• Friday 26 April 2024
  • 2024/04/26 17:14:23
{تقارير: الفرات نيوز} تقرير: عمار المسعودي

حكومة بلا موازنة مالية، بات أمراً غير غريب في الدولة العراقية خلال السنوات الأخيرة رغم الأضرار الفادحة الاقتصادية والتنموية للبلد جراء ذلك.

وتحدد الموازنة بنود مصروفات الدولة خلال عام خاصة المخصصة للرواتب والدعم وسداد أعباء الديون، كما تحدد المستهدف من إيرادات الدولة.
وعلى الرغم من نجاح الحكومة في الحصول على نحو 18 مليار دولار ضمن قانون الأمن الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذي أقره البرلمان في 8 حزيران الماضي لتأمين استيراد الطاقة وتمويل المشاريع الخدمية المهمة، وتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية، إلا أن مسؤولين يؤكدون استمرار حاجة البلاد للموازنة التي أعدت مسودتها بوقت سابق عند قرابة 90 مليار دولار.
وفوق كل ذلك فان الحسابات الختامية للموازنات السابقة لم تحسم رغم وجوب تقديمها بعد نهاية كل سنة مالية وقبل اقرار الموازنة الجديدة.
وبهذا الشأن يوضح المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، بشأن تقديم الحسابات الختامية للحكومة الحالية، مبيناً أن هناك عاملين اساسيين ساهما في تعثر اقرار الحسابات الختامية بشكل منتظم منذ 10 سنوات.
وقال صالح في 30 حزيران الماضي إن "تقديم الحكومة الحالية للحسابات الختامية يتطلب تقديم حسابات ختامية تمتد من العام 2015-2020، اخذين بالاعتبار ان العام 2020 لا توجد موازنة عامة ما يقتضي تقديم مشروع قانون يسمى موازنة واقع حال وهي تعبير قانوني عن حساب ختامي وميزانية في آن واحد لكون الإيرادات والنفقات أمست متحققة".
ورأى صالح ان "مهمة مجلس النواب الرقابية بهذا الشأن ستكون شاقة قليلاً في متابعة استكمال الحسابات الختامية للبلاد للسنوات ٢٠١٣-٢٠٢١ ولكنها ستكون مثمرة بالتاكيد بعد تمرير الحساب الختامي للسنة المالية ٢٠١٣ وتشريع قانون موازنة واقع الحال للعام ٢٠١٤ حتى تستطيع الحكومة إحالة بقية الحسابات الحكومية بالتتابع وحسب السنوات السابقة".
وبالعودة للموازنة فهناك جدل قانوني حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي في تقديم موازنة لمجلس النواب- المعطل حالياً بسبب اعتصامات للتيار الصدري بمبنى البرلمان-
وجردت المحكمة الاتحادية العليا- قراراتها ملزمة على كافة السلطات- حكومة الكاظمي من كافة الصلاحيات، باعتبارها حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، ولا يحق لها اقتراح مشاريع القوانين المهمة مع إبطال كافة أوامر التعيين بالدرجات العليا التي صدرت خلال فترة تصريف الأعمال.
وحمل الكاظمي في كلمة له باجتماع مجلس الوزراء أمس الوضع السياسي مسؤولية تأخر الموازنة، وقال :"نحن الآن في الشهر الثامن من عام 2022، ولا وجود للموازنة، والخلل ليس في الحكومة إنما بسبب الوضع السياسي الموجود، فكيف نقوم ببناء المدارس وتعبيد الطرق وبناء المشاريع مع غياب التوافق السياسي على تشكيل الحكومة أو إيجاد حل للانسداد السياسي".
وعد "موضوع الموازنة أمر خطير للغاية، ولدينا وفرة مالية جيدة ونحتاج إلى استثمارها في اعادة بناء البنى التحتية وتحقيق مطالب شعبنا".
وبما يخص الموازنة الاتحادية للسنة المالية 2023، فاستبعد المستشار المالي لرئيس الوزراء هيثم الجبوري اقرارها قائلا للفرات في 25 تموز الماضي :"لا يمكن اقرارها الا بوجود حكومة الجديدة وليست بالضرورة انتهاج نفس نهج الحكومة الحالية، ربما تتخذ تقشفاً على سبيل المقال؛ لكن اذا بقيت الحكومة الحالية سنمضي بوضع أبواب القانون". 
ويتفق النائب، أحمد حمة رشيد مع الجبوري بشأن عدم امكانية اقرار الموازنة قائلاً، إن :"الحكومة الحالية غير قادرة على إقرار موازنة البلد لهذا العام، وذلك لأنها لا تمتلك الصلاحيات لتشريع قوانين وفقا لما أقرته المحكمة الاتحادية"، واصفاً حديث الكاظمي حول ضرورة إقرار الموازنة "كذر الرماد في العيون لا أكثر".
فيما أعتبر الخبير الاقتصادي علي الفريجي أن الأزمة السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة أدخلت العراق في "فوضى جديدة حول كيفية استثمار إيرادات ومقدرات الدولة".
وأشار الفريجي إلى أنه "من الصعب إقرار الموازنة لهذا العام في ظل ما يشهده العراق من اضطرابات سياسية" لافتا إلى أن العراق يدخل اليوم في فوضى اقتصادية تضاف إلى حجم التراكمات السلبية للسنوات السابقة".
وحول كيفية الخروج من تداعيات عدم اقار الموازنة وتداعياتها المحتملة على تسيير امور الدولة وبينها رواتب الموظفين والمتقاعدين، بين عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، ان :"تعويض القطعات الاقتصادية المتضررة يحتاج الى غطاء مالي، ونحن لدينا غطائين قانونيين لتوفير المبالغ المخصصة".
واوضح كوجر للفرات نيوز "الأول هناك قانون الموازنة وفي حال غيابه يتم تقديم قوانين بديلة من قبل الحكومة اذا كانت كاملة الصلاحية".
واضاف "اما في ظل وجود حكومة تصريف اعمال فينبغي التعاون فيما بينهما لتقديم القوانين المالية كمقترح قانون من البرلمان"، مؤكدا "الحاجة الى تنسيق ما بين الحكومة والبرلمان لتغطية واسعاف اي قطاع تحتاجه المؤسسات".

وتصاعدت حدّة تحذيرات الاقتصاديين من بقاء البلاد بلا موازنة مالية، وعدم معالجة آثار ذلك، خاصة أن إقرارها يحتاج إلى بضعة أشهر أخرى، في حال تجاوز الأزمة السياسية في العراق.

هنا، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري إن "هذا التأخير سيضرب قطاع الاستثمار، وسيسهم في تفشي البطالة بين الشباب، بل سيرفع مؤشرات الفقر إلى مستويات أعلى".

ويرى الشمري أن "معالجة آثار ذلك ستكون صعبة، وليست بالسهولة التي يتحدث عنها بعض المسؤولين، لذلك على الكتل السياسية أن تعي خطورة المرحلة الحالية، وتتجنب المجازفة".

تمثل الموازنات المالية الأداة الرئيسة لتحقيق السياسات العامة للدولة، سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الخدمية، وهي بمنزلة عرض لخطط الحكومة وبرامجها السنوية، التي تعدّها استجابة للتحديات الحالية.

وتمنح الموازنات الحكومات التخطيط الأفضل لبلوغ الحد الأقصى من الإيرادات، وإعادة تنظيم توزيعها وفق أولويات الإنفاق من أجل خدمة المجتمع، والأهم من ذلك فإن الموازنة تعدّ أداة تنعكس فيها قوة ورمزية الدولة من خلال وصول الإنفاق إلى جميع الدوائر والمؤسسات وفق خطط الإنفاق التي توضع بطريقة تتوافق مع أولويات المواطن، وذلك يعني تعطل الجوانب الاقتصادية في حال عدم إقرارها.

اخبار ذات الصلة