{بغداد : الفرات نيوز} شدد المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي، على ضرورة أن يعيد الشعب النظر في كل الدستور والقوانين بما يتوافق مع الاسلام، خاصة بعد تخلصه من الاحتلال ونيله الاستقلال. وقال المُدرّسي، خلال محاضرته الاسبوعية بمدينة كربلاء المقدسة التي القاها على جموع من الوفود والمواطنين، بحسب بيان له تلقت وكالة {الفرات نيوز} نسخة منه إن "هذه الايام تعتبر ايام مشهودة في تاريخ العراق الحديث، لأن المحتل قد رحل، وبالرغم من ان ذلك رافقته احداث اخرى ربما اهتم الناس واهتم الاعلام بها اكثر، الا اننا يجب ان نقف طويلا امام هذا الحدث المتميز والمشهود، لأن الاحتلال اساساً هو اقبح ظاهرة يتعرض لها شعب من الشعوب وبلد من البلاد".وأضاف أن "آثار الاحتلال تبقى عادة لفترة طويلة جدا قد تتجاوز العقود وتصل الى القرون.. وقد قال ربنا تعالى حكاية عن بلقيس ملكة سبأ: {ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة وكذلك يفعلون}، يعني القرية كلها، بمن فيها وما فيها، تتعرض للفساد والافساد"، وتابع بالقول إن "إحتلال هذا البلد كان من قبل كبرى دول العالم واقواها، فاليوم حينما يرتحل المحتل ، يجب ان يكون يوما مشهودا". واوضح أن "تخلص العراق من الدكتاتورية، ومن ثم من الاحتلال، جاء اولا بارادة الله تعالى وهي فوق كل ارادة، رب العزة الذي اراد ان يمكن المستضعفين في الارض ويجعلهم قادة ويُري منهم ماكان يخشاه المستكبرون، اراد ان يسقط الطاغية صدام ، واراد ايضا ان يرحل الذي اسهم بقدر ما بسقوطه.. ثم أن الشعب كله كان مساهما بنسبة او باخرى في هذا الحدث، ولا استثني احدا ولا استثني طائفة ولا استثني قومية ولا مجموعة ، كان للعراقيين في الحقيقة تاريخ طويل في مواجهة الطغيان، ومواجهة المحتلين، من مواجهة هولاكو والتتر الى مواجهة البريطانيين في القرن الماضي، وغير ذلك، وكان هذا التاريخ في الحقيقة نصب اعين المحتلين الجدد الذين وجدوا ان هذه الارض لا تتعاون كثيرا مع المحتل وانما ترفض وتبحث عن استقلالها، والشعب العراقي كله ساهم ، فهوشعب ابي شجاع وباستطاعته ان يقوم بدوره وارادته". واضاف المرجع "بالرغم من اننا في ايام صفر وايام حزن وحداد ، الاّ اننا نعتقد بان مثل هذه هي من ايام الله، ايام الله هي الايام التي تتجلى فيها ارادة الله، هي التي نرى فيها ايات الله سبحانه وتعالى واضحة امامنا ،في تلك الايام، فيوم عاشوراء مثلا هو من ايام الله بالرغم من انه يوم حزن، لان ارادة الله تتجلى في يوم عاشوراء ، في سنة 61 وفي كل سنة في مثل هذه المناسبة ايضا تتجلى ارادة الله وتتجدد وذلك بهذه النفوس التي تحيي مثل هذه الذكرى العطرة، وهكذا يوم الغدير، ويوم الفطر، ويوم الاضحى، وايام اخرى في التاريخ، وقد قص علينا القرآن الكريم الكثير منها.. وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بان نحيي مثل هذه الايام، ان نجعل هذه الايام مشهودة في حياتنا حتى نعتبر بها، حتى نعرف عبرها ونستفيد من دروسها ولذلك امرنا ربنا في سورة ابراهيم عليه السلام بان نتذكر ايام الله {ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهم بايام الله}..اخرجهم من الظلمات الى النور من ظلمات العبودية الى نور الحرية من ظلمات العنصرية الى رحاب المساواة، من ظلمات الجهل الى نور العلم ... ثم قال تعالى {وذكرهم بايام الله} أن ينسوا ان يد الله تعالى مدت اليهم وانقذتهم ممن يسومونهم سوء العذاب بكل انواعه واشكاله، ويتعمدون في ذلك ألحاق الهزيمة النفسية بهم لجعلوهم يشعرون بالعبودية للحاكم الطاغي ونظامه .. {ان في ذلك لايات لكل صبار شكور} الذي يصبر و يشكر والذي يقرأ التاريخ دراسة واعية الذي يتذكر نعم الله تعالى، ويتذكر وعي تلك الايام، هذا من يعرف ما معنى ايام الله". ومن هذا المنطلق عرج المرجع المدرسي الى ما مرت به البلاد من ظروف ، قائلا "وهكذا لا تنسى ايها الانسان يوم كنت تخرج لتذهب او تأتي لبيتك فيقف امامك جندي امريكي او بولندي او غيره... ويقول لك الى اين انت ذاهب او آتي؟..، او يقول له يجب أن تحمل إجازة بذلك !.. وكأنه هو أبن هذا البلد ولست أنت صاحب هذا البيت!.. اذكروا تلك الايام ، اذكروا ايام المقبور كيف كان يحصي حتى الانفاس، لا تنسوها تلك الايام، واشكروا نعم الله الذي يقول تعالى {واذ تأذن ربكم لأن شكرتم لازيدنكم}، الله تعالى حين يوفقكم وينقذكم ،ويبسط عليكم راية العدل والحرية ووالطمأنينة، كل ذلك بحاجة منا الى أن نشكره ، لأن بهذا التذكر وهذا الشكر يصبح العدل والأمن والرفاه ، اشمل واتم ، فيما وبالمقابل فأن الله تعالى يقول {ولئن كفرتم ان عذابي لشديد}، أي اذا لم تشكروا هذه النعمة وبدأتم تغترون بما لديكم.. وفي الحقيقة يجب أن ننتبه الى أن هذا الانسان كم هو غريب !، فقد تراه مثلا يصاب بالم شديد لمرض او لسبب ما ، يتوجه الى الله بكل وجوده لكنه لحظة ما يذهب ألمه تراه ينسى وقد يتحول الى طاغوت.. ويقول ربنا تعالى {ان تكفروا انتم ومن في الارض جميعا فان الله لغني حميد}، لا تتصورا أن الله يريد الشكر منكم لحاجة منه اليه ، انما يريد الشكر منكم اليكم، من أجل مصلحتكم" ، واضاف "واليوم وبقدر تعلق الموضوع بنا في العراق، فأن السؤال :ماهو وجه الشكر عند الشعب العراقي في هذه المرحلة؟" موضحا إنه على عدة اوجه وامور ومن بينها: اولا " تكريس تلك القيم التي ساهمت باذن الله في تحررهم.. قيمة الشجاعة والتضحية وقيمة التعاون والوحدة ، أن لاننسى هذه القيم ، أن نحافظ على قيمة العطاء، و الامل، وأن نحافظ على اهم القيم التي نملكها وهو الدين...وقد ضرب شعبنا كله امثلة عدة في هذا الطريق ، ودخل في امتحانات صعبة، فهو على بسيل المثال تحدى الارهاب وكان تحت ظل التهديد والقتل بل مع الانفجارات يحي ايام عاشوراء وزيارة الاربعين، وهكذا وتحت هكذا ظروف وتحديات ذهب الى الانتخابات واقترع ..اكثرهم كانوا يغتسلون غسل الشهادة والتوبة ويخرجون الى الزيارات او الى الانتخابات .. اليس هو دينهم من يدفعهم الى ذلك ؟،بلى، فيجب أن نحافظ عليه.. فكانت ـ ولاتزال بإذن الله ـ حماسة عالية من قبل ابناء الشعب من كل المحافظات تقريبا، حتى تلك التي منع فيها الانتخاب، كانت روح ورغبة شعبها مع الانتخابات وفعلا التحقت بعدئذ...". ثانيا " يجب أن نفكر اليوم في ان نحول هذه النعمة الى منظومة من النعم او بتعبير اخر نجعل هذه النعمة فاتحة خير لسلسلة اخرى من النعم ..، فحين تحرر بلدك وامتلكت حريتك واستقلالك ، كيف تترجم ذلك ، بأن تتخذ قرارك المستقل و حقك ان تختار لنفسك الحياة المطمئنة الهادئة التي تريدها انت ، وحياتك المستقبلية كيف تكون، عليك أنت أن تختارها ، فغدا لايجب أن تأتي و تقول مثلا انه فلان قانون لا اقبل به لانه فرض عليّ من غيري ..وانا من هنا اقول واكرر أن لابد الشعب العراقي أن يجدد النظر في كل الدستور والقوانين والانظمة واللوائح .. لانه ما من دستور وقانون وما من لائحة قررت في هذا البلد الا تحت ظل سلطة غير كاملة الاستقلال، كانت هناك تأثيرات او مؤثرات.. من قانون العقوبات البغدادية التي كتبها لنا فد محتل بريطاني والى القوانين التي وضعت بعدئذ، والى الدستور الذي وضع في العهد البائد، و حتى الى هذا الدستور الجديد .. كان هناك بعض الضغوط وبعض التوجهات، والأن الشعب العراقي له الحق ان يجدد النظر في ذلك، لا اقول كلها غلط، لكن في نفس الوقت لا نستطيع ان نؤكد على ان كلها قوانين سليمة، ولتقريب الصورة فأنت مثلا ترى أن والدك عنده ثوب كان يلبسه وفق مقاساته هو ، وقد ذهب الى رحمة الله، هل مفروض عليك انت أن تلبس انت ثوبه ذاته وتخرج به؟!.. كلا، انما تلبس الثوب الذي تريد أنت ان تفصله وتلبسه ..القانون الذي نريده لبلدنا نحن جميعا علينا ان نضعه لا أن يأتي احد لنا بقوانين وعلينا نحن تطبيقها!.. هم يفصلون الثوب ونحن نلبسه،و لماذا؟!، نحن من نلبس الثوب الذي نفصله نحن لا غيرنا ، و نخيطه لكي نستطيع أن نعدل ونغير فيه غدا اذا اكتشفنا فيه عيبا اونقصا ما". واوضح المدرسي، في هذا السياق انه يرى ووفق معرفته بالقوانين لاسيما الدستورية منها، أنه "بسبب التطورات السريعة في العالم لايمكن ان يصمد دستور او قانون في بلد اكثر من 15ـ 20 عاما فكيف بالقوانين ؟، وذلك لان العالم يتغير والتطورات والحاجات تتلاحق وتتبدل، ولذلك البريطانيين اصلا ليس لديهم قانون مكتوب، الامريكيين عندهم 6 مواد في الدستور وبقية المواد ينظرون في تغييرها حسب الظروف ومصالح بلدهم وشعبهم ..العالم متغير، انت لاتستطيع في هكذا عالم ومتغيرات أن تضع قوانين ثابتة، نعم.. قانون الله فقط الذي جاء به رسولنا الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم، هذا القانون لا يتغير لانه لا يدخل كليا في بعض القضايا المتغيرة ، فهو عادة يتناول الثوابت، وحتى هذه فيها بعض ما يسمى بـ{التبصرة} في القانون، لاسيما لمن اضطر وفي حالات معينة ومحصورة من الحرج والضرر...". واضاف "اذاً القانون سواء الدستور ،القانون الاساسي، او القوانين المرعية او الانظمة، كلها يجب ان يُجدد النظر فيها، واعرف ان هذا لا يتم بين عشية وضحاها انما هو بحاجة الى وقت، لكن علينا أن نضع القطار على السكة ... ثم العراق يا اخواني بلد مسلم بلد قدم ملايين الشهداء من اجل الدين من اجل القيم ،هذا البلد لاتقدر أن تسخله عن تاريخه وقيمه و دينه ، لايمكن ذلك ؛ بالنسبة الى الشعب العراقي حتى لو سكت لفترة ما و بسبب الظروف الصعبةـ شعبنا بطبيعته انه يسكت لفترة ما.. ولكنه ينتفض ولا يرضى بقانون لاراعي ولايحفظ دينه وقيمه.. فهو بكل اعماقه وارادته وتطلعاته يريرد للاسلام الحنيف ان بقوانينه وقيمه الربانية السمحاء، أن يحكم،لأن الاسلام دخل في اعماقه،في كل خلية من خلايا ابناء الشعب العراقي تنادي بذلك... تؤمن بهذا الطريق وهذا النهج، علينا أن نضع ذلك بعين الاعتبار...". ثالثا " ايها الاخوة، العالم كله اليوم يلاحظ ويراقب الوضع في العراق، ترى ماذا يفعل أهل هذا البلد بعد الاحتلال وبعد هذا الزلزال، بعد كل ما مر به من مشاكل كبرى ومن ارهاب وغيره.. هل يتصارعون في ما بينهم بعد الاحتلال؟ او يشاركون بعضهم ، هل يرجعون الى اصولهم هل يتعاونون، ام لا؟ من المعيب علينا مثلا اننا وعلى على قضايا بسيطة نعود مجددا الى مايصفونه بالمربع الاول .. القضية واضحة ويمكن التفاهم حولها ومعالجتها ، وقد قلت الاسبوع الماضي واكرر دائما : هذا العراق بحاجة الى امرين: الاول مشاركة فعالة للشعب، أن يكون اكثر فعالية في امور هذا البلد.. ، الثاني: العراق بحاجة الى ان كل الفئات وأن يتعاونون مع بعضهم في سبيل بناء هذا الوطن، البناء ليس امرا سهلا وهو بحاجة لوقت طويل.. ونحن في هذا الجانب قد فاتنا القطار منذ زمان ليس بالهين.. لابأس بكم في هذا السياق أن تراجعوا وتروا بعض الدول المجاورة ، اين انتم عنها .. هذا القطار الذي فاتنا علينا أن نلحق به ولا يمكننا ان نفعل ذلك الا بالجلوس و التفاهم والتعاون .. اين هم اهل الخير والاصلاح اين هم اهل الحكمة اين المصلحين.. الان واليوم وليس غدا على حكماء العراق ، العلماء ، الساسة المخلصون، رؤساء العشائر ، وغيرهم من نخب وقيادات البلد ، أن يدخلوا ويحاولوا لملمة هذه الاطراف المختلفة وتوجيههم باتجاه مستقبل واعد وعمل مشترك، من دون ان نرجع الى المربع الاول". انتهى.م