ووفق إحصائية أجرتها وكالة {الفرات نيوز} استناداً لبيانات شبه يومية لإعلام النجدة فانه تم القبض على 778 متسولاً فقط خلال الفترة المذكورة".
ويعزو مراقبون تنامي ظاهرة التسول في بغداد وعموم المحافظات مع تزايد حالة الفقر في البلاد جراء جائحة كورونا وتراجع الاقتصاد بشكل كبير أثر الأزمة العالمية لانخفاض أسعار النفط بسبب الوباء.
وكشفت وزارة التخطيط، ان ثلث الشعب العراقي مهدد بالفقر خلال عام 2020، وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي لرويترز، إن "20 في المئة من السكان يعيشون حاليا في فقر وإن من المتوقع أن ترتفع النسبة إلى ما يقرب من 30 في المئة هذا العام بسبب تعطل الناس عن العمل بفعل الأزمة".
وفي الشهر الماضي أعلنت الحكومة توزيع إعانة شهرية قدرها 30 الف دينار للأسر التي لا تحصل على أجور من الدولة.
وأضاف الهنداوي، إن "13 مليون شخص أي حوالي ثلث العراقيين تقدموا بطلبات للحصول على هذه الإعانة".
ويعاني الاقتصاد العراقي الآن من هبوط أسعار النفط الذي يمثل تقريبا مصدر إيرادات البلاد كلها الأمر الذي أرغم الحكومة على التفكير في خفض مرتبات العاملين في القطاع العام الضخم.
وقد تجاوزت نسبة هبوط سعر النفط 55 في المئة منذ بداية العام.
وتقول وزارة الداخلية إنها تستمر بشن حملات للقبض على المتسولين، وأن "هناك حاجة لتشريع قانون يتضمن عقوبات رادعة للحد من ظاهرة التسول التي تحولت إلى مهنة تديرها جماعات خارجة عن القانون، مستغلة الأطفال وكبار السن والنساء وذوي العاهات الجسدية لجمع المال غير الشرعي".
وتتعد أساليب التسول وبعضها جديدة في المشهد، ومنها مراقبة متسولات يحملن أطفالا للمحال التجارية، ومباغتة الزبائن بطلب شرائهم لهن علب الحليب فقط دون طلب المال، ليقمن بعد ذلك ببيع الحليب بسعر أقل نسبيا بالاتفاق مع محال تجارية أخرى.
كما تبيع المتسولات بضائع رخيصة مثل المناديل الورقية أو العلكة في الشوارع، كما تُعرَض شهادات طبية ووثائق مزورة تفيد بأن حاملها بحاجة إلى العلاج أو عملية جراحية، أو روايات عن النزوح ووفاة معيل الأسرة.
ويقول كثير من العراقيين إنه لا مشكلة لديهم في تقديم يد العون والمساعدة المالية لمن يحتاجها، فهم يعرفون مصاعب الحياة في العراق بمختلف تجلياتها، لكن المربك هو صعوبة التمييز بين المحتاج الحقيقي والذي يدعي الحاجة، إذ يعمل الأخير ضمن جماعات منظمة أو يتخذ التسول مهنة تدر له الأرباح.
ورغم الاعتراف بصعوبة مكافحة ظاهرة التسول وتضخمها، تنفذ وزارة العمل والشؤون الاجتماعية برنامجا يسمى "الإعانات النقدية المشروطة بالصحة والتعليم"، وهو برنامج تجريبي يطبق في منطقة واحدة حاليا، يمنح معونات مالية للعائلات الفقيرة المشمولة بالحماية الاجتماعية، مقابل إرسال أطفالها إلى المدارس ورعايتهم.
وتضيف وزارة العمل أنه في حال نجاح البرنامج التجريبي فسيطبق في كافة أنحاء العراق، وهو ما قد يجعله في حاجة ماسة مع الظروف الراهنة.
في القابل فقد صدمت الإجراءات الصارمة المتسولين وقطعت أسباب العيش لديهم بعد أن كانوا يمتهنون "حرفة" الوقوف في الشارع والتسول في الطرق وتقاطعات المرور عن طريق أساليب عدة ابتكروها لغرض جمع المال من هذه المهنة المنبوذة لدى الشارع العراقي.
وبات هذا الواقع إضطرار المتسولين لالتزام الأماكن التي يسكنون فيها وهي إما فنادق أو عشوائيات أو منازل مؤجرة وسط حيرتهم في كيفية توفير لقمة العيش لهم ولعائلاتهم وهم حتى لا يستطيعون الظهور في الاعلام والحديث عن معاناتهم ومظلوميتهم الناجمة عن الفقر المدقع.
وفي ظل حظر التجوال الذي تشهده شتى مناطق البلاد، يحاول بعض المتسولين اقتناص فرصة للتسول امام المولات او المحال التجارية، وامام بعض مؤسسات الدولة الحكومية التي لم يطبق عليها حظر التجوال الا بشكل جزئي؛ لعلها توفر رزقاً يسدون به رمق العيش لهم ولعائلاتهم بعد ان طاردهم شبح كورونا.
من الناحية النظرية فان أسباب ظاهرة التسول تعود بشكل أساسي للفقر والبطالة وانعدام العدالة او اللامبالاة، ويرى البعض أن استخدام التسول كـ (مهنة) يومية تأتي بدخل معقول منشأه تعاطف الناس مع الاستجداء الكاذب للكثير من المتسولين ، وقد أشار باحثون اجتماعيون إلى تعدد أنماط مظاهر التسول، وأكثرها شيوعا هو التسول الظاهر وهو التسول الواضح والتسول المقنّع وهو التسول المستتر وراء أنشطة أخرى مثل بيع السلع الصغيرة أو أداء بعض الخدمات البسيطة.
وحسب إحصاءات وزارة التخطيط فان نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر هي 30% من السكان أي إن تعدادهم هو 12 مليونا وعلى فرض إن 1% من هؤلاء لديهم استعدادات سلوكية لممارسة التسول تحت أي مسوغ ، فان عدد المتسولين لايقل عن 120 ألف ويمكن إضافة إعداد أخرى لهم من بعض ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا ترعاهم عوائلهم او المؤسسات الحكومية وبعض الذين يعانون اليتم والترمل والفقدان الأسري والمجموع عدد مخجل ولا يستهان به ،
ويقول باحثون انه "وفي كل الأحوال فإننا لسنا بأوصياء على المتسولين لكي نفرض حلولا كيفما نشاء ، ولكننا نبحث عن حلول لهم لأنهم شركاء لنا في هذا الوطن الغني الذي يمتلك ثاني او ثالث احتياطي نفطي مؤكد، ومن المفترض ببلد بهذا المستوى من الغنى والثروات إن يكون فيه التسول من باب (الهوايات) وليس لأجل الحصول على رغيف خبز على سبيل الاحتراف".
وكانت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، قالت في إحاطة لمجلس الأمن الدولي عبر دائرة تلفزيونية أمس إنه "من المتوقع انكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7 في المائة في عام 2020، مع ارتفاع معدلات الفقر إلى حوالي 40 في المائة ومن المتوقع حدوث خسائر كبيرة في دخل العمل، وكذلك انخفاض في الفرص الاقتصادية" مشيرة الى أن "عائدات النفط الشهرية انخفضت من 6 مليار دولار إلى 1.4 مليار دولار خلال الفترة الواقعة بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل".انتهى
عمار المسعودي