• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 00:48:29
{بغداد: الفرات نيوز} المنافذ مرتع لفساد "الأشباح" كما وصفهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

وتوعد الكاظمي خلال افتتاحه منفذ مندلي الحدودي مع إيران في محافظة ديالى السبت الماضي بمحاربة الفساد الجمركي وبفرض النظام وبسط القانون على المنافذ التجارية العراقية.
وفي خطوة غير مسبوقة، منح الكاظمي القوات الأمنية صلاحية إطلاق الرصاص الحي ضد المتجاوزين على ما سماه "الحرم الجمركي" وأضاف أن "هذه رسالة لكل الفاسدين ومن يحاول أن يبتز المواطنين، اليوم سوف نعيد هيبة الدولة" في مؤشر الى حجم التحدي المقبل في محاربة الفاسدين والمسيطرين على المنافذ.
ولفت إلى أن العمل الجمركي أصبح تحت حماية قوات عسكرية مخولة بإطلاق النار على المتجاوزين"مشيرا إلى "خسارة البلاد ملايين الدولارات بسبب سوء فرض الضرائب على السلع المستوردة.
وخلال وجوده عند معبر مندلي قال الكاظمي إن الحكومة ستلاحق "الأشباح" التي كانت تنقل شاحنات البضائع عبر الحدود من دون دفع رسوم جمركية.
وطلب أمام الصحفيين من "رجال الأعمال أن يدفعوا الجمارك وألا يدفعوا للمرتشين".
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة بشأن حجم إيرادات المنافذ الحدودية لكن عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر "قدرها سنويا بين 10 و12 مليار دولار سنوياً، مضيفا  أن "الإيرادات السنوية من المنافذ التي تدخل إلى خزينة الدولة لا تتعدى اثنين مليار دولار، أما الأموال الأخرى فتذهب إلى جيوب الفاسدين" حسب قوله.
وكان وزير المالية علي علاوي قد أوضح خلال مقابلة في يونيو/حزيران الماضي مع وكالة الصحافة الفرنسية أن الضرائب الجمركية يجب أن تكون نحو 6 مليارات دولار سنويا، ولكن ما يتم تحصيله هو أقل من مليار دولار حاليا".
ووعد الكاظمي بإجراء إصلاحات على "3 مراحل"، ولا سيما من خلال استبدال قوات الأمن العاملة في المراكز الحدودية ومكننة البيانات والمبادلات المالية.
ويمتلك العراق أكثر من 22 منفذاً برياً مع إيران وتركيا والأردن وسورية والكويت، بينما ما زالت المنافذ البرية مع السعودية مغلقة رغم إنجاز عمليات تأهيلها منذ العام الماضي، بناء على مذكرة تفاهم أبرمت بين الطرفين، عدا عن موانئ البصرة التي وسعت طاقتها أخيراً ببناء أرصفة تحميل وتنزيل جديدة، خصوصاً في موانئ أم قصر والعميق وأبو فلوس.
ويمر العراق -الذي تعتمد أكثر من 90% من ميزانيته على النفط- بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، إذ فشل ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك في تنويع الاقتصاد وإيجاد بدائل عن الذهب الأسود.
وقد خسر العراق بسبب عمليات السرقة والاختلاس ما يقارب 450 مليار دولار خلال السنوات الـ17 الماضية.
ودعت عدة محافظات حدودية بينها واسط الحكومة الاتحادية الى اتخاذ خطوة مماثلة وارسال قوات عسكرية للسيطرة على منافذها من أجل محاربة الفساد وضبط الايرادات.
وبالتزامن مع إجراءات رئيس الوزراء بشأن المنافذ الحدودية، استنجد به محافظ واسط محمد جميل المياحي، وطلب منه إرسال فوج من الجيش للسيطرة وحماية منفذ زرباطية الحدودي القريب من منفذ مندلي الذي زاره الكاظمي.
وأكد المياحي في بيان "المطالبات السابقة لإرسال فوج خاص من الجيش لحماية المنفذ لحين استقرار الأوضاع العامة في البلاد".
وتشكل مشكلة المنافذ الحدودية من بين أهم المعضلات التي تواجه رئيس الوزراء لإيجاد حلول جذرية لها بعد العجز الذي أبدته جميع الحكومات السابقة في حلها، وتتمثل تلك المشكلة المعقدة في سيطرة جماعات حزبية وأخرى المسلحة وحتى بعض العشائر النافذة على مقدرات تلك المنافذ، وتتحدث الأوساط المالية في العراق عن أن أكثر من نصف مداخيل تلك المنافذ المالية تذهب إلى جيوب الفاسدين والعصابات صاحبة النفوذ هناك.
ويقول مصدر خدم في وقت سابق من هذا العام في أحد منافذ البصرة الجنوبية، إن "الخطوة التي قام بها الكاظمي جيدة بلا شك، ونأمل أن يحالفه الحظ والقضاء على حالة الفوضى والاستهتار في جميع المنافذ الحدودية".
وأضاف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن "القوة وحدها لن تحل مشكلة الحدود، الأمور متداخلة ومعقدة تماماً والحكومة بحاجة ماسة إلى تعاون الدوائر الجمركية البالغة نحو 14 دائرة في كل منفذ، على الحكومة أن توفر لهم الحماية اللازمة من العصابات الخطيرة في المنافذ، كما أن عليها تصفية كبار الموظفين الفاسدين المتعاونين مع تلك العصابات".
وليس المنافذ الرسمية وفساد هي التحدي الوحيد أمام الحكومة بل غير المسجلة لديها حيث كشفت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية ميادة النجار في 19 ايار/مايو الماضي، ان بعض المنافذ الحدودية تخرج عن سيطرة الحكومة العراقية "بعد الساعة الرابعة عصرا"، أي بعد انتهاء الدوام الرسمي" مشيرة الى ان "المنافذ الحدودية التي تخرج عن السيطرة تذهب وارداتها إلى جهات مستحوذة غير رسمية منها جهات سياسية أو عشائرية".
وتقول مصادر مطلعة وأخرى أمنية أن بعض المنافذ تشهد "تهريب العملة والنفط الخام وحتى البشر والأسلحة وسلع مختلفة".
وتضيف، إن "جهاز مكافحة الإرهاب وصل إلى منفذ الشلامجة الحدودي بمحافظة البصرة، لكنه لم يتخذ أي إجراءات بشأن سير العمل في المنفذ".
وهناك جانب آخر لهذا الملف لا يقل حساسية وهو مرتبط بالمنافذ الحدودية التي تديرها سلطات إقليم كردستان، وبالتالي فان في توجهات الكاظمي حول المنافذ، قد تثير خلافا مع حكومة اربيل التي تشرف على منافذ حدودية مع كل من تركيا وإيران، والمعابر التي مع حدود ايران هي حاج عمران وباشماخ وبرويزخان.
وطالما تعهدت حكومة الاقليم استعدادها للحوار مع بغداد بشأن سلطة المنافذ الحدودية بشرط أن "تتمكن فيه الحكومة العراقية من فرض سيطرة فعلية على بقية المنافذ والمطارات والموانئ" وأنها "مستعدة لخوض نقاش قانوني بهذا الصدد يضمن فيه حقوق الكرد".
وتفيد معلومات بأن خلية لإدارة الأزمة يجري تشكيلها لتضم ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والمالية بالاضافة الى جهاز المخابرات، للامساك بملف المنافذ.
ويرى محللون سياسيون وخبراء اقتصاد أن "نجاح الكاظمي في السيطرة على المنافذ وفرض هيبة الدولة عليها، سيكون من بين أهم مفاتيح نجاحه على الإطلاق في موقع رئاسة الوزراء وسيعزز من سمعته على المستوى الشعبي بشكل كبير".انتهى
عمار المسعودي

اخبار ذات الصلة