثره بما قد يحدث من اضطراب حتى لا يكون فريسة لجشع أصحاب النفوس الضعيفة من التجار وغيرهم . انتهى