• Friday 3 May 2024
  • 2024/05/03 20:14:20
{تقارير: الفرات نيوز} تقرير: مسلم السليطي

تعد أزمة الكهرباء في العراق ابرز التحديات التي واجهتها الحكومات العراقية بعد التحديات الامنية، ومع استمرار مشكلة تردي خدمة الطاقة الكهربائية، باتت المولدات الأهلية البديل الأبرز، حيث أسهمت في توفير الكهرباء للمواطنين رغم عللها الكثيرة.

وتعهدت حكومة محمد شياع السوداني في المنهاج الوزاري ضمن قطاع الطاقة الكهربائية معالجة ازمة الكهرباء وذلك من خلال تنفيذ ثلاثة اولويات، اولها صيانة محطات التوليد استعدادا لصيف ٢٠٢٣، وفك الاختناقات في قطاع النقل والتوزيع، واستكمال محطات ومشاريع النقل والتوليد.

"المولدات الأهلية الملف الساخن في البرلمان"  

دائما ما يطلق المسؤولون وأعضاء مجلس النواب والمحافظون وعوداُ لحل الازمة، وفي هذا الصدد يتحدث عضو لجنة الطاقة النيابية، كاظم الطوكي للـفرات نيوز، قائلاً إن "الخطوات التي ستتبع لمعالجة ملف المولدات الاهلية بدأت فعليا من خلال زيادة الشركة العامة للمنتوجات النفطية للحصة الوقودية الخاصة بالمولدات الاهلية"، مشيرالى "وجود مقترح بان تكون الحصة الوقودية للمولدات الاهلية مجانية خلال شهر آب المقبل، وان يكون السعر رمزي للأمبير الواحد لتقليل العبء عن كاهل المواطن".

ويؤكد الطوكي أنه "مع انطلاق الفصل التشريعي سيكون ملف تجهيز الطاقة من الملفات الساخنة التي سيناقشها ويتداولها مجلس النواب".

"تسعيرة محددة وعقوبات صارمة لمخالفين" 

في الآونة الاخيرة شددت العراقية على تطبيق إجراءات صارمة لمنع أصحاب المولدات الكهربائية الأهلية من استغلال فصل الصيف برفع أسعار الكهرباء عن تلك المحددة من قبل الحكومة، حيث توعدت بعقوبات صارمة تطال المخالفين، فيما اعتقلت عدداً منهم على إثر عدم التزامهم.

ويرى الحسن خليل (34) عاماً صاحب مولدة اهلية في بغداد إن "التسعيرة التي حددتها الحكومة المحلية في بغداد مجحفة وغير منصفة ولم تراع الظروف التي تواجه اصحاب المولدات"، مشيراً الى أن "وضع تسعيرة دون مراعاة اصحاب المولدات تسببت في ايقاف عمل الكثير من المولدات والبعض تركها لان الارباح غير مجدية خاصة مع ارتفاع كلفة الادوات الاحتياطية الخاصة بالمولدات الكهربائية وعدم كفاية الوقود المجهز من قبل الحكومة للمولدات". 

ويوضح خليل أن "حصة الوقود التي تزودها الحكومة لاصحاب المولدات غير كافية فغالباً ما تجهزنا اقل من نسبة التشغيل وتصل الى ما يقارب 30 بالمائة وهذا يدفعنا الى اللجوء للسوق السوداء لسد النقص في الحصة المزودة"، لافتاً الى أن "اسعار الوقود في الاسواق مرتفعة جداً حيث تصل الى 750 دينارا للتر الواحد وفي فصل الصيف تصل الى 1000 دينار". 

ويتابع أن " على الحكومة مراعاة الجانبين والحرص على عدم إلحاق الضرر بأي طرف سواء كان المواطنون او اصحاب المولدات ودراسة الموقف العام قبل اتخاذ القرار"، لافتاً الى "ضرورة توفير الحصة الوقودية بشكل مجاني على اقل تقدير في فصل الصيف الذي يشهد انقطاعا شبه تام للكهرباء الوطنية".

من جانبه يرى حميد طاهر ، (50 ) عاماً، صاحب مولدة غير مدعومة بالحصة الوقودية، إن "في السابق كان اصحاب المولدات في المنطقة يجتمعون لتحديد السعر في كل فصل مع مراعاة الجميع أما الان باتت الدولة تتدخل في التسعيرة"، موضحاً أن "تدخل الدولة في تحديد التسعيرة مجحف خاصة أنها بدأت تتدخل في تسعيرة المولدات الاهلية غير المدعومة بالحصة الوقودية".

ويضيف طاهر أن "فرض التسعيرة الجديدة بفارق 2000 دينار عن المولدات المدعومة بحصة وقود غير منصف".

وحددت محافظة بغداد، في وقت سابق، تسعيرة أمبير المولدات الأهلية والحكومية لشهر تموز وتكون للتشغيل (العادي) من الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة 1 ليلاً بـ (6,000) دينار، وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية.

وتسعيرة التشغيل الليلي من الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة 6 صباحاً  بـ(10,000) دينار، وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية وتسعيرة الأمبير للتشغيل الذهبي ولمدة 24 ساعة بـ(14,000) دينار، وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية.

"سرقة الكهرباء الوطنية وبيعها كأهلية"

ويتهم الخبير بالنفط والطاقة حمزة الجواهري اصحاب المولدات "بسرقة الكهرباء الوطنية" قائلاً إن "اللجوء الى المولدات الكهربائية نتيجة لخلل ونقص في الانتاج والتوزيع وانها تسد نقصا كبيرا في تجهيز الطاقة"، مشيراً الى أن "الموضوع وصل الآن الى مرحلة ابتزاز المواطنين، حيث رصدت بعض الممارسات لاصحاب المولدات يقومون بسرقة الكهرباء الوطنية وتزويد المواطنين بها والتي تداركتها وزارة الكهرباء حين بدأت بقطع للتيار (البارد)".

ويضيف أن "على الاجهزة المختصة التحقيق من هذه الممارسات ومصادرة الموالدات المخالفة لان هذا الامر يفسر تحت اطار السرقة بالعلن والقوة"، مبيناً أنه  " لايزال هنالك استغلال للمواطنين من ناحية تسعيرة الامبير رغم تزويد أصحاب المولدات من قبل المنتجات النفطية بالحصة الوقودية إلا أنهم مستمرون باستغلال حاجة المواطنين".

وبحسب تصريح لوزير الكهرباء علي فاضل، فأن العراق بحاجة الى ٣٤ الف ميغا واط من الطاقة الكهربائية لتغطية احتياجات صيف ٢٠٢٣، فيما بلغ عجز العراق بالطاقة الكهربائية من ١٠ الى ١٢ الف ميغا واط"، مشيراً الى أن "الوزارة تخطط ان تصل الى معدل انتاج لا يقل عن ٢٤ الف ميغا واط وبزيادة تصل الى ثلاثة الاف ميغا واط عن العام الماضي، قبل حلول موسم الصيف. 

ولم يصدر تصريح من مسؤول حكومي، يوضح عدد ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية التي تتوقع الحكومة توفيرها للمواطنين في الصيف القادم".

"اتهام أمريكا بتردي الكهرباء" 

وحمّل تحالف الإطار التنسيقي الولايات المتحدة مسؤولية تردي خدمات الكهرباء في العراق، التي تراجعت في الأيام الماضية إلى أدنى معدلاتها بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة.

وذكر الإطار التنسيقي، في بيان، أن العراق يشهد "أزمة باتت تثقل كاهل المواطن العراقي بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة، وبعد المتابعة والتقصي وتبيان الأسباب، يدعو الإطار التنسيقي الحكومة، ومن خلال وزارة الخارجية، إلى الاتصال بالجانب الأميركي وحمله على الإطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الإيراني من دون تأخير أو مماطلة".

وأضاف أنه "من الضروري عدم استخدام هذا الملف سياسيا لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي".

"خطوة عاجلة لتدارك النقمة الشعبية"

ولمنع تفاقم الأمور وخروجها عن السيطرة مع تظاهرات محدودة في البلاد ضد تردي الكهرباء، واصل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني اجتماعاته لمتابعة واقع إنتاج الطاقة الكهربائية، ووضع الحلول للأزمة الطارئة في إمدادات الشبكة الوطنية، حيث ترأس، مساء أمس الاثنين، اجتماعاً ضمّ الكوادر المتقدمة في وزارتي الكهرباء والنفط، وعدداً من المستشارين.

وناقش الاجتماع مراجعة الإجراءات المتخذة لإيجاد الحلول البديلة والسريعة لمواجهة أزمة انقطاع الغاز الإيراني المستورد.

ولفت السوداني الى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تكللت بإيصال إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 26 ألف ميغا واط، وهو الإنتاج الأعلى بتاريخ البلد، لكنّ استقرار هذا الإنتاج كان مرهوناً بشرط استمرار الغاز الإيراني".

وأكد أن "العقوبات الأمريكية وعدم الالتزام بآلية دفع مستحقات الغاز المتفق عليها عام 2018، تسببتا بخفض التجهيز من الغاز الإيراني إلى أكثر من النصف، ما انعكس سلباً على منظومة الإنتاج الوطنية".

ووجّه السوداني بالعمل على إنجاز البدائل والحلول السريعة وبحث تزويد المولدات الأهلية بالوقود مجاناً أو بأسعار رمزية، مع الاستمرار بالجهود التي بدأتها الحكومة لاستيراد الغاز من تركمانستان وقطر.

"استثمار الغاز السبيل الوحيد لانهاء الأزمة"  

وقال احمد موسى المتحدث باسم وزارة الكهرباء؛ لبرنامج {دون إتهام} بثته قناة الفرات الفضائية، انه :"لم نعف الوزارة من سوء الادارة والتقصير والفساد وهدر المال العام ووقع بها بعض الموظفين الاوفياء، وارتفاع درجات الحرارة ليست سببا بانخفاض تجهيز الكهرباء للمواطنين، وكذلك حجم المشكلة خلال هذه الايام ليست في انخفاض الغاز المورد".

واوضح ان "الغاز الان المدفوع 20 وتوقف 4 خطوط ايرانية بالكامل التي كانت توفر 1200 ميكاواط للعراق".  

واضاف موسى "قدمنا في 1 حزيران التزاما للحكومة بتقديم 24 الف ميكاواط كمعدل استقرار حمل خلال فصل الصيف وبواقع 16 ساعة تجهيز يوميا؛ لكن يبقى لدينا نقص 10 الاف ميكاواط"، مشيراً الى أن "خسارة 7 الاف ميكاواط بسبب انقطاع الغاز والخط الايراني، والمنظومة الكهربائية خسرت اليوم 16 الف ميكاواط بسبب خلل في خطوط النقل وقطاعات التوزيع والاختناقات؛ لكن المشكلة الاكبر في انخفاض الغاز الايراني بسبب الاموال واجبة الدفع لايران". 

وتابع موسى  "مجلس الوزراء اوجب ان توفر وزارة النفط وقود المحطات واستثمار الغاز هو السبيل الوحيد لانهاء ازمة الكهرباء".

وختم بالقول "لدينا مشروع التحول الشبكي والجباية الالكترونية لحل ازمة الترشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني اوعز بتحريك الجهد الدبلوماسي مع ايران وامريكا لحل ازمة الكهرباء".

وبحسب أحصائيات غير رسمية فأن العراق يمتلك 45 محطة كهربائية في عموم البلاد ٢٦ منها تعمل بالغاز الطبيعي الذي يتم استيراد معظمه من ايران.

ويعاني العراق من أزمة طاقة كهربائية مستفحلة منذ عقود، حيث لا تتوفر الكهرباء في البلاد إلا في ساعات محددة وفق نظام يُعرف محليا "بالقطع المبرمج"، حيث تزود الدولة المواطنين بالكهرباء لساعات معينة مقابل ساعات انقطاع أخرى، وهو ما أدى إلى اعتماد العراقيين على مولدات الطاقة الكهربائية الأهلية، مع تكبدهم أجورا إضافية لتوفير كميات محدودة من الكهرباء.

اخبار ذات الصلة