وفي خطابه المتلفز قبل يومين، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أنه طلب من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، خلال اجتماع الرئاسات الثلاث بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، ضرورة حسم قانون الانتخابات وإرساله إلى رئاسة الجمهورية للتصويت عليه.
الكاظمي ألقى تلك الكلمة عقب أحداث ساحة التحرير التي أدت إلى استشهاد اثنين من المتظاهرين مع أول عودة إلى الاحتجاجات الجماهيرية التي خفف وباء كورونا من وطأتها، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان عمليات القتل التي رافقت احتجاجات الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 والتي بدأت ببضعة قتلى في الأيام الأولى لتصبح الحصيلة النهائية لها في غضون شهرين أكثر من 700 قتيل وعشرات آلاف الجرحى مثلما تقول أوساط المتظاهرين والمحتجين.
فيما قالت الحكومة العراقية أمس الخميس إن نحو 560 من المحتجين وأفراد الأمن قتلوا في الاحتجاجات التي استمرت شهورا العام الماضي.
البرلمان العراقي الذي أجل عقد جلساته بسبب وباء كورونا وكثرة الإصابات بين النواب والتي أدت إلى وفاة إحدى النائبات فيما يحجر عدد آخر أنفسهم جراء إصابتهم، بات غير قادر على حسم الجدل بشأن موعد الانتخابات بسبب عدم حسم الدوائر الانتخابية، وهي إحدى العقد الأساسية التي يمكن أن تفجر القانون على رغم كل ما انطوى عليه من إيجابيات بالقياس إلى القوانين الانتخابية خلال الدورات البرلمانية الأربع السابقة منذ عام 2006 إلى اليوم.
وعقد الحلبوسي خلال الفترة الأخيرة عدة لقاءات سياسية لتضييق فجوة الخلاف بشأن القانون وملاحقه، تمهيداً لإقراره في أول جلسة يمكن أن تعقد بعد عيد الأضحى.
وفي هذا السياق، أعلن مستشار رئيس البرلمان لشؤون المكونات عماد يوحنا أن "المشكلة الحقيقية وراء تأخّر المصادقة على قانون الانتخابات البرلمانية المبكرة، هو الاختلاف بين الكتل السياسية على الدوائر الانتخابية المتعددة".
وأضاف أن "هناك تحرّكاً لجمع تواقيع لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، وحتى هذه اللحظة لم يحسم داخل مجلس النواب إجراء تعديل قانون الانتخابات أو التصويت على الدوائر الانتخابية".
وتابع أن "الحكومة والمفوضية والبرلمان اقترحت إجراء الانتخابات في أبريل نيسان أو يونيو حزيران أو أكتوبر تشرين الأول المقبل من العام المقبل".
ورأى يوحنا أن "التعديلات على قانون الانتخابات إذا تمت، فستشمل فقرات ومواد متعددة منها إلغاء الدوائر الانتخابية المتعدد"، مؤكداً أن "الكتل السياسية ستلتقي بعد عطلة العيد لاستكمال مشاوراتها على قانون الانتخابات".
وكانت الأمم المتحدة أبدت استعدادها لتقديم الدعم اللازم لإجراء الانتخابات في العراق. وقالت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جنين هينيس بلاسخارت خلال لقائها الكاظمي مؤخرا، إن "الأمم المتحدة مستعدة لدعم المفوضية المستقلة للانتخابات بالمجالات الفنية والتدريبية لإنجاح العملية الانتخابية".
من جانبه، أكد الكاظمي في بيان صدر عن مكتبه، أنه أبلغ الممثلة الأممية عزم حكومته على إجراء انتخابات مبكرة، في موعد سيتم الإعلان عنه لاحقاً، واعدا بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، وتلبي تطلعات الشعب العراقي.
وفي هذا السياق، قال النائب آراس حبيب كريم في تصريح صحفي "ما لم يتم تحديد موعد للانتخابات وحسم قانونها ومصير دوائرها، فإن الحراك السياسي سيبقى من دون هوية واضحة، وبالتالي تبقى المعالجات أقل من المستوى المطلوب".
وأضاف، أن "الحكومة الحالية وبصرف النظر عن أي مهام تقوم بها، تبقى من وجهة نظر الناس والشارع والمرجعية الدينية والمتظاهرين ذات مهمة واحدة مؤجلة وهي إجراء الانتخابات" مشيراً إلى أن "البرلمان نفسه الذي شرع قانونا جديدا للانتخابات ومفوضية جديدة مستقلة لإجرائها سيبقى هو الآخر في دائرة الجدل مرة والصراع مرة بين كتله وأحزابه حول الانتخابات قانونا ودوائر ما لم يتم حسم هذا الأمر احتراما لما قطعه البرلمان على نفسه من تعهدات".
وحول ما إذا كان رئيس الوزراء قادرا على حل البرلمان لغرض التهيئة لإجراء الانتخابات، أكد الخبير القانوني أحمد العبادي "عدم وجود صلاحية له بحل البرلمان".
وبين في تصريح صحفي، إن "موضوع الانتخابات المبكرة أمر في غاية الصعوبة حتى الآن بسبب عدم إقرار قانون الانتخابات رغم التصويت عليه لأن هناك ملحقا له يتعلق بالدوائر الانتخابية وهي مسألة تأخذ وقتا فضلا عن الكوتا وطبيعة الأقضية وكيفية حسم وضع الجديد منها ناهيك من الجانب المالي وبالتالي هناك تعقيدات كثيرة تجعل من الصعوبة إجراء انتخابات مبكرة".
وحول ما إذا كان باستطاعة الكاظمي حل البرلمان عبر الاستعانة بالدستور وموافقة رئيس الجمهورية قال العبادي "لن يستطيع الكاظمي حل البرلمان لأن المادة 64 من الدستور تنص بشكل صريح على أن البرلمان يحل نفسه بطلب من ثلث أعضاء البرلمان أو عبر طلب من قبل رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية لكنه حتى في حال اتفق رئيسا الجمهورية والوزراء فإن البرلمان لن يحل ما لم يتم التصويت بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء البرلمان".
وشدد رئيس الجمهورية برهم صالح، خلال تهنئته العراقيين أمس الخميس بعيد الأضحى على ان "إجراء الانتخابات المبكرة وإعادة الثقة لجميع العراقيين في ضمان ممارسة حقوقهم الانتخابية بصورة عادلة مطلب لا رجعة فيه".
وأعرب عن أمله "بتهيئة الأجواء المناسبة للانتخابات والمستلزمات المطلوبة وبما يسهم في بناء دولة المواطنة والمساواة والعدالة".
فيما اكد عضو اللجنة القانونية النيابية حسين العقابي، ان هناك من يريد اعاقة الانتخابات المبكرة من خلال تعقيد فقرات قانونها.
وقال العقابي لوكالة {الفرات نيوز} إنه "يجب التفريق بين القانون الانتخابي والانتخابات المبكرة، فالانتخابات المبكرة قضية سياسية اكثر مما هي قضية متعلقة بالقانون" مبينا ان "التعقيد في موضوع القانون هو ان المحافظة دائرة واحدة طوال الـ 15 سنة الماضية حينما نلجأ لخيار آخر ينبغي ان تكون لدينا الصورة والرؤية واضحة ومبنية على أسس علمية رصينة".
وتابع: "اليوم اذا قسمنا الدوائر ولحد الان الاختلاف بعدد هذه الدوائر هل الدائرة بعدد اعضاء مجلس النواب، مثلا اذا المحافظة 20 مقعداً نوزعها الى 20 دائرة ام الى دوائر نسبية؟"، مبيناً أنه "اذا وزعنا المقاعد ما هو الاساس الذي نعتمده وكيف نخرج الكوتا النسائية، يستحيل ان نخرج الكوتا النسائية اذا صارت الدوائر بعدد الاعضاء، ولا يمكن ان تلزم الناخب ان يصوت لامراة".
وزاد العقابي: "من جانب آخر اذا نقسم المحافظة الى دوائر متعددة ، نحتاج الى امرين اساسيين، ترقيم للدور والمحلات واحصاء سكاني دقيق حتى نستطيع ان نقسم هذه المحافظة من هذا الحي الى هذا الحي تكون دائرة وهكذا، وهذا مستحيل في العراق لاننا لا نملك ترقيم دقيق وهناك محلات كثيرة ودور كثيرة ولا نملك احصاء سكاني، اذن لا نملك مادة علمية ذات اساس رصين".
ورأى أن "من وضع هذه الفقرة في بعض الاحيان يريد ان يعيق الامور ويصعبها حتى موضوع الانتخابات المبكرة يندفع لذلك نبقى مع خيار المحافظة دائرة واحدة لانه قضية متفق عليها والمرشح الاعلى اصواتاً بغض النظر عن قائمته سواء كانت قائمة فائزة او خاسرة".
عمار المسعودي