{بغداد: الفرات نيوز} تقرير وفاء الفتلاوي .. ما ان يقف احد المواطنين بسيارته قرب احد التقاطعات او ان يقف بزخم مروري حتى يجد امرأة او طفل او رجل كهل او شاب معاق يقترب منه لطلب المال.ويطلق على هؤلاء "المتسولون" والذين يثيرون احيانا الشفقة واحيانا اخرى الاشمئزاز لدى المواطنين.اذ ان هؤلاء اصبحوا يثيرون الجدل لدى اغلبية المواطنين فهناك من يعطف عليهم وهناك من يتهمهم بالجشع اذ ان اي متسول ومهما تعطيه من مال يكفي قوته ليوم كامل فانه يستمر بتسوله في الشوارع وهو امر يثير حفيظة المواطن الذين بدأوا يتحدثون بشيء من المبالغة عن امتلاك بعض هؤلاء لاموال وسيارات وعقارات وغيرها.مسؤولون حكوميون كشفوا لوكالة {الفرات نيوز}عن حقائق مخيفة عن هؤلاء المتسولين فمنهم من يتقاضى ما يقارب اكثر من مليون و500 الف دينار شهريا /مايعادل 1250 دولار/ وهو ما يعادل راتب 3 موظفين يمتلكون شهادة البكالوريوس ومنهم من يرتبط بعصابات تمارس الجريمة المنظمة واخرون مع مجاميع ارهابية فيما ينفي هؤلاء المتسولون هذه الاتهامات.اذ يبين مستشار وزارة حقوق الانسان كامل امين لوكالة {الفرات نيوز} ان" ظاهرة التسول اصبحت مهنة وليست حاجة ففي اول تجربة لنا في محافظة كربلاء جمعنا عددا من المتسولين هناك واتضح انهم جميعا يستلمون رواتب من شبكة الحماية الاجتماعية".واضاف ان هؤلاء برروا تسولهم هذا الى ان المعونة غير كافية ،"مشيرا الى ان الوزارة لديها معلومات عن ان المتسول الواحد يحصل على خمسين الف دينار يوميا فبالتالي اصبحت هذه الظاهرة مهنة، لكن البعض منهم يتم استغلاله من قبل شبكات ارهابية منظمة".واوضح امين "اكتشفنا من خلال جولات لجاننا في مدينة الكاظمية المقدسة ان هناك منظمة ارهابية تروج للحبوب المخدرة من خلال هؤلاء المتسولين لا بل تجعلهم يدمنون عليها ".واكد ان" عملية القضاء على ظاهرة المتسولين هي عملية صعبة جدا بسبب غياب سلطة القانون في فترة من الفترات والتهجير الذي حدث في جميع المحافظات بالاضافة الى الحصار الاقتصادي الذي مورس بحق الشعب العراقي والذي فكك الكثير من الاسر ودعاها الى الاتجاه الى طريق التسول والتي اصبحت من خلال مؤشراتنا الاخيرة مهنة وليست حاجة".ويؤيد نواب ما ذهب اليه مستشار وزارة حقوق الانسان حيث اكد عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية علي كردي حجي لـ{الفرات نيوز} انه" ثبت بالدليل القاطع ان هناك عصابات واياد خلف هؤلاء المتسولين لان كرامة الشعب العراقي هي اكبر من ان يقف اطفال في الشوارع للتسول ".وحمل الحكومة مسؤولية انتشار ظاهرة التسول والعصابات المنظمة للجريمة التي تعمل على هذا الجانب لذلك نحن ندعو الجهات المختصة لمراقبة ومتابعة هذه الظاهرة لغرض الحد منها".وبخصوص خطة عمل لانتشال هؤلاء المتسولين من الشارع يشير كردي الى ان" القضية اكبر من قضية انتشال من الشارع لان هناك لجانا متخصصة بهذا الامر تابعت هذه الحالات فوجدت ان اغلب هؤلاء المتسولين هم عصابات منظمة فهناك من يستغل الاطفال والنساء لاغراض الكسب ولاغراض اخرى فبالتالي لا يمكن حصر هذه الحالات ولابد من متابعتها من قبل الجهات الحكومية وخاصة وزارة الداخلية".وتابع كردي انه " بالنسبة الى وزارة العمل في هذا الوقت فهي غير قادرة على تهيئة جميع احتياجات الشعب العراقي من هم دون مستوى حد الفقر بسبب أن امكانيتنا المادية لا تلبي الطموح لكننا في لجنة العمل متابعة وبحرص شديد لهذه الحالات وقد وجهنا كتابا الى وزارة الداخلية للحد من هذه الظاهرة والسيطرة عليها".ويختلف المتسولون في طريقة استحصال الاموال من المواطنين فمنهم من يقوم بالطلب المباشر منك للمال ومنهم من يحمل وصفة طبية بحجة انه مريض ويحتاج المال للعلاج ومنهم من يقول لك ان محفظته سرقت منه وانه من محافظة اخرى ويحتاج للمال للعودة الى محافظته ومنهم من يقول ان عائلته بحاجة الى الطعام وهو لايمتلك المال ومنهم من يقوم بمسح سيارتك لتقوم باعطائه المال وغيرها من الاساليب.اما قائد شرطة بغداد اللواء صباح الشبلي فقد اكد لـ{الفرات نيوز} ان" شرطة النجدة كل يوم تقوم بحملات كبيرة ضد المتسولين ويتم تسليمهم الى مراكز الشرطة ويحولون الى قاضي التحقيق والاخير يقوم بالافراج عنهم ".واضاف ان "هذا ليس بسبب اهمال من جهة ما، بل لانه لايوجد مكان اومركز تأهيلي يقوم باستلام هؤلاء المتسولين او قانون يخص هذه الشريحة لكن كان هناك اتفاق مع مجلس المحافظة ومع نائب رئيس محافظة بغداد محمد الشمري بتشكيل لجنة من قبل المحافظة لاستلام هؤلاء المتسولين وفتح مراكز تأهيلية لهم".وتابع" لكن لغاية الان لم يتم اي اجراء بحق ذلك "مشيرا الى ان" هناك شبكات ارهابية تستغل وجود المتسولين وخاصة الاحداث منهم ".وحمل مديرية الاحداث في وزارة العدل تبعات هذا الامر كونها هي المعنية بتأهيل وتدريب المتسولين من الاحداث على العمل".فيما يذكر النائب الاول لمجلس محافظة بغداد محمد الشمري لـ{الفرات نيوز} انه" تم تشكيل لجنة من مجلس محافظة بغداد بعد ان كانت هناك لجنة مركزية لمكافحة ظاهرة التسول والتي تديرها وزارة العمل ووزارة الداخلية ووزارة حقوق الانسان".واضاف ان" اللجنة قررت تشكيل لجنة في كل محافظة فتم تشكيل لجنة برئاستي في محافظة بغداد وقد عقدت عدة اجتماعات ودرسنا ظاهرة التسول في بغداد وتداعيتها على الواقع الحضاري والامني والاجتماعي وقد توصلنا الى خطة بثلاث محاور للحد من ظاهرة التسول".وتابع الشمري ان"المحور الاول يتمثل بتجسيد مظاهر التسول باعتقادنا ان السبب الرئيسي لهذه الظاهرة هو تردي الوضع الاقتصادي نتيجة التداعيات التي مر بها العراق من خلال سياسيات النظام البائد والارهاب وهي التي ادت الى اتساع ظاهرة التسول فلهذا نحن حاولنا التأكيد على الجانب الاعلامي لتوعية المجتمع وذلك من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني ايضا والعمل على تحديد راتب للمتسولين ودعمهم من خلال الحصة التموينية بالتنسيق مع وزارة التجارة واعطائهم حصص اضافية ومحاولة توفير فرص عمل للقادرين على العمل منهم والتنسيق مع الوقفين الشيعي والسني من خلال تقديم المعونات لهم".وبين ان "المحور الثاني يتمثل بالاتفاق على العمل مع وزارة العمل والصحة وحقوق الانسان والتربية الى ادخال المتسولين الى مركز تأهيلي وخاصة للذين احترفوا التسول واتفقنا مع وزارة العمل على ان يكون هناك مركزين الاول في الكرخ والاخر بالرصافة لوضع المتسولين الذين يتم القبض عليهم من قبل الوحدات المخصصة بهذا الجانب وادخالهم الى هذه المراكز لاخضاعهم الى برنامج نفسي وصحي وتربوي وتعليمي ومهني لاعادة الاعتبار النفسي وادماجهم في المجتمع".واشار الشمري الى ان" المحور الثالث فهو تفعيل الاجراءات القانونية لان هناك قانون العقوبات فهناك ثلاث فقرات للتسول في قانون العقوبات في المادة {111} والتي هي {390- 391- 392} هذه الفقرات تعتبر التسول جريمة وقد تم التنسيق مع مجلس القضاء بتخصيص قاضي لهذا الموضوع لمساعدتنا في اتخاذ الاجراءات القانونية للحد من ظاهرة التسول".وتابع وجدت الكثير من الشبكات والحواضن المنظمة تدير جميع هؤلاء المتسولين وتدريبهم على التفنن في عملية التسول حتى هناك ظاهرة وجدناها لدى المتسولين انهم يأتون بالاطفال ويعطوهم عقار مخدر لغرض النوم لكسب عطف الناس".بدوره يشير عضو لجنة حقوق الانسان علي شبر لـ{الفرات نيوز} اننا" نحاول ايجاد قوانين تمنع ظاهرة التسول لدى المتسولين بصورة عامة والاحداث بصورة خاصة في العراق ".واكد ان هناك قوانين مهمة وحساسة على مستوى رعاية الطفل والاحداث حيز التنفيذ محملا الحكومة ان تسرع بتنفيذ هذه القوانين وتخصيص مبالغ خاصة للهذه الشريحة ومسؤولية لجنة حقوق الانسان هي الرقابة على تطبيق هذه القوانين لكن الحكومة هي المعنية بالامر سواء كانت وزارة المرأة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لترتيب مكان للعيش وتعليمهم مهن حرة يستطيعون كسب ارزاقهم منها".وبالمقابل فان المتسولين ينفون التهم الموجهة اليهم ويرون ان سوء الاوضاع المعاشية وفقدانهم ذويهم نتيجة الحوادث الارهابية بالاضافة الى عدم وجود عمل هو من دفعهم الى التسول .اذ تقول امرأة كبيرة بالسن تقوم بالتسول في احدى شوارع بغداد "انا مريضة ومصاريف العلاج كبيرة جدا لقد قتل زوجي وترك لي ثلاثة اطفال ولد وبنتان البنت الكبرى تزوجت من ابن عمها والاخرى تزوجت من شخص غريب لكنه فقير اما ابني الذي اعتقدت ان الله عوضني به عن ابيه ليكون سندا لي ولاختيه لم يكمل دراسته بسبب ظروفنا انذاك واتجه الى العمل صغيرا وكانت حياتنا جيدة نوعا ما.وتابعت" لكن مثلما قتل ابوه وترك ايتاما قتل هو الاخر وترك خلفه ايتاما، وبعد ذلك عشنا على مساعدات الاهل والجيران لكن الى متى هذا الحال فقد اتى اهل زوجة ابني واخذوها وتركوا الاطفال لي فلم اجد بدا من العمل لكي اعيلهم ولكن من يوظف عجوزا مثلي فاضطررت للعمل بهذا العمل الى ان يأخذ الله امانته وارتاح".فيما يشير المتسول الطفل احمد والذي لايعلم اسم والده ليخبرنا عنه ، وهو يرتجف من" الخوف ظنا منه اننا من الشرطة، "منذ ان ادركت الحياة وجدت نفسي مرمي في احضان اربعة رجال كبار السن لا اعلم من هم، انا ومعي الكثير من الاطفال الصغار يعامولننا بقسوة ويضربونا بشدة في حال عصينا اوامرهم".وتابع بقوله ان "كل يوم عند الساعة السابعة صباحا ينقلوننا بواسطة سيارة باص الى مختلف الساحات والشوارع لكي نستجدي المال من المارة ويعودوا ليأخذونا في المساء، وان اعترضنا على ذلك يضربونا ويقطعوا عنا الطعام".واستدرك الطفل قائلا "حاولت مرة ان اهرب من هؤلاء الاشخاص اثناء ممارسة عملي في الشارع لكنهم طاردوني وامسكو بي واحتجزوني بغرفة مظلمة وقطعوا عني الطعام وضربوني واستمر هذا الحال لثلاثة ايام متتالية، ومنذ ذلك الحين وانا ارتعب منهم ولا استطيع حتى التفكير بمحاولة الهرب مجددا". بدورها وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من خلال دائرة المتابعة والتنسيق الحكومي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإتخاذ ما يلزم للقضاء على حالات التسول في الشوارع. وقال مدير عام الدائرة رياض فاضل محمد ان" التوجيه جاء بعد انتشار ظاهرة التسول في الشوارع الرئيسية لبغداد والمحافظات الاخرى وخاصة اصطحاب المتسولين للاطفال لاستحصال تعاطف المواطنين ما يترتب عليه مكوثهم لساعات طويلة في ظروف بيئية قاسية ويشكل ذلك انتهاكاً لحقوق الطفولة وحمايتها ورعايتها".واضاف ان" الامانة العامة دعت الى اخذ ما يقتضي للكشف عن هذه الحالات واجراء الفحص الطبي للكشف عن الحالات الصحية للاطفال الذين يُستخدمون للتسول والـتأكد من عائدية الطفل وذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارتي الداخلية والصحة".انتهى2
- الوقت : 2012/02/13 17:29:20
- قراءة : ٣٥٬٧٠٠ الاوقات