{بغداد:الفرات نيوز} تقرير.. رانيا المكصوصي .. في السنوات التي تلت سقوط النظام الدكتاتوري شابت العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان العراق حالات من الشد والجذب، واحيانا القطيعة، حول مواضيع مختلفة ابرزها ملف النفط وتصديره وحصة الاقليم من هذا النفط المصدر وحصته ايضا من الموازنة العامة الاتحادية ، فهل سترسو سفينة العلاقة المتأزمة هذه الى بر السلام والتصالح بعد تمكن الطرفين من طوي صفحة الخلاف في هذين الملفين ؟
فبعد تجاذبات متواترة بين بغداد واربيل ومناقشات بين وفدي الطرفين، والتي سجل شهر شباط الماضي آخرها، إذ زار الوفد الكردي برئاسة نيجيرفان بارزاني العاصمة بغداد لمناقشة القضايا العالقة مع وفد الحكومة الاتحادية {السابقة} إلا أن المفاوضات لم تنجح حينئذ، في حين ساعدت اشعة صدق النوايا في الاتفاق الاخير على إذابة الجليد الذي أعاق طريقها، وهدتها بعد سنوات من التشتت بين المد والجزر إلى الساحل بسلام، لتحمل على متنها أهداف موحدة في تجاوز ما مضى وتوحيد الجهود للعمل على إعادة بناء البلد واستقرار وضعه الأمني.
واجتمعت آراء السياسيين والخبراء الاقتصاديين على ايجابية الاتفاق ومدى ما سيحققه من استقرار على واقع البلد الداخلي من الأمن ومواجهة عصابات الإرهاب، والنهوض بالواقع الاقتصادي ، فضلا عمّما سيعكسه من صورة لتماسك العراق أمام المجتمع الدولي .
وأكد رئيس كتلة المواطن حامد الخضري، ان اتفاقية بغداد واربيل سيرفد الموازنة المالية بالمليارات التي ستسهم في سد العجز المالي .
وقال الخضري ان "الاتفاق من شأنه ان يساهم في فتح صفحة جديدة وتصحيح مسار العلاقات بين المركز والإقليم التي شابها التوتر في السنوات الماضية فضلا عن كونه سيرفد الموازنة المالية بمليارات الدولارات مما يسهم بسد العجز المالي ".
ورأى ان الاتفاق سيدفع باتجاه اقرار الموازنة خاصة وان هذه المشكلات بين بغداد وأربيل كانت أحدى العوائق في هذا الجانب، مشيرا الى ان" توفر الارادة السياسية في الحل نأمل ان تنعكس ايجابا في اقرار الموازنة المالية داخل مجلس النواب "، داعيا الى "استثمار الاجواء السياسية الايجابية في تعزيز التعاون الامني بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان في محاربة عصابات داعش لاسيما بعد ان حققت قوات الجيش العراقي مع الحشد الشعبي والبيشمركة في الاسابيع الماضية عدة انتصارات على الارهابيين ".
فيما عد عضو التحالف الوطني النائب محمد الصيهود ان الاتفاق النفطي الاخير بين الحكومتين الاتحادية واقليم كردستان خطوة اولى وايجابية باتجاه تحسين العلاقات ، وحل المشكلات العالقة بين الجانبين بما ينعكس ايجابا على كافة العراقيين .
وقال النائب الصيهود ان " المشكلات كبيرة وكثيرة ومعقدة في نفس الوقت بين حكومتي المركز واقليم كردستان ، لكن الاتفاق النفطي الاخير هو خطوة اولى وبالتأكيد ايجابية باتجاه تحسين العلاقات وحل المشكلات العالقة بما ينعكس ايجابا على الحكومتين والشعب عموما ".
وبين الصيهود ان " الشعب احوج ما يكون الى حل الخلافات السياسية بين كافة الاطراف ، التي القت بظلالها على البلاد والمواطنين في جميع المجالات ".
من جانبها رأت النائبة عن التحالف الكردستاني بيروان مصلح ان " الاتفاق بين بغداد واربيل النفطي الاخير يبشر بخير ويدل على حسن النوايا وسيسهم بحل جميع المشاكل العالقة ".
وذكرت مصلح ان " الاتفاق جيد ويبشر بخير لحل جميع المشاكل بين حكومتي بغداد واربيل وعلينا ان نستمر بهذا الاتفاق وندخل في حوارات مكثفة لتحقيق الاهداف المرجوة "، مشيرة الى ان " معظم الملفات العالقة لم تحل في الحكومة السابقة رغم انه تم تقديم وعود في تلك الحقبة ".
من جهتها، اكدت كتلة الأحرار النيابية الى ان الاتفاق النفطي بين المركز والاقليم خطوة اولى لحل كافة الخلافات بين بغداد واربيل .
وقالت النائبة عن الكتلة زينب الطائي ان " الاتفاق النفطي الاخير هو خطوة اولى لحل كافة الخلافات بين بغداد واربيل ، ونتمنى ان تعضد بأخرى نحو مزيد من التقدم ".
واوضحت ان " اقليم كردستان هو جزء لا يتجزأ من العراق ونحتاج خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد الى الوحدة التي ظهرت بين المواطنين ضد الهجمة البربرية الداعشية ، الامر الذي يشكل مدعاة لوحدة السياسيين من اجل لملمة شمل البلاد".
واضافت الطائي " لقد كانت المشكلة الاساسية بين الحكومتين الاتحادية واقليم كردستان هي النفط والموازنة المالية ، اما الآن فقد بدأت الحلول تلوح في الافق ، ونحن من جانبنا نؤيد هذه الحلول ليأخذ كل طرف استحقاقه ، فلا نرضى بتصدير الاقليم النفط من دون موافقة الحكومة الاتحادية ، وكذلك قطع بغداد رواتب موظفي كردستان ؛ لأن الموضوع في الاتجاهين هو انساني لا يحتمل الدخول في الخلافات السياسية ".
وعد الخبير الاقتصادي باسم جميل ان الاتفاق النفطي الأخير بين حكومتي المركز وإقليم كردستان هي خطوة أولى وانطلاقة لتوحيد الشعب ضد التهديدات .
وبين جميل إن " هذا الاتفاق جاء بعد تشنجات كبيرة بين المركز والإقليم ومن الضرورة إيجاد وسيلة لحل الإشكاليات العالقة ، وفي ظل التهديدات الداعشية الارهابية بقتل الجميع ومن كافة المكونات ، هناك مهمة اكبر هي توحيد الشعب وقد بدأت هذه الخطوة التي تعد انطلاقة لتوحيد الشعب ضد الارهاب "، مشيرا الى ان " " الازمة الحالية في البلاد وانخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية تحتم ايجاد بديل عن النفط كمورد اوحد ، كاشفا عن ان زيادة الحقول الجنوبية سترفع انتاج البلاد الى مليون برميل ما سيعوض الانخفاض بنسبة {30%} كمعالجة اولية سريعة على ان تعود اسعار النفط الى سابق عهدها ".
وكانت حكومة إقليم كردستان ، أعلنت في الـ{13} من تشرين الثاني الماضي، عن الاتفاق مع حكومة بغداد على حل "شامل " للمشاكل بين الجانبين ، مؤكدة ان الحكومة الاتحادية ستدفع للإقليم مبلغ {500} مليون دولار ، فيما ستحول حكومة الإقليم {150} ألف برميل من نفطها الخام يوميا تحت تصرف الحكومة الاتحادية .
فيما اكد وزير النفط عادل عبد المهدي ، ان تطبيق واحترام اتفاق بغداد واربيل بشأن الموازنة وصادرات النفط سيضمن اعادة صادرات ما يقارب مليون برميل نفط يومياً الى الخزينة ، داعيا الى اعتماد سياسة الربح المتقابل لتعويض خسارة عشرات المليارات من الدولارات.
وقال عبد المهدي " بعد مشاورات مكثفة داخل اطراف الحكومة الاتحادية وبين الكتل البرلمانية ومع حكومة اقليم كردستان ، وبتوجيه من رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ، وتنفيذا للفقرة {17} من المنهاج الحكومي التي تقتضي {بحل الخلافات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان في ملفي الموازنة العامة وتصدير النفط..الخ} وما اقتضته من التزامات متبادلة ، تم الاتفاق مع الاخوة في حكومة الاقليم على البدء بأولى الخطوات لإعادة بناء الثقة وحل الخلافات بشكل شامل وعادل ودستوري ، بعد ان تصاعدت الازمة وشكلت شرخاً يهدد ليس المصالح الاقتصادية والامنية والسياسية فحسب ، بل يهدد الوحدة الوطنية ايضا ".
وأضاف " ويقضي الاتفاق بقيام الحكومة الاتحادية بتحويل {500} مليون دولار الى حكومة الاقليم ، فيما تقوم حكومة الاقليم بوضع {150} الف برميل نفط خام يوميا بتصرف الحكومة الاتحادية ".
وأعلن وزير المالية هوشيار زيباري في الـ{19} من تشرين الثاني، عن تحويل وزارة المالية ، مبلغ {500} مليون دولار لحكومة إقليم كردستان ضمن الاتفاق المبرم مؤخرا بين اربيل وبغداد ، وبدء تطبيق اتفاق بغداد واربيل وتسليم النفط إلى خزانات شركة {سومو} التابعة لوزارة النفط الاتحادية .
ونص الاتفاق الذي أعلن مجلس الوزراء خلال جلسته أمس الثلاثاء، موافقته عليه بعد عدة مناقشات واجتماعات مع الوفد الكردي الذي وصل بغداد الأحد الماضي برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، على :
إن النفط العراقي هو ملك لكل العراقيين ، وان يقوم إقليم كردستان تسليم ما لا يقل عن {250} ألف برميل نفط يوميا إلى الحكومة الاتحادية لغرض التصدير ، كما يتضمن الاتفاق تصدير {300} ألف برميل يوميا من قبل الحكومة الاتحادية من حقول محافظة كركوك عبر خط أنبوب النفط في إقليم كردستان ، علاوة على الاتفاق على تخصيص نسبة من تخصيصات القوات البرية الاتحادية للجيش العراقي إلى قوات البيشمركة حسب النسب السكانية .
ورحبت الأمم المتحدة على لسان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف ، امس ، بالاتفاق النفطي الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق .
وقال ملادينوف " أتطلع الى تنفيذ الاتفاق في أسرع وقت ممكن، بما في ذلك أمر صادرات النفط من الاقليم وكركوك، فضلا عن صرف ميزانية حكومة اقليم كردستان من الموازنة العامة العراقية، ودفع رواتب البيشمركة ".
واضاف " أود أن أشيد بكل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، لقيادتهم وروح التوافق الذي أبدياها في التوصل إلى هذه الاتفاقية المشجعة "، مشيرا الى انه " لا يمكن التوصل إلى أي اتفاقيات من شأنها خدمة مصلحة العراق والشعب العراقي إلا من خلال الحوار المباشر والصريح ".
وتابع " أنني أحث جميع الزعماء والقادة العراقيين على مواصلة إبداء نفس روح الوحدة والرغبة في التوصل لاتفاق بشأن الأولويات الملحة، بما في ذلك اعتماد الموازنة العامة الاتحادية لعام 2015، فضلا عن التشريعات الهامة الأخرى، والعمل من أجل المصالحة الوطنية واستعادة الثقة بين مكونات المجتمع العراقي ".
يذكر ان رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، عبر خلال لقائه رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول والوفد المرافق له، مطلع تشرين الثاني الماضي، عن ثقته بأن تتكلل الجهود المخلصة والحوارات بين قيادات الإقليم والمركز في تعزيز العلاقات المشتركة ، وتوجيه الجهود نحو مكافحة الإرهاب والسير بالبلاد قدما نحو التقدم والازدهار .
وعلى ما يبدو للمراقبين من ذوي الشأن والمواطنين على حد سواء ان الاتفاق النفطي، وما تبعه وسبقه من خطوات اتخذتها الحكومة الجديدة فانه يشكل باعث امل بان البلد بدأ السير على طريق مرسوم بخطوط معلومة يستطيع المواطن تمييزها ويمكنه من خلالها التفاؤل بمستقبل جيد وإن كان نيله على المدى البعيد الا انه يكفي بان يكون أساس للأجيال القادمة . انتهى