{بغداد:الفرات نيوز} تقرير .. رانيا المكصوصي.. دأبت كربلاء المقدسة في كل عام ومن خلال المسيرة الحسينية على تقديم الدروس العليا وتجسيد القيم المثلى لمعنى الإنسانية والطبيعة البشرية السامية التي ميز الله تعالى بني البشر بها .
وبعيدا عن العواصف الاقتصادية وكوابيس التقشف و الميزانية، جسد خدام الإمام الحسين {عليه السلام} معنى الكرم الأصيل والإنسانية بما يقدموه من المأكل والمسكن والخدمات الصحية وحتى الثقافية والاجتماعية، كل ذلك في الطرق المؤدية إلى كربلاء والتي أصبحت فصلا دراسيا نموذجيا .
ومّما شهده هذا العام خلال زيارة أربعين الإمام الحسين {عليه السلام} مد أطول مائدة طعام {سفرة الإمام الحسين} امس الثلاثاء من قضاء المحمودية جنوبي العاصمة بغداد وحتى نهاية منطقة الحصوة شمالي محافظة بابل على طول {23} كم .
وقال المشرف على السفرة علي الدنيناوي إن " في تمام الساعة الـ{11} صباح امس الثلاثاء، تم نصب مائدة طعام لإطعام زوار الإمام الحسين عليه السلام على طول {23}كم ابتداء من بداية قضاء المحمودية جنوبي بغداد، وحتى نهاية منطقة الحصوة شمالي محافظة بابل".
كما وشهدت محافظة ذي قار، في الـ{28} من تشرين الثاني الماضي، تقديم مائدة طعام بطول {15} كم {سفرة السبطين} لإطعام الزائرين المتوجهين سيرا على الأقدام صوب كربلاء المقدسة لإحياء زيارة الأربعين.
وقال مشاركون في مد { سفرة السبطين } " حاولنا أن تسجل هذه المائدة في موسوعة غينس للأرقام القياسية لكن مندوب الموسوعة في بغداد لم يحضر لأسباب خاصة تتعلق بسفره خارج العراق ، مؤكدين سعيهم إلى تسجيلها بموسوعة غنيس للأرقام القياسية في العام المقبل.
وأعلن النائب عن التحالف الوطني العراقي، عبد الحسين الموسوي، عن توفير العراقيين لأكثر من {250} مليون وجبة للزائرين، لافتا إلى انه في الوقت الذي تناهت فيه إمكانيات دول حلف الأطلسي ومجلس الأمن الدولي مجتمعين بتوفير مليوني وجبة غذاء لـ{ هاواي } التي ضربها زلزال قبل سنتين ، يوفر عشاق الحسين من أبناء هذا الشعب الصابر الأبي أكثر من {250} مليون وجبة للجموع الزاحفة صوبه ، وبإمكانياتهم الذاتية وبدون مساعدة الدولة ".
من جانبه أشار قسم المواكب في العتبة الحسينية المقدسة إلى مشاركة أكثر من ستة آلاف موكب بخدمة الزائرين الوافدين إلى المحافظة لأداء مراسم زيارة الإمام الحسين {عليه السلام} ، إضافة إلى {26} موكبا عربيا وأجنبيا .
فيما أعلن مديرية صحة كربلاء المقدسة، عن فحص ومعالجة ما يقارب الـ{750} ألف زائر وزائرة في المحافظة.
وأوضح مدير عام صحة المحافظة نور هادي الموسوي انه " تم معالجة {750} ألف زائر وزائرة من بدء توافدهم للمشاركة في زيارة أربعينية الإمام الحسين {ع} "، مبينا إن " المفارز الطبية والمستشفيات والمراكز الصحية قدمت خدماتها إلى أكثر من {749} ألفا و{716}مراجعا من الزوار "، مشيرا الى ان " عدد الزوار الذين قدمت لهم الخدمات الصحية والطبية في المفارز الطبية بلغ أكثر من {713}ألفا و{409} زائراً وزائرة من بينهم {18} ألفا و{309} زائرا وزائرة للمفارز الطبية التابعة للمتطوعين من ذوي المهن الصحية الذين يمثلون محافظات بغداد وذي قار والديوانية وبابل والنجف وديالى ".
وأوضح الموسوي إن " عدد مراجعي شعب الطوارئ والاستشاريات في المستشفيات المشاركة في الخطة بلغ أكثر من {32} ألفا و{664} زائرا وزائرة، بينما بلغ عدد الإحالات بعجلات الإسعاف الفوري إلى ثلاثة ألاف و{643}إحالة "، لافتا إلى إن " حملة التبرع بالدم شهدت تبرع {461}متبرعا بينها {325}متبرعا من الزوار ".
وكشف مسؤول فرع جمعية الهلال الأحمر في محافظة كربلاء المقدسة حميد الطرفي، مشاركة {250} منتسب للجمعية في خدمة الزائرين الوافدين على المدينة المقدسة خلال زيارة أربعينية الإمام الحسين {ع}.
وقال الطرفي، إن " منتسبي الجمعية ومئات المتطوعين شاركوا في تقديم الخدمات الطبية للزائرين عبر نصب أربع مخيمات لإيواء الزائرين"، مبينا أن "تلك المخيمات تقع على محاور النجف وبغداد وبابل وقضاء عين التمر وبلغ عدد المشاركين أكثر من {250} شخصا ".
وأوضح أن، "الجمعية خصصت {30} خيمة لكل مخيم ونشرت {15} مفرزة طبية في المحافظة بينها اثنتان في العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين وجهزت بـ {100} نقالة استعدادا لحالات الطوارئ الشديدة "، مشيرا الى أن "اتفاقا بين الجمعية والجهات الرسمية تم لإيواء الزائرين في المدارس والمؤسسات الرسمية نظرا لعدم جاهزية المخيمات لمواجهة الأمطار المتوقع هطولها خلال أيام الزيارة".
فيما أكدت العتبة الحسينية المقدسة إن، منتسبي الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة يضاعفون خدمة زوار أربعينية الإمام الحسين {عليه السلام} فتضاعفت ساعات عملهم إلى نسبة {50%} من الوقت المحدد للخدمة، حرصاً على تقديم أفضل الخدمات للزائر الكريم ،فكان جهد رجال الحسين من منتسبي العتبة المقدسة في مدينة الإمام الحسين {ع} للزائرين طريق {بابل –كربلاء} متميزاً وتواصل عطاءهم لوفود الرحمن من جميع شعوب المعمورة .
وأوضح مسؤول المدينة عبد الأمير طه، ان " المدينة فتحت أبوابها ومدت سفرة الإمام الحسين على طول بنايتها الخارجية لتشمل جميع أنواع الأطعمة والأشربة إضافة للخدمات الطبية وتقديم ثلاث وجبات رئيسية {الإفطار و الغداء و العشاء} وكانت بمعدل أربعة ألاف وجبة إفطار و سبعة ألاف و{500} وجبة غداء و ستة ألاف و{500} وجبة عشاء ،وغسل ملابس الرجال و النساء "،مضيفاً إن " العتبة الحسينية المقدسة تواكب الحدث عن كثب في المدينة وهي الراعية الأولى لجميع الزائرين وهي التي تسهل عليهم الأمور ومنها الأمور الدينية من خلال وفد من مدرسة الإمام الحسين {ع} الدينية للإجابة على المسائل الشرعية وتعليم الزائرين الصلاة والوضوء ضمن الحدود الصحيحة وتذكيرهم بأوقات الصلاة والحرص على إقامتها في أوقاتها ".
وأوضح إن " الخدمات ضمن الإحصائية الأولى التي نفذتها المدينة في الأيام الأولى قُدِّمَت لـ{33} الف و{928} زائرا وليوم { 14صفر} 1436هـ وهذا اليوم { 15 صفر} بلغ {78} ألف و{732}زائرا والأعداد في تزايد كبير جداً "، مشيرا الى ان " هذه الأعداد الهائلة ونتوقع أضعاف أعدادها في الأيام المقبلة فوفرنا مبيتاً للرجال و النساء،ولأول مرة دخلت الشاشات العملاقة الخدمة في المدينة للبث المباشر و عرض التوجيهات الخاصة بالالتزام بالحجاب و التعريف بفضل الصلاة في أول وقتها خصوصاً صلاة الجماعة و بعض التوجيهات الأخرى مؤكداً أن هناك زيادة في أعداد الزائرين بالنسبة للأعوام الماضية ".
ومن جانب اخر وضمن التسهيلات والخدمات التي تلقاها زوار الامام الحسين {عليه السلام}، كانت تسهيل دخولهم العراق والتوجه لأداء الزيارة عن طريق منح سمة الدخول {التأشيرة} مجانا او بأسعار رمزية، إذ أعلن {مطار النجف الأشرف الدولي} عن منح تأشيرة الدخول مجاناً لجميع الجنسيات خلال زيارة الأربعينية حصراً ، حيث أوضح مدير إدارة المطار مرتضى الموسوي إن " هذا القرار جاء حسب تعليمات وزارة الداخلية لتسهيل دخول الزائرين وأداء مراسم الزيارة الأربعينية بعد أن كانت تأشيرة الدخول {80$} "، كما وأعلنت إدارة منفذ {الشلامجة} الحدودي في محافظة البصرة عن منح {الفيزا} مجانا للزائرين الوافدين لأداء زيارة الأربعين، فيما خفض منفذ {الشيب} الحدودي في محافظة ميسان سعر {الفيزا} إلى الـ{1} دولار، وعلى ذات الطريق أعلنت إدارة محافظة واسط عن موافقة الحكومة على إلغاء رسوم سمة الدخول في منفذ {زرباطية} الحدودي للزوار الوافدين للمشاركة بزيارة أربعين الإمام الحسين {ع} .
اما الخطة الخدمية في كربلاء المقدسة، فقد شهدت هذا العام تعاونا لوجستيا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث أعلنت المحافظة عن مشاركة بلدية طهران عاصمة جمهورية إيران الإسلامية في الخطة بعدد من أعمال النظافة والآليات التخصصية، مبينة إن {400} عامل نظافة سيدخل و{40} كابسة و {20} كانسة لخدمة وتنظيف المحافظة مجانا من بلدية طهران .
وفيما يخص نقل الزائرين بعد الانتهاء من أداء مراسم الزيارة، أعلن وزير النقل باقر الزبيدي عن تخصيص ألف و{500} سيارة لنقل زائري الأربعينية، مبينا انه وبالاشتراك مع الوزارات الأخرى سيكون هناك الفان و{500} عجلة مخصصة لنقل الزائرين، علاوة على تشغيل عدد من خطوط القطارات في بغداد والمحافظات لنقل الزوار من والى كربلاء المقدسة، واستنفار حركة النقل الجوي.
من جهته أكد محافظ كربلاء عقيل الطريحي، " لدينا بحدود أربعة آلاف سيارة لنقل الزائرين، وان اغلب الوزارات وضعت جهدها النقلي تحت تصرفنا بدأ من وزارة النقل و قطاراتها ووزارة الإسكان والأعمار وديوان الوقف الشيعي وسيارات العتبات المقدسة الحسينية والعباسية والسيارات التي في المحافظة ".
وبظل ما يقدم من خدمات يتشرف بها الخدام، عبر احد الزوار القادمين من الاحواز، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عمّا رآه خلال مسيره نحو كربلاء قائلا، " منذ قدومنا من منفذ الشيب في ميسان ولغاية وصولنا إلى كربلاء الأحرار، كانت الأجواء رائعة جدا بين حشود الزائرين وخدمة العراقيين كانت رائعة ولو أن هناك حدث بأي دولة أخرى غير العراق واستقبلت حشود كما استقبل العراق لما استطاعت تقديم الخدمات التي يقدمها العراقيون ولو لساعة واحدة ".
فيما عد احد الزوار القاصدين كربلاء من بغداد، ان " الخدمة التي تُقدم على طول طريق المسير وزحف المؤمنين، معادلة إطرافها تكاملية غايتها الأساسية تحدي الإرهاب والتمسك بأحياء مسيرة كربلاء وسيرة ال البيت {عليهم السلام} "، مؤكدا ان " الطريق كلما ازداد خطورة ازدادت لذة السير عليه والإصرار على اجتيازه والوصول صوب ارض الفداء ".
ورأى زائر أخر، إن " طريق الزحف الحسيني وبكل ما يحويه من خدمات تقدم ، وزوار من مختلف الجنسيات والقوميات وحتى الأديان تشاركوا بهدف الوصول لكربلاء والنظر بشوق لقبتي الإمام الحسين وأخيه ابا الفضل العباس {عليها السلام}، يجسد دروسا قيمة إذ تشارك بالمسير جميع طبقات المجتمع وبمختلف مستوياتها، كما يشارك بتقديم الخدمة أمثالها، وهنا يذوب كل ما من شأنه التفريق والتمييز بينهم ويوحدهم القلب النابض باسم الإمام الحسين {ع} ".
ومع بدء العد التنازلي لاستقبال أعظم تجمع مليوني في الأرض والمتمثل بزيارة الأربعين، تكون كربلاء المقدسة بحثا ومنهاج عمل لكل متابع ومتمعن ذُهل بما جسدته وألهمته من دروس ندُر نظيرها وصعُب تصديقها لو إنها قُصت دون شاهد واقعي .انتهى