المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام .. للاشتراك اضغط هنا
تحظى شريحة الشباب في مجتمعنا العراقي بأكبر نسبة من عدد السكان، وهو ما يجعل البلاد أمام تحديات وفرص مهمة لاحتواء هذه الشريحة وتوفير الإمكانيات الكافية والوافية لها، لتطوير مهاراتها وأخذ دورها الميداني في عملية بناء الوطن وتحريك عجلة تطوره. وتنبع هذه الأهمية من النسبة الكبيرة التي يمثلها الشباب، حيث يشكلون النسبة التي تتراوح أعمارهم بين 15 و65 سنة، 60.2% من الشعب العراقي، ما يعني أن أكثر من نصف السكان هم من الفئة الشبابية.
وتُعد هذه الفرصة التي أُتيحت للعراق في هذه المرحلة من التطور والبناء، غير متوفرة في أغلب الدول المتقدمة مثل اليابان، الصين، كوريا الجنوبية، إيران، وجزء مهم من الدول الأوروبية كإيطاليا وألمانيا وفنلندا وإسبانيا، التي تتراوح نسب الشيخوخة فيها بين 20% إلى 30%، في حين أن النسبة في العراق لا تزيد عن 3.7%. وهذا ما يمنح بارقة أمل لتيسير عملية الإعمار والبناء بوجود هذه الطاقات الفذة والمعطاءة، ويجعل مؤشر النمو العراقي في تصاعد، في الوقت الذي تتجه فيه بعض دول العالم المتقدمة نحو خطر الاندثار الجيلي.
وعند الرجوع إلى نهج الإسلام، نلاحظ أنه أولى أهمية كبيرة لشريحة الشباب، إذ قال الله تعالى في محكم كتابه: "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى"، وهو تأكيد على أهمية إيمان الفتية، والمقصود بهم أصحاب الكهف، وما عوّضهم الله به من هدى وجعلهم على طريق الحق. وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (بادر شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك)، في دعوة إلى استثمار عمر الشباب وعدم التفريط به، لما يمتلك فيه الشاب من قوة وقدرة على الإنتاج والإبداع والتأثير. كما قال الإمام الصادق (ع): (عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير)، في إشارة إلى أن الأحداث، أي الشباب، هم الأكثر استعدادًا واستجابة للخير وتنفيذه في المجتمع.
واستنادًا إلى كل ما سبق، فإن الورقة الحاسمة في الانتخابات القادمة، والتي تُعد الأهم بعد انتخابات عام 2005 لما لها من دور في تثبيت النظام السياسي، وجعل الحكم الوطني بالأغلبية الشيعية أمرًا واقعًا في العراق، وإعطاء كل جهة سياسية دورها ومكانتها الحقيقية داخليًا وخارجيًا، ستكون بيد الشباب، وكيفية استثمار طاقاتهم وجهودهم وأفكارهم في المشاركة الواسعة والفاعلة في هذا العرس الديمقراطي. فبفضل وعيهم، يستطيع الشباب تغيير معادلة العملية السياسية من داخل صناديق الاقتراع، ورسم طريق وخطة بناء البلاد بأصابعهم البنفسجية في يوم الانتخاب. وباختيارهم الشخص الصالح ضمن القائمة الصالحة، يمكنهم الإسهام بفاعلية في منع غير الصالحين من الوصول إلى البرلمان. خاصة وأن التقارير غير الرسمية تشير إلى أن نسبة مشاركة الشباب في انتخابات مجالس المحافظات السابقة في عام 2023 بلغت نحو 50%، كما أن عدد الشباب المؤهلين للتصويت قد ازداد الآن بانضمام مواليد عام 2007 ممن تجاوزوا سن الثامنة عشرة.
أما مسؤولية الجهات السياسية في احتواء (بيضة قبان الانتخابات)، فتتمثل في ما يلي:
1- البرامج الانتخابية: إشراك الهموم الشبابية ضمن البرامج الانتخابية للمرشحين، ومنحها الأولوية في تشريع القوانين المستقبلية التي تلبي طموحاتهم من خلال توفير المهارات والعلوم المناسبة لهم.
2- المصداقية: مخاطبة الشباب بلغة صادقة، وتقديم وعود حقيقية قابلة للتطبيق، وتجنب خداعهم بكلام غير واقعي لغرض كسب أصواتهم فقط. كما ويجب العمل على إقناعهم بطرق سليمة للتصويت، دون اللجوء إلى وسائل غير نزيهة كشراء الذمم وغيرها.
3- المشاركة في المراقبة: إشراك الطاقات الشبابية من طلبة الجامعات والخريجين وغيرهم في مراقبة عملية الاقتراع، ومنحهم الدور الأساس في ضمان النزاهة الانتخابية من خلال تنظيمهم وتوجيه جهودهم.
4- الدورات التدريبية: إشراك الشباب في النشاطات الانتخابية للمرشحين قبيل الانتخابات لاكتساب المهارات الاجتماعية والسياسية، وتقديم دورات تدريبية نظرية وتطبيقية عن أهمية النظام السياسي والسلوك الانتخابي، إضافة إلى إشراكهم في العمل الميداني للمرشحين لتطبيق ما تعلموه عمليًا.
5- المرشحون الشباب: فتح المجال أمام وجوه شبابية كفوءة للمشاركة في السباق الانتخابي، إذ إن حضور التجارب الشبابية الناجحة يولد تعاطفًا شبابيًا مع هذه الشخصيات كونهم من ذات الفئة. وقد قال رسول الله (ص): (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم)، أي أن إقناع الآخر يتطلب طرحًا يتناسب مع طموحاته وتطلعاته ليجذب إليه ويتفاعل معه.
6- تحقيق الطلبات: العمل على إدراج المطالب الشبابية ضمن البرامج الانتخابية، مثل توفير فرص العمل، وإنعاش القطاع الخاص لإدماج الشباب غير المحظوظين في التعيينات الحكومية، في العمل وتوفير فرص عادلة ومناسبة لهم. اضافة الى تشريع قوانين تناغم احتياجاتهم، مثل قانون الضمان الاجتماعي وغيره من القوانين التي تلامس حياة الشباب ومسار تطورهم.
ولا شك أن هناك العديد من المقترحات لإعطاء دور للشباب، ولكن ما ذُكر أعلاه يتعلق بدورهم في العملية الانتخابية، باعتبارهم الفئة العمرية الأكبر وبيضة قبان الانتخابات.