• Tuesday 28 May 2024
  • 2024/05/28 07:17:51
{بغداد: الفرات نيوز} أحدث القرار المفاجئ بخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بنسبة 23 بالمئة من البنك المركزي العراقي، إرباكاً اقتصادياً غير مسبوق في العراق، وتسبب بتراجع حاد في مفاصل كانت تعتبر المحرك الأساسي للسوق المحلية.

ودخل القرار دخل حيز التنفيذ، الأحد الماضي، وينص على خفض العملة المحلية إلى 1450 ديناراً عراقياً لكل دولار، من 1184 دينارا، ما تسبب بارتفاع في أسعار المواد والسلع بنسب لا تقل عن 25 بالمئة.

وقال عضو اللجنة المالية النيابية، محمد الدراجي، في تصريح صحفي، إن "عملية خفض قيمة الدينار العراقي ستوفر للدولة نحو 10 تريليونات دينار (نحو 6.9 مليارات دولار)".

لكن الدراجي يرى أنه "كان من المفترض أن تتبنى الحكومة إجراءات تسبق تعديل سعر صرف الدينار العراقي".

وأضاف: "لو يتم إنفاق نصف المبلغ الذي سيوفره تعديل سعر العملة لمعالجة الآثار السلبية للقرار، يبقى للحكومة نحو 5 تريليونات دينار (3.45 مليارات دولار) كلفة رواتب الموظفين لشهر واحد".

وبلغ معدل التضخم في العراق واحد بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، على أساس سنوي، وفقا لبيانات البنك المركزي العراقي، ومن المتوقع أن يشهد ارتفاعا ملحوظا بعد خفض قيم العملة المحلية.

و"كان على الحكومة تبني مخصصات مالية، تحت عنوان مخصصات تضخم لمن يقل راتبه الشهري عن مليون دينار (نحو 800 دولار)"؛ بحسب الدراجي.

وشهدت أسعار السلع ارتفاعا خلال الشهر الماضي، بعد أن وصل سعر صرف الدينار إلى مستوى قياسي متدن عند 1310 دينار للدولار في ذلك الوقت.

من جهته، قال النائب عن كتلة الفتح فاضل الفتلاوي، إن "خفض قيمة الدينار إجراء غير مدروس، سيتسبب بارتفاع في أسعار المواد الغذائية في الأسواق".

وذكر أن "المواطن يجب أن لا يتأثر بأي إجراءات مالية تلجأ إليها الحكومة".

بدوره، قال الخبير الاقتصادي علي نعمة، إن "شريحة الموظفين سيتأثرون بشكل كبير بقرار خفض قيمة الدينار العراقي".

وقدّر نعمة خسارة الموظف بحوالي 33 بالمئة من الدخل بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار السلع الأساسية، والتي تستورد من الخارج بالدولار.

وأوضح أن "قطاعات الأدوية والأغذية والقطاعات الأخرى، تأثرت بشكل كبير خلال يومين من تطبيق قرار خفض أسعار العملة المحلية".

وبين: "في العراق لا نحتاج إلى خفض قيمة الدينار، بل نحتاج إلى ضغط النفقات العسكرية والنفقات غير الضرورية، وضبط ملف الجمارك، بالتالي سيتم توفير ما أعلن عن ما سيتم توفيره" بخفض قيمة العملة.

فيما أكد الخبير القانوني طارق حرب ان مجلس النواب لا يمكنه إلغاء قرار تخفيض سعر العملة الوطنية. 

وقال حرب في تصريح صحفي، ان "قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الامريكي لم يصدر من الحكومة الاتحادية انما من البنك المركزي،" مشيرا الى انه "ليس لمجلس النواب رفض قرار تخفيض قيمة العملة الوطنية".

وردا على سؤال هل لمجلس النواب رفض سعر الدينار مقابل الدولار في مشروع قانون الموازنة للعام 2021، شدد حرب على انه تم تحديد قيمة الدينار وانتهى الامر وللموازنة احكام أخرى خاصة بالرواتب واستيفاء الضرائب وما شابهها.

وأضاف أن جميع الهيئات المستقلة التي أقرها الدستور ترتبط بمجلس النواب الا البنك المركزي فهو مستقل،" مؤكدا ان "مجلس النواب لا يستطيع إلغاء القرار ويمكنه الاتفاق مع البنك المركزي ويمكنه استجواب محافظ البنك وإقالته لكن لا يمكنه إلغاء القرار من طرف واحد ولا مجال دستوري لذلك".

وحاول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تطمين جميع هذه المخاوف من قرار رفع سعر صرف الدولار.

وقال الكاظمي خلال مؤتمر صحفي أمس عقب تصويت مجلس الوزراء على مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2021، ان "الموازنة هي موازنة إصلاحية، وتأخذ بنظر الاعتبار حماية ودعم الفئات الضعيفة، وفي المقابل تقلص إيرادات أصحاب الرواتب العالية من السياسيين وأصحاب المصالح، وهذا أحد أسباب الهجمات الإعلامية التي ينال بها هؤلاء من الحكومة".

وأكد ان "الموازنة وفرت الحماية للفئات الفقيرة، كما الموازنة تضمنت ضرائب على كبار الموظفين وحماية صغار ومتوسطي الموظفين، كما ستسهم في دعم الصناعة الوطنية والقطاع الزراعي".

وبين الكاظمي ان "ما حدث بشأن سعر الصرف دليل جديد على مستوى الاستهداف السياسي للحكومة بعد إثارة ضجة إعلامية كبيرة ضدها" مشيراً الى انه "ومنذ سنوات والحديث جار عن فساد مزاد العملة، اذهبوا اليوم الى نافذة بيع العملة، واطلعوا على النشاط المصرفي، ستجدون زيادة في الإيداع بالدينار لثقة الناس به، لاسيما بعد زيادة الفوائد على الودائع بالدينار العراقي".

وأكد رئيس الحكومة العمل "على حماية الأمن الاقتصادي ومواجهة ضعاف النفوس الذين يحاولون التلاعب بالأسعار،" رافضاً "محاولات التلاعب بمشاعر الناس".

وأعلن القائد العام للقوات المسلحة توجيه وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن الوطني باتخاذ جميع الإجراءات، لمنع التلاعب بالأسعار بأي شكل من الأشكال.

وتوقفت بعض المصانع والشركات مؤقتا في بغداد وبعض المحافظات، خصوصا التي تستورد موادها الأولية من الخارج، إثر خفض قيمة العملة المحلية.

وقال فراس جمال، صاحب شركة للأجهزة الكهربائية إن "الوضع الاقتصادي مربك جدا، ولا حلول في الأفق حتى الآن، الاجهزة الكهربائية مستوردة من خارج البلاد بالدولار ويتم بيعها بالدينار العراقي، سنواجه مشاكل كبيرة".

وتابع: "حسب الاتصالات مع الشركات والمصانع الأخرى، فإن العديد منهم فضل غلق باب معمله أو شركته بانتظار ما ستؤول إليه الأمور".

وبررت وزارة المالية العراقية قرار خفض قيمة الدينار بمواجهة الأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد، إثر تراجع أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية، بسبب تداعيات فيروس كورونا.

والعراق، أحد البلدان ذات الاقتصاد الريعي، حيث يعتمد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95 بالمئة من نفقات الدولة.

والأسبوع الماضي، قالت مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية (مؤسسة غير حكومية)، إن مبيعات البنك المركزي العراقي للفترة 2004-2020 بلغت 582 مليار دولار بخسارة قدرت بـ20.7 مليار دولار نتيجة الفرق بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق السوداء.

ويعيش البلد أزمة مالية خانقة، جراء تراجع أسعار النفط بفعل أزمة جائحة كورونا التي شلت قطاعات واسعة من اقتصاديات العالم.

غفران الخالدي

اخبار ذات الصلة