• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 00:20:40

مفوضية حقوق الانسان: غياب القانون والقوة الرادعة زاد الظاهرة فتكاً

{تقرير: الفرات نيوز} أدى تراكم الازمات الاقتصادية بدءاً بالتداعيات التي رافقت جائحة كورونا كالإغلاق العام وحظر التجوال وتعطل مصالح الكسبة ومن ثم رفع سعر الدولار مقابل الدينار، الى تزايد حالات العنف الاسري في العراق اكثر من السنوات السابقة، بحسب معنيين بتتبع هذه الظاهرة.

وترى مفوضية حقوق الانسان، ان غياب القوانين وعدم وجود قوة رادعة زاد من حدة هذه "الجرائم".

عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي يقول إن "العنف الاسري اصبح قضية يومية امام غياب الحلول الحكومية التي من المفترض أن تقدم للتخفيف من تلك الجرائم".

ويضيف البياتي في حديثه لوكالة {الفرات نيوز} ان "ما يحدث من تعنيف أسري هو انفجار حقيقي لمشاكل اقتصادية واجتماعية وغياب دور الدولة في رعاية الاسرة وحمايتها سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي او التربوي او النفسي او تقديم الكفالات القانونية والتشريعية والمؤسساتية لحماية الاسرة وافرادها ورعايتهم حسب الدستور العراقي".

وبحسب منظمات نسوية، فأن حالات العنف الأسري في العراق شهدت تصاعداً كبيراً خلال عام 2020، في ظل ثقافة ذكورية سائدة وغياب القوانين الرادعة، والواقع الذي فرضه انتشار كورونا من بطالة وفقر ومكوث داخل البيوت.

"الجرائم التي تحدث داخل الاسرة بشكل بشع نتيجة حتمية لعنف مستمر داخل الاسرة" يقول البياتي مضيفا أن "هذا دليل على الافلات من العقوبات".

ونوه عضو مفوضية حقوق الانسان الى ان "العراق لديه خلل وثغرات كبيرة في القوانين التي تحمي افراد الاسرة".

ويبين البياتي أن "تزايد حالات العنف في الاسرة نتيجة حتمية لعدم قيام الحكومات منذ 2003 بواجباتها تجاه الاسرة التي تعتبر البذرة الأساسية في المجتمع".

وكشف آخر إحصاء لمديرية حماية الأسرة والطفل التابعة لوزارة الداخلية عن حالات العنف الأسري في آب/ أغسطس 2020 وتضمن 15000 حالة في عموم البلاد، ما عدا إقليم كردستان وصدر بشأنها أربعة آلاف أمر قبض قضائي، 59 في المئة من حالات العنف حصلت ضد نساء.

ويرى عضو المفوضية انه "لا توجد في التشريعات العراقية حماية حقيقية لأفراد الاسرة".

واستطرد البياتي قائلا، إن "ما نسمع عنه من حالات هو اقل بكثير من الارقام الحقيقية"، لافتا الى ان "نسبة الفقر عندما تصل الى ما دون 35% ستخلق مشاكل نفسية واجتماعية".

 وكشفت أرقام حكومية تسجيل 18 ألف حالة عنف عام 2020، مقارنة بـ17 ألف حالة في العام الذي سبقه، وهذه الأرقام لا تلحظ إذ ان العنف غير المبلغ عنه وهو ما قد يجعل الأمر أكبر بأضعاف.

وأفاد البياتي بأن "هناك غياب للمؤسسات التي ترعى الاسرة على المستوى الاجتماعي"، مستدركا: "يجب تقديم الحلول للمشاكل كما يحدث في بلدان العالم الأخرى".

وأختتم عضو مفوضية حقوق الانسان انه "يجب على الحكومة النظر الى ما يحدث داخل الاسر ومعالجة هذه الحالات ووضع الحد لها، فبدون وضع الحلول والآليات تكون هي المتهمة بحالات التعنيف والقتل بإظهارها الفشل".

من جانبه يقول مدير علاقات وإعلام الشرطة المجتمعية، عبد الحافظ هادي الجبوري، إن عملهم استباقي من خلال توعية المواطنين وإعداد دراسات حول الظواهر المجتمعية والحالات السلبية.

ويضيف لوكالة {الفرات نيوز} أن "مفارز الشرطة المجتمعية تمثل موقفا حياديا بين المواطن ورجل الامن"، مستدركا: "نحاول توعية المواطن من جهة وتعزيز ثقته برجال الامن من جهة أخرى".

وبحسب الجبوري فأن "الكثير من الجرائم الجنائية تندرج ضمن العنف الاسري".

ويرى مدير علاقات وإعلام الشرطة المجتمعية أن "أبرز الأسباب التي تقف وراء هذه الحالات هي جائحة كورونا وما خلفته من ضغوط نفسية على المواطن من خلال جلوسه في المنزل وتوقف مصالحه في العمل، بالإضافة الى حالات الخيانة والابتزاز الالكتروني وقضايا غسل العار".

وفي اثناء اعداد التقرير، أعلنت الشرطة المجتمعية في دائرة العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية، أمس الخميس، تمكنها من انقاذ فتاة في سن الـ(١٦) من محاولة الانتحار بمحافظة بابل، بسبب تعرضها للتعنيف الجسدي والنفسي المستمر من ذويها.

وجاء في بيان صادر عن اعلام الشرطة  المجتمعية أن مفارزها قامت بتقديم الدعم النفسي والمعنوي لفتاة محاولة إعادة تأهيلها نفسيا، فضلا عن استقدام والدها للوقوف على اسباب قيام اخوتها بتعنيفها بشكل متواصل.

وتوصلت دراسة أجراها المكتب الإقليمي للمرأة التابع للأمم المتحدة في 2020 وشملت تسعة بلدان عربية هي (مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وتونس واليمن) إلى أن العنف الأسري تفاقم بتأثير من إجراءات مكافحة انتشار فيروس كورونا.

وأن أقل من 40 في المئة من اللواتي تعرضن للعنف قدمن شكاوى أو طلبن مساعدة من خارج نطاق بيت الزوجية.

ويرى الجبوري أن "الكثير من هذه الحالات تتخللها جنبة اقتصادية تتضمنها سوء الحالة المعيشية والمادية، مما يؤدي ببعضها الى الانتحار".

ووصل سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي الى 1450 في عموم المحافظات للمرة الأولى منذ اعلان تغييره رسمياً بقرار من وزارة المالية في 19 كانون الأول 2020.

وبقي السعر متذبذب ما بين 1450 الى 1470 او كثر حتى تم تثبيته في نهاية آذار على 1450 وما زال يواصل الارتفاع.

ويقول اقتصاديون ان توفير السيولة المالية اللازمة لتغطية الرواتب والالتزامات الاخرى هي من دفعت الحكومة الى رفع قيمة الدولار.

لكن بالمقابل فان العامل الذي كان راتبه اليومي 15 الف دينار كان يعادل 12 دولارا، أما الان فان راتبه تراجع الى 10 دولارات فقط وبهذا فانه اصبح غير قادر على توفير قوت يومه.

اي ان العامل الذي كان خارج خط الفقر اصبح تحت الخط الان الذي يتوقع ان يكون اكثر من نصف العراقيين تحته.

بالتزامن مع انخفاض قيمة رواتب الموظفين والعمال ارتفعت اسعار البضائع في الاسواق وخصوصا المستوردة، مما ادى الى زيادة الضغوط المعاشية على كاهل المواطن واصبح "كائن مفترس" في المنزل في ظل هذه التراكمات والضغوطات.

وفي عام 2020 برزت أهمية تشريع قانون مناهضة العنف الأسري المعلق منذ سنوات في اروقة مجلس النواب، الذي حصل على قراءة أولى في 2017 لكنه واجه اعتراضاً من بعض الكتل السياسية التي تحفظت على فقرة إنشاء ملاجئ للنساء المعنفات التي تضمنتها مسودة القانون ما أدى إلى إيقافه.

وفي وقت سابق من عام 2020 صدر بيان مشترك، لصندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وهيئة الأمم المتحدة، قد دعا البرلمان العراقي إلى الإسراع في إقرار قانون مناهضة لعنف الاسري.

وبخلاف بغداد، فإن محافظة أربيل شهدت عام 2011 إقرار أول قانون مناهض للعنف الأسري في العراق هو القانون رقم 8 لسنة 2011، وقد بدأ تطبيقه فعلياً نهاية 2012 وشكلت بموجبه محاكم مختصة بقضايا مناهضة العنف الأسري وفق قانون السلطة القضائية للإقليم لسنة 2007 في نطاق محافظاته الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك.

وسجّلت مديرية مناهضة العنف ضد المرأة في الإقليم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 6432 حالة عنف ضد المرأة، توزعت بين 2220 حالة في اربيل و1614 حالة في دهوك و1558 حالة في السليمانية، والأخرى في كرميان.

حسين حاتم

اخبار ذات الصلة