• Friday 26 April 2024
  • 2024/04/26 07:20:19
{تقارير:الفرات نيوز} تقرير/ وفاء الفتلاوي

المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام  .. للاشتراك اضغط هنا

تنتشر بين الحين والأخر ظواهر عديدة في المجتمعات العربية ومنها العراق بشكل خاص كالعنف الاسري والتشرد وارتفاع حالات الطلاق وغلاء الأسعار المرتبط بالدولار والعمالة والبطالة وغيرها من الأمور جميعها لا تطال المنظومة الأمنية حيث القوة والسطوة والانضباط؛ الا {العوز العاطفي} الذي اجتاح صفوفه بشكل مربك وملفت للأنظار.
حيث أثيرت في الآونة الأخيرة مقاطع فيديوية ومنشورات على صفحات التواصل الاجتماعي مثيرة للجدل ومحطة توقف لضباط ومنتسبين من مختلف الأجهزة الأمنية تشعر المتتبع بوجود نقص حاد في العاطفة لدى العسكر مما يثير المخاوف عن مدى تأثيرها السلبي على السلك الأمني والصورة المبهرة للقوات العسكرية وكذلك استغلالها كثغرة من قبل المجاميع الإرهابية.  
وأحتل الجيش العراقي، المرتبة 45 عالميا في ترتيب أقوى جيوش العالم خلال العام 2023، بعدما كان في المرتبة 34 العام الماضي


الجهاز الحوفي  
علمياً أظهرت الدراسات بان هناك دور إضافيّ يلعبه الدماغ في مثل هكذا حالات فالجهاز الحوفي (limbic system) مهمته تكمن في توليد عاطفة خاصة اسمها الصدى الحوفي (limbic resonance)، وهي القدرة على مشاركة الحالات العاطفية العميقة، وتتضمن هذه العاطفة تأثير هرمونين هما الدّوبامين المرتبط بحالة الانسجام العاطفي، والنوروبينفيرين الذي يحفز مشاعر الخوف والقلق والغضب. 
حيث أظهرت صور الرنين المغناطيسي لأدمغة العاطفيين وجود منطقتين في الدماغ تكونان أكثر نشاطا من غيرها عند الوقوع بالعاطفة. الأولى هي بؤر من منطقة اسمها (media insula) وترتبط بالغريزة، بينما المنطقة الثانية فهي القشرة الحزامية الأمامية المرتبطة بمشاعر الابتهاج.


الترهل الوظيفي
وعن هذا التأجج العاطفي لدى المقاتلين قال ضابط رفيع المستوى ومتخصص بعلم النفس {للفرات نيوز} :"لا اعتقد ان سبباً واحداً يمكن ان ترتبط به ظاهرة العوز العاطفي {اذا جاز التعبير} لدى ضباط ومنتسبي الاجهزة الأمنية كافة بل هناك عدة أسباب، أهمها التنشئة الاسرية والاجتماعية وبيئة العمل والحرمان العاطفي والفضاء الالكتروني المفتوح والاختيار غير المناسب للشريك وغيرها".
وأوضح "هذه الأسباب مجتمعة أو منفردة يمكن أن تنعكس على سلوك الفرد وتجعله غير قادر على مراعاة القيم الضابطة للسلوك في التعبير عن كوامن نفسه".
وعن إمكانية تأثر المقاتلين بالحروب والتدريبات العسكرية الثقيلة ما تسببت في تأجج العاطفة، قال الضابط الذي رفض عن كشف اسمه لأسباب أمنية، انه "لا يرى أن العراق مر بظروف حرب معقدة يمكن ان تتسبب باندفاع المنتسب او الضابط لعلاقات عاطفية غير مشروعة، بل اعتقد ان تخمة المنظومة العسكرية والامنية بالأعداد والرتب الكبيرة خلّفت حالة من الترهل الوظيفي وفراغاً في الوقت للكثير منهم وهو ما جعلهم يلجئون للبحث عن ردم ذلك الفراغ باستغلال الفضاء الالكتروني في ممارسات منافية لقيم المجتمع العراقي".
وتعليقاً منه حول تؤثر الحالة العاطفية على اداء العسكري أوضح بالقول "الحالة العاطفية بحد ذاتها طبيعة فطرية لكل انسان الا ان توظيفها في غير أبوابها المشروعة قد يجعل ارتداداتها السلبية كثيرة، ولعل في مقدمة مخاطر تلك الارتدادات هو التأثير على كفاءة الاداء الامني للمنتسب والضابط، خصوصاً اذا ما علمنا ان استخدام العاطفة يمثل واحداً من أهم أساليب التجنيد التي تستخدمها الجهات المعادية".


دعوة نيابية 
عضو لجنة الامن والدفاع النيابية حسين العامري، طالب وزارتي الدفاع والداخلية وكافة قيادات الأجهزة الأمنية الأخرى بوضع ضوابط صارمة لمنع ظواهر التأجج العاطفي على مواقع التواصل للمصلحة العامة.
وقال العامري {للفرات نيوز} ان "القيادات الأمنية العليا وضعت حلولاً للمنتسبين تراعي ظرفهم النفسي من الوضع المعيشي والاجازات وغيرها؛ لكن من غير المعقول ان تكون هناك قوات عسكرية تبحث عن العاطفة وسط توفير المناخ المناسب لهم".
وأشار الى "تصرفات بعض المقاتلين الفردية قد يعم باتجاه سلبي على معنويات القوات العسكرية، والجميع لاحظ التأثير الكبير والسلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على حياة الفرد".
ودعا العامري، القائد العام للقوات المسلحة ووزيري الدفاع والداخلية وقيادات بقية الأجهزة الأمنية، الى "وضع ضوابط بهذا الخصوص والمصلحة العامة تؤكد ضرورة منع نشر أي حالة داخل القوات العسكرية والمسلحة".


عمليات تشويه
من جانب آخر يرى الخبير الامني فاضل ابو رغيف، بان تأجج العاطفة لدى العسكر وانتشارها بشكل فاضح {مخالفا للتعليمات للائقة القوة وملكة السطوة والقانون ويندرج ضمن عمليات التشويه}.
وقال أبو رغيف {للفرات نيوز} ان :"هناك محددات بالفعل تم وضعها وتعليمات سابقة بالنشر خصوصاً للمنتسبين الضباط ومراكز الاجهزة الامنية وان يكونوا اكثر صلابة وقوة ومنعة لإعطاء رسالة الى المواطن والمتلقي بان المنتسب الامني او الضابط او الجندي هو الاشجع والاصلب ومن المعيب ان يكون بهذا الانهيار وبهذه العاطفة الجياشة والضعف والخواء". 
وأضاف "اعتقد انه مخالفا للتعليمات وللائقة القوة وملكة السطوة والقانون ويندرج ضمن عمليات التشويه ويجب تأكيد الاجهزة الامنية والوزارات بعدم نشر هكذا مقاطع لعدم اهتزاز ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية، فمن المعيب ان ينشر ويظهر جندي او ضابط اما تحت تأثير الكحول او العاطفة بهذا الضعف ما يبعث برسائل خاطئة وسلبية وعكسية تأتي بنتائج غير مقبولة".


نظام البديل واجازات اجبارية
للتخفيف عن وطأة ما تمر به القوات الأمنية والعسكرية من ضغوط نفسية اقترح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي، تفعيل نظام البديل ليساهم في تقليل هذه العواطف وامتداد العلاقة الإيجابية بين القوات الأمنية وعوائلهم واسرهم.
وأوضح الغراوي {للفرات نيوز} :"دائما ما تقوم به القوات المسلحة بواجبات عسكرية قاسية تتعلق بتطبيق الاوامر والتعليمات وجزء منها تواجد المنظومة الأمنية في الثكنات العسكرية لفترات طويلة من الزمن خصوصا بأوامر من القيادات والمساحات الأمنية المتفرقة فاغلبهم لديهم عوائل وامتدادات عائلية وأطفال بالتالي استمرار وجودهم بأماكن بعيدة عن اماكن تواجدهم ومناطق سكناهم يؤدي الى زيادة هرمون العاطفة الشخصية والإنسانية لديهم مما قد يكون عامل مؤثر على واجباتهم العاطفية".
وأردف "لذا أحد الحلول المطالبات بتفعيل نظام البديل ليساهم في تقليل هذه العواطف وامتداد العلاقة الإيجابية بين القوات الأمنية وعوائلهم واسرهم وتواجدهم المجتمعي، كما يساهم برفع معنوياتهم نحو تطبيق الأوامر والتعليمات وواجباتهم الأمنية بالتالي هذه قد تكون من ابرز الأسباب التي أدت الى تأجج العاطفة لدى العسكر بصورة عامة في الفترة الأخيرة".
وتابع الغراوي "بالتأكيد العاطفة تؤدي سلبا على أداء المقاتل اثناء تأدية الواجب خاصة من يشغل هذا الامر مساحة كبيرة من وقته في إمكانية إعادة العلاقة الإيجابية مع اسرته واطفاله، وكذلك فقدان كنف العائلة لفترة طويلة من الزمن وعدم تغيير نمط المعيشة اليومي جميعها عوامل مؤثرة في العديد من محطات الأجهزة الأمنية".
وشدد على "أهمية منح إجازات اجبارية للمقاتلين حتى وان كانوا رافضين بغية إعادة نشاطاتهم والعلاقة الإيجابية مع عوائلهم وتنشيط ذاكراتهم والوضع الإنساني لديهم ليتمكنوا من تطبيق جميع المعايير الخاصة بواجباتهم الأمنية".


نشاطات ترفيهية
من جانبه دعا الباحث الاجتماعي عبد الرحمن السراج، الى اعداد نشاطات ترفيهية للمقاتلين كإقامة المنتديات الشعرية وغيرها ما تجعل فسحة من المدنية بداخلهم.
ووصف السراج عبر {الفرات نيوز} تأجج العاطفة لدى المقاتلين بـ"الطبيعية جداً في حال عدم تأثيرها على الواجبات الموكلة لهم وتعد حالة من رفع المعنويات وحتى في عسكرة العالم دائماً ما يحافظون على نفسية المقاتل وجعله يشعر بالسعادة احياناً من خلال إقامة المنتديات الشعرية وحفلات وجعل فسحة من المدنية بداخله لكي يشعر بانه ينتمي للشعب".
ولفت الى "الجانب السيء في منشورات المقاتلين ضرورة توجيه الأنظار اليها كالرقص الذي يخل برجولتهم وتلفظ كلمات نابية كون العسكري واجهة المجتمع الأمني وضرورة الحفاظ على مستوى عالٍ من الاخلاق والمنطق وان لا يكون متدني الاخلاق كونه يعكس للعالم اجمع صورة ثقافة وحماة البلد". 
الميول السايكولوجية
ورجح أحد خبراء علم النفس، الاندفاع العاطفي لدى العسكريين نتيجة للحاضنة البيئية والمشاكل الاسرية المتعارف عليها.
وقال الخبير بعلم النفس نديم الرحماني {للفرات نيوز} :"يجب ان نعود اولاً الى طبيعة الانسان العراقي من الناحية الفسلجية فهو يختلف من حيث العاطفة والميول السايكولوجية على اعتبار الحاضنة البيئية جعلت منه انسان عاطفي حد الافراط وهذا باعتراف مؤسسات ودراسات حول المزايا التي يتمتع بها الفرد العراقي والدليل حالات الكرم والغيرة والشجاعة والحمية".
وعزا الخبير، السبب وراء الاندفاع العاطفي، الى "الكبت العاطفي نفسه لعدم تطبيق نظام البديل، من جانب والبيت من جانب آخر الذي يعد من الاسباب الرئيسة تأثيرا على نفسية المقاتل من ناحية توفير الأجواء العائلية لاحتضانه ما يجعله يعاني الكبت العاطفي والاجتماعي على اعتبار ان المؤسسة العسكرية العراقية ذكورية وهذا لا يعني اننا امام تقصير ايدلوجي لطبيعة ومهام الواجبات العسكرية ولكن يجب مراعاة تلك الفوارق بصورة حذرة".
كما أكد الرحماني، على "ضرورة وضع قانون ثابت للخدمة وللتقاعد ولنظام العمل اي البديل وهو ايضا صعب ولكن ايضا يحل جزء من المشكلة".


شكوى منتسب
احد المنتسبين في الأجهزة الأمنية رمى الكرة بملعب {الجو الجاف} الذي يعيشه المقاتل ما دفعه الى الإفصاح عما بداخله بشكل ملفت للأنظار، فيما حمل المرأة مسؤولية ذلك!. 
وقال أبو خليل {وهي كنية شائعة عن المنتسبين} {للفرات نيوز} ان :"اغلب المنتسبين بالعادة يكونوا بعيدا عن بيوتهم وزوجاتهم وشيء طبيعي يحصل فراغ عاطفي والبعض منهم يحاول ملئ هذا الفراغ من خلال علاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث عدم وجود الزوجة كرقيب بسبب تواجدها بعيدا عنه ما يعطيه الحرية في الحديث مع فتيات اخريات". 
ونوه الى "اسباب كثيرة وراء هذه العلاقات التي لا تعدو كونها عابرة، منها الحرية الكبيرة للمرأة اليوم في عمل حسابات حقيقية ونشر صورها وبعضهن يعبرن بجرأة عن نية الارتباط بضابط او عسكري!، لما يتمتع به من كاريزما وشجاعة، بالإضافة الى ان الجو الجاف الذي يعيشه المنتسب تجعله يبحث عن العلاقات والعاطفة في مواقع التواصل".
ومع اختلاف جميع الآراء حول أسباب تأجج العاطفة لدى المقاتلين في المنظومة الأمنية والعسكرية الا انها ألتقت عند نقطة واحدة الا وهي ان المقاتل العراقي هو الامن واليد الضاربة لكل من تسول نفسه بالعبث بمقدرات الشعب ويبقى العين الساهرة على حياة الوطن والمواطن.

اخبار ذات الصلة