{بغداد:الفرات نيوز} تقرير ..وفاء الفتلاوي: يتعرض الاطفال والاحداث في المحافظات العراقية الى استغلال مفرط وتحرش جنسي وسوء معاملة نتيجة الاحداث الاقتصادية والامنية والسياسية التي تمر بها البلاد ، اذ تشكل هذه الظاهرة هاجسا قلقا يعزوها البعض الى ارتفاع نسبة الفقر وسوء ادارة الجانب الاقتصادي في الدولة.
وعلى الرغم من ان العراق يعتبر من الدول المهمة في إنتاج النفط عالميا الى ان نسبة الفقر فيها وصلت الى {25%} من نسبة السكان في العراق بحسب الاحصائيات الحكومية الاخيرة ، مما عمل البعض من اصحاب المعامل والورش وارباب الاسر على استغلال الاطفال والاحداث بالعمل في شوارع العاصمة وبقية المحافظات وجعلهم عرضة للتحرش والاستغلال.
وبحسب مفوضية حقوق الانسان فقد تصدرت العاصمة بغداد قائمة المحافظات في انتشار عمالة الاطفال والاحداث وسوء المعاملة والتحرش الجنسي .
عضو اللجنة مسرور الاسود اشار الى " وجود قسم من الاطفال تعرضوا الى سوء معاملة والتحرش الجنسي ، فمثلا سوء المعاملة للاطفال والاحداث بلغت في العاصمة بغداد {54} حالة ، وفي البصرة {28}، والنجف الاشرف {18}، في السليمانية {2}، وفي كركوك {4}، في الانبار {8} ، فيما بلغت نسب تعرض الاطفال للتحرش الجنسي كإحصائية اولية في بغداد {22} حالة، وفي البصرة {16} وفي الانبار {2} حالة " .
وقال مسرور في تصريح لوكالة {الفرات نيوز} اليوم ان " الدستور العراقي حظر الاستغلال الاقتصادي للاطفال للصور كافة في المادة 29 فقرة ثالثا وتتخذ الدولة الاجراءت الكفيلة لحمايتهم ، وعندما نعود للتشريعات الوطنية للقانون العراقي نلاحظ في قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 والمادة 15 من قانون التعليم الالزامي رقم 118 لسنة 1976 يشير الى التعاون بين وزارتي التربية والعمل ؛ لضمان تطبيق الاحكام التشريعية الخاصة بعدم تشغيل الاحداث قبل اكتمالهم {15} عاما " .
واضاف " واما قانون العقوبات العراقي رقم 111 سنة 1969 فرض عقوبات على الاشخاص الذين يستغلون الاطفال في القيام ببعض الاعمال التي تشكل خطرا وتهديدا لهم والتي نصت في المادة 399 في هذا القانون الى معاقبة اي طفلة تحت سن 18 على ممارسة الدعارة او البغاء كمهنة او يساهم فيها او يساعد " .
واستطرد قائلا" واما على المستوى الدولي فالعراق صادق على اتفاقية العمل الدولية الخاصة بالعمل الجبري لعام 1930 والتوصيتين رقم 35 الملحقة بموجب قانون رقم 60 لسنة 1962 واتفاقية اسوء اشكال عمل الاطفال 1999 ، والبند الملحق بها رقم 190 التي صادق عليها بموجب قانون رقم 9 لسنة 2001 واتفاقية العمل الدولية رقم 148 ، ونفهم من هذه النصوص ان ظاهرة عمالة الاطفال والاحداث واستغلالهم اقتصاديا اصبحت ظاهرة مخيفة في المجتمع العراقي ؛ لارتباطها بجوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية ، وترسم عوامل متعددة في تضخمها من الفقر والحروب الداخلية والخارجية والهجرة من الريف الى المدينة والتهجير والنزوح او فقدان احد الوالدين {ظاهرة اليتم} " .
واوضح انه " لا توجد احصائيات دقيقة بعد عن حجم عمل الاطفال وذلك لعدة اسباب ، منها انكار اصحاب العمل والاباء لعمل الاطفال لدرجة ان البعض يساوي بين العمل ونشاطهم فيبررون ان العمل مفيد للاطفال ووسيلة لمساعدة الاسرة " ، مبينا ان " آخر تقرير اجرته منظمة اليونسيف تؤكد ان ظاهرة عمالة الاطفال والاحداث تشكل ظاهرة خطيرة في المجتمع العراقي ، اذ ان نسبة {6%} من الاطفال في العراق من فئة {5-14} عاما يصنفون بأنهم منخرطون في عمالة الاطفال " ، مشيرا الى ان " بيانات مفوضية حقوق الانسان اشارت الى وجود فرق في انخراط الاطفال وتظهر الفروق حسب كل محافظة ، بالاضافة الى تعليم الام فقد بلغت نسبة عمالة الاطفال الاعلى في محافظة ميسان بواقع {15%} وتنخفض بشكل كبير الى {2%} في نينوى " .
وبين ان " نتائج المفوضية تشير الى ان الاطفال والامهات اللواتي لم يحصلن على اي تعليم قد بلغت نسبة العمالة بينهم {9%} وتنخفض بشكل كبير الى {5%} بين الاطفال والامهات اللواتي بلغ تعليمهن الثانوي فاكثر ، كما ان {2%} من هؤلاء الاطفال بعمر {12-14} يعملون من دون اجر لأرباب الاعمال ممن هم خارج نطاق الاسر ، وتشير البيانات ان النسبة الاكبر في الاطفال يعتبرون مصدر الرزق الوحيد للاسرة بواقع {12%} " .
وكشف مسرور عن وجود جدول بالمحافظات يتعلق بهذا الخصوص قائلا " ففي دهوك بلغت نسبة عمالة الاطفال فيها من عمر {5-11} سنة الى {2,5} ،اما في نينوى {2,1} ، وفي السليمانية {1,3} ، وكركوك {2,7} ، واربيل {1,9} ، وديالى {1,6} ، وبغداد {4,8} ، وبابل {3,1} ، وكربلاء {4,0} ، وواسط {4,4} ، وصلاح الدين {6,9} ، والنجف الاشرف {8,7} ، والديوانية {12,6} ، والمثنى {11,1} ، وميسان {12,1} ، واخيرا البصرة {16,2} .
وتتفاوت نسب عمالة الاطفال نسبة الى التأثيرات الاجتماعية منها تأثير انفصال الآباء على عمالة الاطفال مثلا في محافظة البصرة بلغت نسبة عمالة الاطفال فيها الى {8%} ، النجف الاشرف {0%} ، اما محافظة السليمانية فقد بلغت {2%} وكركوك {2%} والانبار {2%} وبغداد {10%} ، كما تؤثر ظاهرة انفصال الوالدين ايضا على نسب عمالة الاطفال وانتشار هذه الظاهرة في المحافظات ففي البصرة {8%}، اما في النجف الاشرف بلغت {0%} ، وفي السليمانية {2%} وكركوك {2%} ، والانبار {2%} ، وبغداد {10%} .
كما تختلف نسب عمالة الاطفال في حالة وفاة الاب ففي البصرة {0%} وفي النجف {6%} والسليمانية {2%} وكركوك {20%} والانبار {18%} وبغداد {20%} ، اما في حالة وفاة الام فقد بلغت نسبة عمالة الاطفال بسبب وفاة الام الى {8%} في بغداد والبصرة {4%} ، والنجف الاشرف { 4%} ، وكركوك {4%} ، والانبار {4%}.
كما يؤثر زواج الوالدين بأشخاص آخرين ايضا له تأثير على عمالة الاطفال ، فنلاحظ نسبة تأثير زواج الاب بامرأة اخرى على انتشار ظاهرة عمالة الاطفال ففي كركوك {6%} ، وبغداد {16%} ، اما في اذا كانت الام متزوجة برجل آخر ففي كركوك {4%} ، والانبار {6%} ، وبغداد {12%} " .
وختم حديثه قائلا " وخلاصة نعرض مقارنة بين رضا الاطفال عن اعمالهم الحالية ، فنلاحظ ان قسما منهم راضون عن اعمالهم خاصة في السليمانية والنجف الاشرف ، ومن ثم الانبار واكثر حالات عدم الرضا للاطفال للعمل كانت في بغداد وبدرجة اقل في النجف الاشرف ثم في كركوك " .
من جانبه حمّل الباحث الاجتماعي في علم الاجتماع بالجامعة المستنصرية الدكتور ريسان عزيز الجانب الاجتماعي وسوء التخطيط الاقتصادي للبلاد مسؤولية انتشار ظاهرة عمالة الاطفال والاحداث قائلا " عمالة الاطفال والاحداث موجودة في الشارع بشكل مثير ، والاسباب معروفة اي العامل الاقتصادي والجوانب الاجتماعية هي التي ادت الى هذا الاستغلال بشكل مباشر او غير مباشر ، فالعراق لم يعانِ يوما من ازمة اقتصادية وانما لدينا مشكلة في ادارة الشأن الاقتصادي وهذه الازمات جعلت من هذه الفئات عرضة للاستغلال بشكل مفرط ، وبحسب دراسات اجريت ان هؤلاء الاطفال يحققون دخلا عاليا اعلى من اجور الطبيب والجامعي والمهندس " .
وعن عجز الحكومة في معالجة هذه الظاهرة او القضاء عليها بشكل نهائي اوضح ان " القوانين الخاصة بحماية الاطفال موجودة ، الا انه لا توجد قدرة على تفعيل هذه القوانين بسبب الادارة الخاطئة لها ، فقد قدمنا عددا من المقترحات ورفوفنا ملئية بها الا ان تنفيذها اصبح مثاليات ، فيمكننا ان نحل المشكلة من خلال العمل على تشجيع القطاع الخاص وتوظيف الاموال بشكل كبير من خلال هذا القطاع ، وبهذا فلن يستطيع اي شخص ان يستغل الاطفال والاحداث ؛ ذلك لأننا نعمل بشكل صحيح واعتقد انه الحل الامثل لهذه المشكلة ، بالاضافة الى تثقيف الشارع العراقي على ايقاف اعطاء الهبات الى الاطفال ؛ لتقليص هذه الظاهرة " .
وفي سؤال عن تشريع قانون او ما شابه ذلك يلزم بمعاقبة الابوين على تسريب الاطفال وتوجيههم للعمالة اكد قائلا " لا نستطيع معاقبة الاهالي او تشريع قانون لذلك ، بسبب الوضع الامني والتحديات والمخاطر التي يمر بها العراق ، فجزء كبير من الاطفال والاحداث تم تجنيدهم لخدمة داعش الارهابية ، اما من خلال منحهم مبالغ معينة او استدراجهم عاطفيا او اندفاع الاطفال من زهو للبروز والحصول على تميز بين اقرانهم وهم يحملون السلاح خاصة وان موضوع العنف الذي اصبح هو الثقافة الاكثر وضوحا في الشارع العراقي ، فالموضوع اكبر خطورة من ظاهرة عمالة الاطفال ولا نعلم نتائج هذه الظاهرة على المستقبل القريب فهم يخرجون الى الشوارع في توقيتات معينة وبحسابات معينة " .
حقوق الانسان النيابية كان لها رأي آخر فقد حمّلت الحروب والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد انتشار هذه الظاهرة .
المستشار الاعلامي في لجنة حقوق الانسان النيابية فيصل الزبيدي صرح قائلا انه " نتيجة للظروف الاقتصادية والحروب المتكررة اضطرت بعض العوائل الفقيرة الى تشغيل ابنائها ممن هم في سن صغيرة ، مما ادى الى تسريب اعداد كبيرة من هؤلاء الاطفال من المدارس ؛ لاداء الاعمال التي تناط لهم من قبل اولادهم ، ربما ان هذه الظاهرة غير جيدة والدولة من خلال القوانين النافذة تمنع الاطفال من العمل بهذه الاشغال وهي مخالفة للاتفاقيات الدولية " .
واشار الى ان " منظمة العمل توصي بمنع تشغيل الاطفال دون سن الـ18 سنة ، بالاضافة الى المنظمة الدولية التابعة للامم المتحدة عليها سن قوانين تمنع بها تشغيل الاطفال " .
اما وزارة حقوق الانسان ولجنة العمل والشؤون الاجتماعية اكدتا على ان ارتفاع نسبة الفقر بالعراق وصل الى {25%} اي بنحو {7} ملايين شخص ، مما اثر بشكل مباشر على انتشار ظاهرة عمالة الاطفال والاحداث في العراق .
فقد كشف رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية النائب صادق المحنا عن ارتفاع نسبة الفقر بالعراق الى 25% بنحو سبعة ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر ، مبينا ان " النسبة ارتفعت بسبب الاحداث الامنية الاخيرة والتهجير القسري واقتحام عصابات داعش الارهابية لبعض المحافظات " ، موضحا ان " النسبة كانت قبل الاحداث 13 % وارتفعت بعدها الى 25% بنحو سبعة ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر ما تمثل ربع عدد سكان العراق ، مما ساهم بشكل كبير على ارتفاع عمالة الاطفال والاحداث في العراق " .
وقال المحنا ان " ظاهرة عمالة الاطفال والاحداث انتشرت بشكل كامل في كل محافظات العراق للاسف الشديد ولا توجد حلول ناجعة للقضاء على هذه الظاهرة ، فاليوم دور الايتام لا تلبي مستوى الطموح وهناك الكثير من المشاكل تتعلق بهذا الموضوع ، ومنها كثرة الحروب والايتام وعدم معالجتها الا ان لجنة العمل تعمل على معالجة هذا الموضوع " .
واكد على ان " اللجنة ليست لديها ارقام ولا نسب معينة لهذه الظاهرة كونها ارقاما متذبذبة وكذلك لأن معظم الناس لا يسجلون الاطفال في الضمان الاجتماعي " ، مشيرا الى " اننا نحمل مسؤولية انتشار هذه الظاهرة الى الجميع والى الظروف الاجتماعية والاقتصادية والحروب والدولة هي التي تتحمل الجزء الكبير من مسؤولية عمالة الاطفال والاحداث " .
اما وزارة حقوق الانسان فقد اعلنت على لسان ناطقها الرسمي كامل أمين ان " نسبة الفقر وصلت إلى {30%} بسبب عصابات داعش الارهابية وانخفاض أسعار النفط في البلاد " .
وقال أمين لوكالة {الفرات نيوز}إن " وزارة حقوق الإنسان لديها متابعة لمستوى الفقر في البلاد " ، مشيرا إلى أن " آخر مؤشر لمستوى الفقر الذي قامت به وزارة التخطيط ووكالات الأمم المتحدة كان في عام 2009 ، حيث بلغت النسبة { 23%} ، وتعتبر هذه النسبة مرتفعة قياساً بوجود موارد البلاد الكثيرة " ، مبينا إن " البنك الدولي طلب من العراق وضع استراتيجية لرفع الفقر وكانت محافظة المثنى هي أكثر محافظة تعاني الفقر ، حيث تم تخصيص مبالغ من تنمية الإقليم بشكل جيد ونفذت الخطط وبعدها تم انخفاض نسبة الفقر في المحافظة " .
وتابع بالقول أنه " تم إجراء مسح في عام 2013 وبلغت نسبة الفقر {18%} لكن ما جرى في العام الماضي من عملية نزوح وتوقف خمس محافظات عن العمل وخسارة الكثير من الأموال بسبب عصابات داعش الإرهابية تشير الإحصاءات إلى وصول نسبة الفقر {30%} ، وهذا تحدٍ كبير أمام الحكومة بسبب انخفاض أسعار النفط ووجود هذه العصابات الإجرامية التي تدمر اقتصاد البلاد " .
وينتظر عدد كبير من ابناء الشعب العراقي ممن يعاني البطالة وقلة فرص العمل بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة في السنوات السابقة ، فضلا عن تدهور الوضع الاقتصادي والامني في بعض المحافظات الشمالية والغربية ؛ لاقتحام عصابات داعش الارهابية لها وتهجيرها آلاف العوائل من مناطقها لتتحول الى عوائل فقيرة ، ان تتضح معالم الخطط الاستراتيجية للاقتصاد العراقي ومحاربة الفساد في ظل الحكومة الجديدة التي من المؤمل ان تقضي على جميع الظواهر السلبية في البلاد ، ومنها القضاء على ملف عمالة الاطفال والاحداث في العراق بشكل نهائي . انتهى و ح