• Monday 19 May 2025
  • 2025/05/19 15:52:56
{تقارير: الفرات نيوز} يترقب العراقيون بحذر بالغ صيف عام 2025، الذي ينذر بأن يكون قاسياً على صعيد الموارد المائية، وذلك في ظل استمرار تداعيات شح الأمطار وتناقص الإطلاقات المائية من دول الجوار.

وبينما تؤكد الحكومة العراقية ممثلة بوزارة الموارد المائية جاهزيتها لمواجهة هذا التحدي، تبقى المخاوف قائمة لدى المواطنين والقطاعات الزراعية بشأن القدرة على تجاوز هذه الفترة الصعبة بأقل الخسائر.
فبعد موسم شتوي وصف بالشحيح جداً، حيث كانت الأمطار قليلة والثلوج سطحية، تتضاءل الآمال بكميات كبيرة من المياه المتأتية من ذوبان الثلوج في المناطق الحدودية. 
هذا الواقع المرير أكده وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله في تصريحات سابقة، مشيراً إلى أن "الموسم الحالي يعد من المواسم الجافة، ويستدعي إدارة استثنائية للموارد المائية المتاحة".
تأثيرات إقليمية تزيد من وطأة الأزمة:
لم تقتصر التحديات على الظروف المناخية الداخلية، بل تفاقمت بفعل انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات القادمين من تركيا وسوريا. فقد أوضح وزير الموارد المائية أن "قلة هطول الأمطار في حوضي النهرين داخل الأراضي التركية أثر بشكل مباشر على الإطلاقات المائية الواصلة إلى العراق، حيث وصلت الإطلاقات المتجهة إلى سد الموصل إلى مستويات مقلقة تقل عن 200 متر مكعب في الثانية".
وعلى صعيد نهر الفرات، وعلى الرغم من التحسن النسبي الذي شهده في فترات سابقة نتيجة للإطلاقات من سوريا، إلا أن هذه الإطلاقات عادت للانخفاض، وهذا التراجع يثير مخاوف جدية بشأن قدرة النهر على تلبية الاحتياجات المتزايدة خلال فصل الصيف.
جهود حكومية لمواجهة شبح العطش:
في المقابل، تؤكد وزارة الموارد المائية أنها وضعت خططاً استباقية لمواجهة هذه التحديات. فقد أشار الوزير عبد الله إلى أن "الوزارة أعدت خطة متكاملة لتحقيق الإدارة المثلى للموارد المائية المتاحة"، لافتاً إلى التحسن النسبي في خزين سد حديثة الذي ارتفع إلى 3 مليارات و500 مليون متر مكعب، بعد أن كان أقل من مليار متر مكعب في تشرين الثاني الماضي. وأكد أن الوزارة تعمل على استثمار هذا الخزين لتلبية احتياجات محافظات الفرات الأوسط وحتى ذي قار.
وأوضح أن واردات نهر الفرات أفضل من دجلة نتيجة تحسن الإطلاقات من سد الطبقة في سوريا خلال المدة الماضية والمستخدم لغرض توليد الطاقة الكهربائية، إذ وصلت في بداية الموسم الشتوي إلى 450 م3/ثا، أما حالياً فانخفضت إلى معدل 325 م3/ثا. 
كما أعلنت الوزارة عن قرب التوصل إلى اتفاق مع وزارة الزراعة بشأن الخطة الزراعية للموسم الصيفي، حيث سيتم تحديد المساحات المزروعة بما يتناسب مع حجم الشح المائي المتوقع. وتشير التقديرات الأولية إلى إمكانية زراعة مليون و500 ألف دونم من محصول الحنطة اعتماداً على الري من الأنهار، مع إعطاء الأولوية لتأمين مياه الشرب للمواطنين وسقي الخضر والبساتين.
غرفة عمليات مركزية وإجراءات احترازية:
في خطوة تعكس جدية التعامل مع الأزمة، أعلنت وزارة الموارد المائية عن تشكيل غرفة عمليات مركزية لمتابعة الوضع المائي في جميع المحافظات على مدار الساعة، والتدخل الفوري في حال حدوث أي طارئ. كما يجري العمل بالتنسيق مع وزارة البيئة لتحديد أسباب تلوث نهري دجلة والفرات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها.
ويشدد الوزير عبدالله على أن "الوضع تحت السيطرة من ناحية توفير مياه الشرب وسقي البساتين"، مؤكداً على "الاستمرار في إدخال تقنيات الري الحديثة في المشاريع الإروائية المنتشرة في المحافظات وغلق المنافذ المتجاوزة لضمان العدالة في توزيع المياه".
تساؤلات مشروعة وقلق مستمر:
على الرغم من تطمينات الحكومة، يبقى لدى الكثير من العراقيين، خاصة المزارعين، تساؤلات مشروعة ومخاوف مستمرة بشأن مدى كفاية هذه الإجراءات لمواجهة صيف قد يكون الأشد جفافاً منذ سنوات. فالاعتماد على خطط تقنين المياه وتحديد المساحات الزراعية قد يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي والاقتصاد المحلي.
ويبقى الأمل معقوداً على التزام الحكومة بتنفيذ خططها بكفاءة وشفافية، وتعزيز التعاون مع دول الجوار لضمان حصة عادلة من المياه، وتوعية المواطنين بأهمية ترشيد الاستهلاك، لتجاوز صيف 2025 بأقل الأضرار الممكنة. فالجفاف ليس مجرد تحدٍ للموارد المائية، بل هو اختبار حقيقي لقدرة العراق على الصمود والتكيف في وجه الظروف المناخية الصعبة.


 

اخبار ذات الصلة