وسلط بابا الفاتيكان الضوء على مدينة أور التي كانت واحدة من أبرز محطات زيارته التاريخية للعراق في مارس آذار الماضي.
وتعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خلال لقائه اليوم الجمعة البابا فرنسيس الاول في مقر اقامته في الفاتيكان، ان "الحكومة ماضية لاعمار ما دمر من الكنائس الاثرية على يد عصابات داعش الإرهابية، بالاضافة الى سعي الحكومة الجاد لاعمار مدينة اور نظرا لاهميتها التاريخية، ولتكون مهيئة لاستقبال الوفود المسيحية للمدينة، وبين اهمية اتخاذ الاجراءات وتقديم التسهيلات اللازمة لتفويج المجاميع السياحية والدينية الى مدينة اور الأثرية".
كما بحث الكاظمي مع نظيره رئيس وزراء الفاتيكان تعزيز التعاون والتنسيق المشترك لتسهيل تفويج المجاميع السياحية والدينية الى مدينة أور التاريخية.
ويقول مدير مفتشية آثار ذي قار، عامر عبد الرزاق، في تصريح صحفي، إن "أول وفود الحجاج المسيحيين لمدينة أور من المتوقع أن يصل في أكتوبر المقبل، بعد انتهاء فصل الصيف الحار جدا في العراق".
ويضيف عبد الرزاق أن "اجتماعا مهما حصل بين مسؤولين عراقيين ووزير الحج المسيحي في الفاتيكان، أكد فيه اكتمال جميع الاستعدادات اللوجستية والفنية لتفويج 13 ألف حاج مسيحي شهريا لمدينة أور".
ويؤكد عبد الرزاق، وهو باحث في مجال الآثار، أن "هذا سيمثل نقلة نوعية في قطاع السياحة في العراق ويوفر موارد ضخمة لميزانية الدولة".
وتنتمي مدينة أور لواحدة من أقدم الحضارات في العالم، وكانت عاصمة للدولة السومرية عام 2100 قبل الميلاد.
وتوقفت سياحة الآثار في العراق منذ أكثر من أربعين عاما نتيجة اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980، وغزو النظام الصدامي للكويت وحرب الخليج عام 1991.
وبعد عام 2003 لم تسمح الأوضاع الأمنية المتوترة في العراق في عودة حركة السياحة للمناطق الأثرية العراقية إلا بشكل محدود في إقليم كردستان شمالي البلاد وبعض مدن الجنوب.
وبعد انتهاء زيارة بابا الفاتيكان للعراق، شكلت الحكومة العراقية لجنة عليا تضم مسؤولين كبارا في الحكومة لتطوير مدينة أور الأثرية، التي لم تشهد أية أعمال تأهيل منذ ستينيات القرن الماضي.
ويشير عبد الرزاق، وهو أحد أعضاء هذه اللجنة، إلى أن الحكومة العراقية رصدت مؤخرا مبالغ ضخمة بملايين الدولارات للبدء بمشاريع صيانة وتطوير مدينة أور.
سيتم تنفيذ هذه المشاريع، وفقا لعبد الرزاق، بطريقتين: الأولى عبر الأموال الحكومية وتخصص لصيانة وترميم المدينة الأثرية وصيانة زقورة أور ومعبد دوبلال ماخ والمقبرة الملكية، وعمل سقيفة عملاقة لحمايتها وممرات للزائرين ومركز لاستقبال السائحين.
أما الثانية فستكون عبر مشاريع استثمارية بعد الاتفاق مع شركات ومستثمرين من ألمانيا ودول خليجية بينها الإمارات، لبناء مجمعات سكنية ومراكز تجارية وسياحية وترفيهية، وتشمل فنادق كبرى وأسواقا تراثية في محيط مدينة أور.
ومن المؤمل أن تشمل رحلات الحج لمدينة أور تنظيم جولات سياحية للزائرين ليس فقط لمدينة أور ومنزل النبي إبراهيم، بل ستتم زيارة متحف الناصرية ومنطقة الأهوار في الجبايش بالإضافة لمدينة أريدو الأثرية، بحسب عبد الرزاق.
وتعد محافظة ذي قار من أبرز مدن العراق، إلى جانب بابل ونينوى، التي تضم مناطق أثرية تعود لفترة فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية قبل آلاف السنين.
وتضم المحافظة، أكثر من 1200 موقع آثاري، من بينها زقورة أور التي خصصت لعبادة آلهة القمر في الفترة السومرية، والمقبرة الملكية التي اكتشفها قبل 90 عاما العالم البريطاني ليونارد وولي، واستخرج منها كنوزا تضارع ما اكتشف في مقبرة الفرعون توت عنخ آمون في مصر في عشرينيات القرن الماضي. وتضم، أيضا، معبد دب لالماخ، الذي يعد أقدم محكمة في التاريخ.
مدينة أور
ويؤكد عامر عبد الرزاق أن أكثر من 10 بعثات تنقيب من مختلف أنحاء العالم ستبدأ العمل قريبا في الناصرية، مضيفا أن "ما تم اكتشافه من مواقع أثرية في المدينة لا يتجاوز 5 في المئة فقط".
أبرز هذه البعثات، وفقا لعبد الرزاق، هي بعثة المتحف البريطاني في مدينة كرسو الأثرية السومرية، وأخرى أميركية في أور، وثلاث بعثات إيطالية في مدينة زرغل السومرية بقضاء الدواية وتل أبو طبيرة وأريدو، بالإضافة لبعثة فرنسية في لارسا.
يكشف المسؤول العراقي الآثاري أن هذه البعثات ستباشر عملها في أكتوبر تشرين الأول المقبل بعد انحسار جائحة كورونا وانقضاء فصل الصيف.
وأور هو موقع أثري لمدينة سومرية تقع في تل المقير جنوب العراق وكانت عاصمة للدولة السومرية عام 2100 قبل الميلاد.
وكانت مدينة بيضاوية الشكل وتقع على مصب نهر الفرات في الخليج العربي قرب إريدو إلا أنها حاليا تقع في منطقة نائية بعيدة عن النهر وذلك بسبب تغير مجرى نهر الفرات على مدى آلاف السنين الماضية، وتقع حاليا على بعد بضعة كيلومترات عن مدينة الناصرية جنوب العراق وعلى بعد 100 ميل شمالي البصرة.
وتعتبر واحدة من أقدم الحضارات المعروفة في تاريخ العالم.
ولد فيها النبي إبراهيم {ع} أبو الأنبياء عام 2000 قبل الميلاد، واشتهرت المدينة بمبنى الزقورة التي هي معبد للآلهة إنّيانا آلهة القمر حسب ما ورد في الأساطير (الميثولوجيا) السومرية.
وكانت تحتوي على 16 مقبرة ملكية شيدت من الطوب واللبن. وكان بكل مقبرة بئرـ وعند موت الملك يدفن معه جواريه بملابسهن وحليهن بعد قتلهن بالسم عند موته، وكان للمقبرة بنيان يعلوه قبة.
عمار المسعودي