المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام .. للاشتراك اضغط هنا
أثارت العواصف الترابية التي يشهدها العراق منذ مطلع ربيع 2022 موجة من القلق بعد تكرارها بشكل كبير مخاوف من تأثريها السلبي على اقتصاد البلد وتحميله أعباءً جديدة بعد تعليق الرحلات الجوية في مطارات بغداد والنجف الاشرف والبصرة والسليمانية لعدة مرات وتوقف اغلب المنشآت الحيوية نتيجة انعدام الرؤية.
ففي بلاد يتخللها نهران كبيران، وتشق أراضيها عشرات الروافد والبحيرات، باتت الصحراء تطل على تخوم المدن العراقية وتتسلل إلى أجوائها وشوارعها عبر عواصف تحمل معها أطنانا من الأتربة والغبار، بعدما تلاشت المساحات المزروعة وانحسر اللون الأخضر في بلاد كانت تعرف يوما ما باسم "أرض السواد".
كما دفعت هذه العواصف المخاوف من النمو في عدد المهاجرين العراقيين داخلياً وخارجياً وإلحاق أضرار بالمحاصيل الزراعية مع اعلان دخول العالم بأزمة الأمن الغذائي بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، ناهيك عن مخوف من تأثيرها المباشر على انتاج وتصدير النفط.
ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم خصوصا بسبب تزايد الجفاف، مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف خمسين درجة مئوية.
حبل إنقاذ
وعلقت سلطة الطيران المدني العراقي، الرحلات الجوية القادمة والمغادرة من والى العراق نتيجة للعواصف الترابية.
لكنها اعلنت عدم تسجيل أي خسائر مادية جراء توقف الرحلات الجوية نتيجة للموجات الغبارية بحسب العرف الدولي المتضمن عدم تسجيل غرامات مالية جراء الكوارث الطبيعية.
وأوضح المتحدث باسم سلطة الطيران، جهاد الديوان؛ للفرات نيوز، ان:":توقف رحلات الطيران بسبب العواصف الترابية لم تحدث أي خسائر مالية تذكر في العراق كونها لم تلغ".
وأضاف، ان الغرامات المالية في حال توقف الرحلات الجوية المتعمد فقط.
لا ترقى لمستوى الاعصار
في المقابل قال المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح؛ للفرات نيوز، ان :"العواصف الترابية لم تؤثر مطلقاً على انتاج وتصدير النفط وتأثيرها يكون على المناطق المعزولة والوعرة والصحراوية بالعالم؛ لذلك العاملون والشركات النفطية عالميا في الآونة الاخيرة تكيفت مع هذه الاجواء خاصة في مناطق الشرق الأوسط".
وأكد، ان "العواصف الترابية في العراق لا ترقى الى مستوى الاعصار، مثلما يحدث في امريكا وبالتحديد في ولاية تكساس التي تتعرض صناعتها النفطية الى توقف مستمر بسبب هذه الأعاصير وتتعرضها لخسائر مالية فادحة".
وأيد الخبير النفطي، حمزة الجواهري، ماجاء في تصريح مستشار الكاظمي، بالقول: العواصف الترابية لم تؤثر إطلاقاً على صادرات العراق النفطية وكل المعدات الخاصة بذلك مصممة في مواجهة هكذا أحوال جوية وكأن شيئاً لم يحدث.
واشار الجواهري، عبر الفرات نيوز، الى :"تأمين القطاع النفطي من هذا الجانب وان المعدات مصممة ان تعمل بهكذا ظروف".
تهديدات اقتصادية
من جانبه عكس الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، صورة مخالفة تماماً عما تحدث به الآخرون من تأثير موجات الغبار المتكررة بالملاحة الجوية والموانئ النفطية.
وقال العبيدي، ان :"تأثير هذه العواصف يكون بالقسم الأكبر في الملاحة الجوية وتوقف حركة الطيران، كما تؤثر على الموانئ النفطية العراقية التي تصدر 100 الف برميل من النفط الخام في الساعة الواحدة".
وأوضح، ان العراق يصدر ما قيمته 400 مليون دولار يوميا واي توقف خسارة للبلد هذا المبلغ وهو رقم ليس بقليل خاصة وانه يعاني من طقس حار والغبار ما سيؤدي الى ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية.
واستدرك بالقول، كما تؤثر العواصف على توقف العمل في القطاعات العام والخاص وتأثيرها على المواطن، وأكثر قطاع يتأثر بالعواصف الترابية وموجات الغبار هو النفط والتصدير الخام خاصة وان العراق يعتمد على هذه الواردات".
وشدد العبيدي، على ان تنويع الصادرات أمر ضروري وبخلافه فانه يعرض البلد الى تهديدات اقتصادية، وباتت العواصف تزيد من مساحات التصحر وبالتالي تقلص المساحات الزراعية وزحف الرمال الى المدن والحلول بإيجاد أحزمة خضراء للحد من هذه التأثيرات الجوية.
مهددة بالضرر
والحاقاً بالمخاوف، اكدت وزارة الزراعة، كباقي مؤسسات الدولة تأثير موجات الغبار وتهديدها وتأثيرها على المحاصيل الزراعية وبينها النخيل.
وقال المتحدث باسم الوزارة، هادي هاشم للفرات نيوز، ان :"موجات الغبار تؤثر بصورة مباشرة على المحاصيل الزراعية، وبينها النخيل التي ستتأثر بالدرجة الأساس بهذه العواصف كونها في فترة إكتمال عملية التلقيح وتكوين الثمار {الرطب}، وتراكم الغبار عليها ما يؤدي الى اصابتها بالعناكب، ما يستدعي اتباع تقنية تكييس ثمار التمر {العثوق} لحمايتها".
جرس أنذار
ووصفت وزارة الهجرة والمهجرين، العواصف الترابية بـ"جرس الانذار" قد تلقي بظلالها على المواطنين بنزوح جديد وهجرة مكررة تلازمت مع قلة الحصص المائية للمحافظات.
وقال المتحدث باسم الوزارة علي جهاكير، للفرات نيوز، ان :"العواصف الترابية جرس أنذار للمجتمع العراقي وتأثريها المباشر على القرى والمناطق في وسط وجنوب العراق بسبب قلة الحصص المائية مما يدفع الى عملية الهجرة من القرى الى المدن".
ونوه الى، عدة إجراءات اتخذت من قبل الوزارة بالتنسيق مع وزارة الداخلية المعنية بالطوارئ،" مؤكداً، تأشير مناطق في محافظتي ميسان وذي قار عرضة للهجرة او تتأثر في المرحلة القادمة".
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن العراق بات ومنذ سنوات لا يزرع سوى ربع المساحة الصالحة للزراعة من أراضيه، إذ إن معدل المساحات الصالحة للزراعة بالعراق يبلغ 40 مليون دونم بينما يزرع منها وفق الخطط الزراعية 10 ملايين دونم فقط.
وتتزايد عمليات تجريف البساتين وتحويلها إلى مشاريع سكنية، يسكن معظمها فلاحون هجروا أراضيهم واتجهوا نحو المدينة.
وقوع المحظور
رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية العراقية، حسن نصيف، أكد حصول تزايد في الهجرة من الأرياف باتجاه المدن بسبب الجفاف وتصحر الأراضي الزراعية.
وقال، أن "الكثير من الفلاحين هجروا أراضيهم وتركوا الزراعة بسبب أزمة المياه وهذا يؤدي إلى ضرر كبير في الأراضي الزراعية وسينعكس بشكل واضح على قطاع الزراعة".
وينتظر العراق يوم غد عودة للموجات الغبارية والتي ستستمر لثلاثة أيام {السبت والاحد والاثنين} بحسب المرصد الجوي.
واطلق الخبير الجوي، صادق عطية، تحذيرا من موجة غبار كثيفة تضرب كافة مدن العراق، وانها ستكون الأشد على الارجح حتى الآن.