ويجري رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حزمة من التغييرات طالت مناصب عليا وحساسة في الدولة رغم كشفه عن مخطط لاغتياله معتبراً أنه شهيد حي، في حين أوضح أن حكومته "لن تمتد لأكثر من سنة ونصف وستسلم بعدها المسؤولية لمن يفوز في الانتخابات وأنه لم يتولَ رئاسة الحكومة ليكون صاحب مشروع سياسي".
كما كشف مصدر مقرب من الدائرة المحيطة بالكاظمي إنه سيستمر بحملته لإجراء تغييرات كبيرة في عشرات المناصب العليا على الرغم من المخاطر التي تشوب هذه الخطوة.
وأجرى الكاظمي تغييرات في مناصب إدارة هيأة التقاعد العامة والوقفين السني والشيعي.
كما اجرى الكاظمي تغييراً في المناصب العسكرية منها اختيار الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، رئيساً لأركان الجيش خلفاً للفريق عثمان الغانمي الذي اختاره وزيراً للداخلية وتعيين الفريق عبد الأمير الشمري قائداً للعمليات المشتركة، وتكليف اللواء المحمدي قائداً للقوات البرية، والفريق علي الأعرجي أمين السر العام لوزارة الدفاع بالإضافة الى تعيين العميد يحيى رسول ناطقا باسم القائد العام للقوات المسلحة خلفا للواء الركن عبد الكريم خلف، فيما اصدر قراراً بإعادة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي للخدمة وترقيته رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب.
كما شملت إجراءات الكاظمي بالتغيير هيكلة مكتبه الرئاسي وطاقم المستشارين كجزء من حملة التغيير، حيث اختار القاضي رائد جوحي لإدارة مكتبه فيما تم تعيين الاعلامي احمد ملا طلال ناطقا بأسمه، وتولي كاظم السهلاني مستشاراً لشؤون المحافظات، وتسمية {ياسين البكري} متحدثاً رسمياً بأسم المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس الوزراء.
نواب ومراقبون في الشأن السياسي العراقي كانت لهم آراء مختلفة من حملة التغييرات التي يجريها الكاظمي بين مؤيد ومتخوف من عدم حسن اختيار الشخصيات المناسبة لهذه المناصب والوقوع في نفس مطب الحكومات السابقة بحسب النائبة عالية نصيف.
وتقول نصيف {للفرات نيوز} ان" الخلل في الجهاز إداري للدولة واضح منذ 17 عاماً وكذلك ماقام به مجلس النواب وفق المادة 10 من قانون الموازنة والمتضمن إعادة فلترة الجهاز الإداري في الدولة التي لم تكن على أسس صحيحة، بل انغمست الأحزاب في مغانم المحاصصة ضمن الجهاز الإداري وكان من المفترض ان يكون بمعزل عن محاصصة الأحزاب وان تكون في الطبقة العليا {الوزراء}".
وأضافت" لكن تبين ان هذه الأحزاب لا تحقق اقتصادياتها الا عبر الغوص في المراكز الحساسة التي تتعلق بالبنية البشرية للدولة العراقية المتمثلة بالجهاز الإداري؛ لذا أجد عملية إعادة تقييم مؤسسة الجهاز الإداري والمناصب القيادية مهم جداً خاصة في فترة حكومة تصريف الاعمال".
وأكدت نصيف ان" تغييرات الكاظمي بالاتجاه الصحيح، بشرط ان يحسن الاختيار فبدون حسن الاختيار سنقع في نفس المطب الحكومات السابقة"، داعية إياه الى" الاتفاق مع الكتل السياسية على ابعاد الجهاز الإداري عن متناول يد الأحزاب والقوى السياسية ليكون العراق مثل باقي الدول من حيث الانتخابات والتغيير الوزاري ورئاسة الجمهورية والمناصب العليا، اما البنية التحتية البشرية تبقى على حالها بالتالي نعمل بنظام البوصلة".
من جانبه شدد الحزب الديمقراطي الكردستاني على ضرورة التغيير، وانه "أصبح ضرورة ملحة لتغيير وضع البلد.
وتقول النائبة عنه، إخلاص الدليمي، انه" من المتوقع ان يجد الكاظمي آراء مختلفة بين مؤيد ومعارض فكل حزب او كتلة اذا كانت تروقه هذه التغييرات ينظر اليها بمنظار اخر وان كانت لا تروق سينظر لها بمنظار مختلف".
وأشارت الى" اننا كنواب دائماً ننتقد أداء الحكومة، فاذا لم تحدث تغييرات فكيف سيكون وضع البلد؟، فبالتأكيد التغيير ضروري جدا خاصة في هذه الفترة وأصبح ضرورة ملحة"، لافتة الى ان" رئيس الوزراء عندما يتخذ اجراء معين وتنتقده كتل سياسة من وجهة نظره انها تشل يده".
ونوهت الدليمي" نحن ككتلة تمثل الحزب الديمقراطي أطلقنا يد الكاظمي عندما صوتنا له وفوضناه لإدارة الحكومة، بشرط ان يقدم شيئا خلال سنة وفي حال الفشل في إدارة الدولة بالتأكيد هناك سياقات قانونية ودستورية واضحة نستطيع العمل عليها".
ولفتت الى ان" الكاظمي تسلم منصبه منذ شهرين والإجراءات التي يعمل عليها لم نلمس نتائجها على ارض الواقع بعد، فاذا كانت نتائج هذه التغييرات تصب في مصلحة البلد لا ضير فيها فالفساد مستشري في الدولة منذ 17 عاماً، وشخصيا انظر لهذه التغيرات انها ستصب في مصلحة البلد فهل من الممكن ان يبقى المتقاعدون يبكون ويشكون من ظلم التقاعد؟، وهل من الممكن ان يبقى نفس السياق وكذلك المستشارين؟، صراحة هم من أطاحوا بالحكومات المتعاقبة بسبب استشاراتهم الخاطئة".
واختتمت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني حديثها بالقول" السياقات التي يعمل بها الكاظمي صحيحة ونرتقب نتائجها على ارض الواقع، فاذا جاءت إيجابية سنشد على عضده، وان كانت عكسية سيحاسب عليها".
مراقبون رأوا ان حزمة التغييرات التي أقرها الكاظمي لا تعني استهداف جهة معينة كما يدعي الاخرون وانما جاءت لإجراءات تعهد بالالتزام بها، وانه ليس أمامه إلا الشروع في البدء بالمعركة ضد الفساد.
حيث أوضح المحلل السياسي، حمزة مصطفى، {للفرات نيوز} ان" الظروف التي جاء بها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى السلطة تختلف عن باقي رؤساء الوزراء سواء من جهة الكتل التي كانوا ينتمون إليها وتسندهم او الظروف التي كان يعيشها العراق اقتصادياً، صحيح انه كانت هنالك تحديات بوجود داعش الارهابي وقبله القاعدة، ولكن في الجانب المالي كانت الأمور مستقرة ومسيطر عليها".
وأفاد" الان يواجه الكاظمي تحديات حقيقية بالتالي حينما يريد ان يجري تغييرا لا يعني هذا انه يستهدف جهة معينة لأنه بالنهاية مطالب بإجراءات تعهد بالالتزام بها والتي تكمن في مواجهة التحديات المالية والاقتصادية والصحية بالإضافة الى توفير بيئة آمنة لأجراء الانتخابات".
وأوضح مصطفى ان" ما يقوم به من إصلاحات يجب ان تسند، لا ان ينظر اليها على انها تستهدف هذه الجهة او تلك؛ لان ظروف البلد لم تعد تحتمل مزيداً من المزايدات السياسية".
لكن المحلل السياسي نجم القصاب رأى انه ليس أمام الكاظمي سوى الشروع في البدء بالمعركة ضد الفساد، التي ستكون معروفة النتائج. ويقول أن "الشعب العراقي والقوى النزيهة والوطنية ترغب في قيام رئيس الوزراء بهذه الحملة، وإلا فإن العراق ذاهب إلى الهاوية".
وأوضح القصاب {للفرات نيوز}، أن "عدم استطاعة العراق توفير الأموال والمرتبات للموظفين يحصل لأول مرة منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، والحكومة اليوم محرجة أمام شعبها والموظفين لعدم وجود سيولة نقدية، وذلك يرجع لسببين: الأول هو الفساد، والآخر الاعتماد على تصدير النفط".
وأشار إلى أن "القوى السياسية والنخب التي حكمت البلد طيلة المدة الماضية لم تفكر في إيجاد بدائل اقتصادية في حال انخفضت أسعار النفط، واليوم يحاول الكاظمي الحصول على موارد مالية غير الموارد النفطية".انتهى
وفاء الفتلاوي